كتبت صحيفة ” الأخبار ” تقول : عام 1956 وبهدف اجتذاب رؤوس الأموال الأجنبية، أصدر مجلس النواب قانوناً لحماية السرية المصرفية مستنسخاً تجربة سويسرا ليلقب بسويسرا الشرق. بعد 66 عاماً تحول هذا القانون إلى حام للفاسدين ومختلسي المال العام، وبات ضرورياً تعديله كون ذلك يعدّ شرطاً أساسياً من شروط صندوق النقد الدولي
يسلك تعديل قانون سرية المصارف رحلته الأخيرة، اليوم، في جلسة لجنة المال والموازنة النيابية، قبل أن ينتقل إلى الهيئة العامة للتصويت عليه. التعديلات التي أعدّتها اللجنة بالتعاون مع نقابة المحامين في بيروت، في حال إقرارها، تتضمن سحباً للصلاحيات الحصرية من يد هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان وتضعها في تصرف القضاء والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والإدارة الضريبية. وبمعزل عن الحملة التي تشنّها المصارف ووسائل إعلامها، منذ أسبوع، حول «ضرب آخر أسس الثقة بالقطاع المصرفي»، فإن تعديلات كهذه ستنهي حقبة كاملة من الأمجاد الوهمية التي بنيت عليها تسمية «سويسرا الشرق» منذ 66 عاماً. فما كان يحصل بالفعل، أطاح بالإنتاج المحلّي والموارد لصالح تحويل الدولة إلى «جنّة» للمتهربين من الضرائب والفاسدين من نافذين وسياسيين وكل من يبحث عن حماية مقوننة لأمواله المتأتية من فساد أو اختلاس أو إساءة استخدام نفوذ، أو أي أعمال غير مشروعة.
تعديل قانون سرية المصارف لا يعني كشف حركة الحسابات المالية عشوائياً واستنسابياً كما يروّج المصرفيون. إذ إن رفع السرية المصرفية مرتبط بتحقيقات تقوم بها السلطات القضائية أو غيرها من المراجع المختصة المحدّدة، في حال إثبات شبهات فساد أو جرائم مالية أو تهرب ضريبي وغيره، وهي لا تشمل المودعين العاديين أو الأجانب. فمن موجبات هذه التعديلات، أن القانون بصيغته الحالية، شكّل في السنوات الثلاث الأخيرة التي أعقبت الانهيار، رادعاً أمام طلب القضاء الكشف عن حسابات مالية لمتورّطين بالفساد أو تجميدها. إذ دأبت هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان، صاحبة الصلاحية الحصرية في البت بمواضيع مماثلة، على رفض التعاون مع السلطات القضائية وغيرها بحجة عدم استقلالية القضاء أو تسييس الملف. علماً بأن رئيس الهيئة ليس هو حاكم مصرف لبنان رياض سلامة نفسه.
هكذا استُخدم قانون السرية المصرفية لتغطية كل موبقات الطبقة الحاكمة وأزلامها بحماية مصرفية ونيابية ما زالت مستمرّة حتى الساعة. وثمة خشية من أن يتمكّن اللوبي المصرفي – النيابي من الحؤول دون إقرار هذه التعديلات في جلسة اليوم أو إفراغ التعديلات من مضمونها المطلوب.
**