تزايدت أمس، بشكل كبير، محاولات التسويق لإيجابية مفتعلة داخلياً بشأن ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، بينما يسود انطباع لدى مصادر لبنانية بارزة بأن هذه الأجواء ليست جدية، بل محاولة للتخفيف من وقع التصعيد الذي فرضه كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أخيراً. وكان لافتاً أن هذه الإيجابية تزامنت مع تسريبات إسرائيلية لـ”اقتراح حل” ملغوم .
المصادر أكّدت لـ “الاخبار” بأن ما يثار من أجواء إيجابية “هدفه التخفيف من التشنّج والإيحاء بأن المسعى الأميركي مستمر وأن احتمالات الحل أكبر من احتمالات المواجهة”. فيما “حتى مساء أمس، كانت المعلومات تؤكّد بأن عاموس هوكشتين لا يحمل أيّ موافقة إسرائيلية على المطالب اللبنانية”، مشيرة إلى أن “الأميركيين أصبحوا جادّين في مسعاهم بعد كلام نصر الله وهم يحاولون إقناع الإسرائيلي بضرورة الاتفاق لأن الحرب ليست من مصلحة أحد”.
ورأت المصادر أن “العدو الإسرائيلي يميل الى السير في اتفاق الاستخراج المشترك والصندوق المشترك، رغم الانقسام الكبير بين القيادتين العسكرية والسياسية، لكن السؤال: هل يقبل حزب الله باتفاق كهذا، أم سيعتبره خطوة في اتجاه التطبيع؟”.
إشادة
وفي سياق مرتبط بحصاد الجلسة التشريعية، عكست مصادر اقتصادية على صلة بصندوق النقد الدولي لـ “الجمهورية” ارتياحاً لما سمّتها اشارة ايجابية تخدم سعي لبنان الى الاتفاق على برنامج تعاون مع صندوق النقد الدولي، والتي تجلّت في خطوة المجلس النيابي اللبناني بإقرار قانون السرية المصرفية كواحدة من الخطوات التي يطلبها صندوق النقد”.
وشددت على ان هذه الخطوة الايجابية ينبغي أن تستكمل سريعاً بإقرار قانون الكابيتال كونترول، وكذلك اقرار خطة التعافي للحكومة، ويؤمَل ان يحصل ذلك في القريب العاجل لا أن يؤجّل ذلك الى ما بعد الاستحقاقات في لبنان.
مجلس القضاء الأعلى يتقصى ملفات أربكت السلطة اللبنانية
علىة صعيد مختلف، يضع مجلس القضاء الأعلى في لبنان يده على ملفّات قضائية أثارت في الأيام الأخيرة بلبلة كبيرة لدى الرأي العام، وأحدثت أزمة سياسية – قضائية ودينية أربكت الدولة، وكشف مصدر قضائي بارز، عن أن مجلس القضاء برئاسة القاضي سهيل عبّود استدعى أربعة قضاة مسؤولين مباشرة عن هذه الملفات للاجتماع بهم كلّ بمفرده، والاطلاع منهم على الوقائع والخلفية التي انطلقوا منها لتحريك دعاوى الحقّ العام وانعكاساتها على الأرض.
وتكتسب لقاءات المرجعية القضائية مع هؤلاء أهميّة خاصة؛ إذ إنها تحسم ما إذا كان المجلس سيوفر غطاءً قانونياً لهذه الإجراءات أم لا، علماً بأن قراره سيرتب نتائج محددة أياً كانت طبيعته، وأوضح المصدر القضائي لـ”الشرق الأوسط”، أن مجلس القضاء الذي يلتئم قبل ظهر اليوم “سيستهلّ لقاءاته بالمدعية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، لسؤالها عن دوافع مداهمتها الأسبوع الماضي لمبنى مصرف لبنان ومحاولة توقيف حاكمه رياض سلامة تنفيذاً لبلاغ بحث وتحرٍ أصدرته بحقّه، وسبب إصرارها على ذلك بما يتخطّى صلاحياتها المكانية ومن دون تنسيق مسبق مع النائب العام الاستئنافي في بيروت”، مشيراً إلى أن الاستماع إلى غادة عون “سيستتبع بلقاء مع المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش، الذي أحبط مهمّتها، ودعاها إلى مغادرة مصرف لبنان فوراً”.
ويتوقّع أن يتخذ هذا الملفّ حيزاً واسعاً من النقاش، وكمّاً من الأسئلة التي سيطرحها عبود على القاضيين، وأفاد المصدر، بأن مجلس القضاء “سيثير مع عون كيفية مداهمة مقر مصرف لبنان وتنفيذ مهمّة خارج نطاقها القانوني ومن دون تنسيق مسبق مع النائب العام في بيروت الذي يقع المصرف المركزي تحت سلطته المكانية، في حين يدافع القاضي رجا حاموش عن قراره بمنعها من تنفيذ مهمّة خارج نطاقها”.
وسيتمسّك حاموش وفق تقدير المصدر القضائي بموقفه وسيدافع عن قراره باعتبار أنه “ليس من صلاحية المدعي العام تنفيذ مذكرة بلاغ البحث والتحري، بل هي من اختصاص الأجهزة الأمنية، كما أن القاضية المذكورة أصرّت على مداهمة مؤسسة رسمية في سابقة غير معهودة بتاريخ لبنان، وعلى فرض أن خطوتها قانونية، فهي لم تطلب إذناً من مدعي عام بيروت، وهذا ما شكّل تجاوزاً لمهامها وتعدياً على صلاحيات نيابة عامة أخرى لها دورها وقرارها”.
ويفترض أن يكون اللقاء الآخر مع النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي زياد أبو حيدر، وعلمت “الشرق الأوسط”، من مصادر متابعة، أن “خلفية استدعائه تنطلق من إحالة النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات ملفّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عليه، وعدم اتخاذ قرار حتى الآن بما إذا كان سيدعي على سلامة بجرائم (التزوير واستعمال المزور والإثراء غير المشروع والاختلاس، وغيرها)، أو يحفظ الملفّ”، لافتاً إلى أن هذا الملفّ “قيد المتابعة داخلياً وخارجياً، وبالتالي على القاضي المعني (أبو حيدر)، أن يتخذ قراراً إما بالادعاء وإحالة القضية على قاضي التحقيق الأول في بيروت، وإما حفظ الملف على أن يبرر أسباب حفظه”.
وتجمع الأوساط القضائية على أن الجلسة الأطول ستكون مع مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، حيث يطلع مجلس القضاء منه على تطورات ملاحقة المطران موسى الحاج، النائب البطريركي وراعي أبرشية القدس وحيفا بشبهة “مخالفة قانون مقاطعة إسرائيل ومساعدة عملاء على نقل أموال من إسرائيل إلى لبنان والتدخل بجرم تبييض الأموال”.