في انتظار استكمال الخطوات الإدارية والسياسية مع عودة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الى بيروت، أسفرت زيارة الوفد التقني اللبناني لطهران عن إعلان إيران تقديم 600 ألف طن من الوقود الإيراني هبة للبنان، علماً أن تعبير «الوقود الإيراني» التبس على البعض، فيما المقصود به الـ«فيول أويل». إذ إن الوفد اللبناني أبلغ مضيفيه بإمكانية تشغيل بعض المعامل لمدّة خمسة أشهر بـ 100 ألف طن «فيول أويل» و500 ألف طن «غاز أويل»، فيما أعطى المسؤولون الإيرانيون موافقتهم على تقديم 600 ألف طن من الـ«فيول أويل». وهذه الكمية قد لا تكون مطابقة بمواصفاتها لأيٍّ من الفئتين (أ) أو (ب) التي تحدّث عنها وزير الطاقة وليد فياض في الكتاب الذي أرسله إلى السفير الإيراني. ويعني ذلك أن على لبنان أن يجري عملية مبادلة لهذه الكمية بأخرى تحمل مواصفات مطابقة للوقود المستعمل في معملَي دير عمار والزهراني. وبالتالي، فإن الحصيلة ستكون حصول لبنان على نصف الكمية أو أقلّ (كما هي الحال مع الفيول العراقي. إذ يمنح العراق لبنان نحو 80 ألف طن شهرياً، تستبدل بـ 30 ألف طن مطابقة للمواصفات).
المشكلة الأساسية هنا أن إيران، كأيّ دولة في العالم، تريد أن يتم التعامل معها علناً. وبالتالي فإنّ الهبة ينبغي أن تتخذ شكلاً رسمياً، أي أنها تتطلب توقيع مذكرات تفاهم، وقبولاً رسمياً من الطرفين بها، فضلاً عن التعقيدات المتعلقة بعملية المبادلة. ويفترض أن يحاول لبنان إقناع الإيرانيين بمنح الهبة خالصة من عملية التبادل، حتى لا يقع في فخ الشركة التي ستتولى عملية الاستبدال لجهة السمسرات والعمولات، أو لجهة خشية بعض الشركات من التعامل مع بلد مُعاقَب أميركياً.
الكمية التي سيحصل عليها لبنان، وما ستنتجه من ساعات تغذية، مرتبطة بعوامل متغيرة من بينها سعر الفيول أويل وسعر الغاز أويل في السوق الدولية، فضلاً عن القدرة الإنتاجية للمعامل اللبنانية والقدرة التوزيعية في ظل العرض والطلب. فلو كان الأمر في موسم الصيف في ذروة الطلب الاستهلاكي على الكهرباء، لكان يمكن القول إن متوسط عدد ساعات التغذية التي سيحصل عليها كل مسكن أقل من 6 ساعات يومياً بالاستناد إلى كل عمليات التشغيل بواسطة الوقود الإيراني والعراقي وغيره، أما اليوم في فصل الخريف وفي مطلع الشتاء، فإن الطلب سيكون في أدنى مستوياته وربما يصل معدل التوزيع إلى 8 ساعات تغذية بالكهرباء يومياً.
وبمعزل عن النقاش السياسي، من الواضح، بحسب المعلومات، أن الموافقة اللبنانية لم تأت إلا بعد ضوء أخضر أميركي لميقاتي يتيح له قبول هبة الفيول الإيراني. لذا، كان هناك إصرار من ميقاتي نفسه على أن يذهب وفد تقني إلى إيران للاتفاق على المواصفات، رغم أن وزير الطاقة كان قد أرسل كتاباً في 28 تموز 2022 إلى سفير إيران في لبنان يبلغه فيه بحاجات لبنان الشاملة وبمواصفات كل نوع من الوقود الأحفوري المستعمل في معامل إنتاج الكهرباء.
**