على مدار 20 دقيقة، بثّ الشاب محمد مراد صوف (18 عاماً) الرعب في دولة الاحتلال وأجهزتها الأمنية ومُستوطِنيها، وهو يتنقّل من مكان إلى آخر في واحدة من «أكثر المناطق آمناً»، مُنفّذاً عملية مزدوجة قَتل فيها 3 مستوطنين. وحوّل صوف، المتحدّر من قرية حارس، مستوطَنة «أرائيل» والمنطقة المحيطة بها، والتي تُعدّ من أكبر المستوطَنات في الضفة الغربية، إلى ساحة معركة حقيقية أثناء خوضه مواجهة مع المستوطِنين والجنود، مُوقِعاً في صفوف هؤلاء خسائر كبيرة، قبل أن يرتقي شهيداً. وفي التفاصيل، فقد تمكّن الشاب من طعْن أربعة مستوطِنين عند مدخل المنطقة الصناعية في «أرائيل» ومحطّة محروقات قريبة منها، ثمّ استولى على مركبة نفّذ بواسطتها عملية دهس أدّت إلى إصابة مستوطِن خامس، قبل أن يسيطر على مركبة ثانية ويطعن مستوطِناً سادساً، ويُستشهد أخيراً خلال انسحابه من المكان جرّاء إطلاق قوّات الاحتلال النار عليه. ولخّصت صحيفة «يديعوت أحرونوت» المشهد بأن «المنفّذ خطف مركبتَين وقتل 3 إسرائيليين، وجَرح آخرين»، وأن «العملية كان يجب أن تنتهي بشكل آخر».
وشكّل هجوم سلفيت الفدائي صفعة كبرى للمنظومة الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية، التي كانت قد فرضت حالة تأهّب واستنفار في الضفة، وأثبت من جديد قدرة الفدائيين على اختراق كلّ تلك الإجراءات وفي أكثر الأماكن تحصيناً وأمناً وخضوعاً للمراقبة، وهو أبرز ما يميّز العمليّات الأخيرة، على غرار عمليّتَي شعفاط و«معاليه أدوميم» اللتَين نفّذهما الشهيد عدي التميمي. وأحدثت هذه الصفعة حالة تخبّط وإرباك عاشتها الأجهزة الإسرائيلية طيلة فترة العملية وبعدها؛ فبينما ذكرت، ابتداءً، أن الهجوم نفّذه شابّان فلسطينيان جرى إطلاق النار عليهما وقتْلهما بعدما قام أحدهما بالطعن وثانيهما بالدهس، تراجَعت إثر ذلك لتؤكّد أن ثمّة منفّذاً واحداً. أيضاً، تجلّت تلك الحالة في إطلاق عناصر شرطة الاحتلال النار على أحد المستوطِنين بعد أن ظنّت أنه فلسطيني، في ما بات مشهداً متكرّراً في الآونة الأخيرة، وأحدثُ فصوله قبل يومَين، عندما أطلق جندي النار على مستوطِن في رعنانا في الداخل المحتل لاعتقاده بأنه فلسطيني ينوي تنفيذ عملية طعن، ما أدّى إلى مقتله؛ وقبلها بأسابيع، قُتل جندي بنيران زملائه قرب مدينة طولكرم. ويشي تَكرُّر هذا المشهد بحالة الذعر لدى جنود الاحتلال من العمليات الفدائية، وأيضاً باستسهال إطلاق النار لمجرّد الاشتباه في «فلسطينية» الهدف. يُضاف إلى ما تَقدّم أنه أعقب عملية سلفيت، التي استمرّت لمدّة 20 دقيقة في منطقة مليئة بالجنود والمستوطِنين المسلَّحين، الإعلانُ عن وقوع عملية طعْن أخرى قرب حاجز زعترة، قبل أن يتبيّن أن ثمّة بلاغاً خاطئاً بسبب الوضع المربَك.
الاخبار
**