كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: قبل أيام على وصول الوسيط الاميركي في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و”اسرائيل” عاموس هوكشتاين الى لبنان وجّه الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله رسالتين الى الداخل اللبناني، حيث اعتبر انّ الثروة النفطية والغازية هي ثروة وطنية على الجميع تَحمّل المسؤولية للحفاظ عليها والمباشرة في استثمارها لتمكين لبنان من الخروج من الانهيار الاقتصادي والمالي والمعيشي السائد. امّا الرسالة الثانية فكانت تحذيرية لـ “اسرائيل” من التنقيب واستخراج الغاز من حقل كاريش المتنازّع عليه بينها وبين لبنان، مستغرباً كيف انه مسموح لها ولليونان وقبرص وتركيا حق استخراج النفط والغاز من البحر المتوسط وممنوع على لبنان وسوريا، داعياً السفينة اليونانية الى الانسحاب من المنطقة حتى لا تعتبر والشركة التي تملكها مشاركة في «الاعتداء» على حقوق لبنان، مُرحّباً بتوَلّي الجيش مهمة التصدي للاعتداء الاسرائيلي على هذه الحقوق، ومؤكداً انّ المقاومة لن تقف مكتوفة الأيدي. وينتظر ان تثير مواقف نصرالله ردود فعل داخلية وخارجية ستسبق وصول هوكشتاين الاثنين المقبل، والذي يفترض ان تكون مهمته توفير المناخ اللازم لاستئناف مفاوضات الناقورة لترسيم الحدود البحرية المتوقفة منذ العام الماضي.
وفي انتظار وصول هوكشتاين مساء الاثنين المقبل حسب معلومات «الجمهورية»، اكد رئيس الجمهورية ميشال عون انّ «معالجة ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية تنطلق من المحافظة على مصلحة لبنان، وعلى حقوقه في مياهه وأرضه، وأن هذا الملف الذي يندرج في إطار المفاوضات الدولية هو من صلب مسؤوليات رئيس الجمهورية استناداً الى المادة 52 من الدستور».
وقال عون خلال استقباله أمس وفداً من سفراء دول الشمال ضَمّ سفراء الدانمارك Merete Juhl، النروج Martin Yttervik، فنلندا Tarja Fernandez والسويد Ann Dismorr، انه سيواصل جهوده «للوصول الى نتائج إيجابية في ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية لا سيما مع مجيء الوسيط الأميركي الى بيروت مع بداية الأسبوع المقبل». وقال: «سنطلب من هوكشتاين استئناف مساعيه لإعادة تحريك المفاوضات غير المباشرة خصوصاً ان لبنان يريد من خلال هذه المفاوضات ان يتمكن من استثمار ثروته النفطية والغازية في المياه اللبنانية وأن يحافظ على الاستقرار والأمن في المنطقة الحدودية».
بعبدا تنتظر
وليلاً، أكدت مصادر في رئاسة الجمهورية أنه «لم يتم إعداد أي رَد مكتوب على مقترح هوكشتاين، وسندلي بملاحظاتنا شفوياً، ونحن من يقرر إذا كنّا سنتقدم لاحقاً برد كتابي أم لا، فهذا قرار لبناني، وليس هو من يُملي علينا ماذا نفعل». ولفتت إلى أنّ «لبنان على استعداد لتسهيل مهمة هوكشتاين المكوكية، كوسيط نزيه وفق «اتفاق الإطار». فلبنان مُصرّ على بقاء الخط 23 مستقيماً مع تعرّج يمنح لبنان حقل قانا كاملاً».
برنامج زيارة هوكشتاين
وعلمت «الجمهورية» انّ هوكشتاين سيلتقي عددا من المسؤولين في منزل نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب في الرابية، قبل ان يجول على المسؤولين ابتداء من الثلاثاء المقبل حيث من المقرر ان يلتقي رئيس الجمهورية وكلّاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي.
مواقف لهوكشتاين
ونقلت قناة «الجزيرة» القطرية عن هوكشتاين امس قوله: «نأمل في عودة المفاوضات بين إسرائيل ولبنان لمنع أي تصعيد، وانهيار لبنان لن يكون في مصلحتنا ولا في مصلحة المنطقة».
كذلك نُقِل عن هوكشتاين قوله عبر بعض وسائل الاعلام «أنّ لبنان حصل على «موافقة مسبقة» في ما خصّ العقوبات لاستجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سوريا».
نصرالله والخيارات المفتوحة
في هذه الاجواء اطلّ السيد نصرالله عبر قناة «المنار» مساء امس متحدثاً عن ملف ترسيم الحدود البحرية والتطورات المتعلقة بوصول الباخرة انرجين باور اليونانية لإستخراج الغاز من حقل كاريش لمصلحة اسرائيل، معتبرًا أن «لبنان دخل اليوم في مرحلة جديدة، وأصبح أمام استحقاق كبير ومهم ودائم، بعد وصول السفينة اليونانية التي مهمتها، ليس الحفر والتنقيب، بل أتت للاستخراج والانتاج».
وأعلن أنّ «المقاومة لا تتحدث عن خط مُتنازع عليه أو غير ذلك، والدولة هي المسؤولة عن ذلك». وخاطبَ اللبنانيين بالقول: «لقد أصبحنا جميعنا أمام ملف يجب أن يتحول الى قضية وطنية، وأن تكون هذه القضية قضية كل لبناني بمعزل عن اي توصيف أو عن خطه السياسي أو المناطقي او الطائفي». وأكد أن «القضية وطنية لأنّ الثروة النفطية ثروة وطنية وهائلة، وهذه الثروة هي الأمل الوحيد لإنقاذ لبنان ومعالجة أزمته المعيشية».
وشدد على «ضرورة حماية هذا الكنز العظيم، والعمل من اجل التنقيب والاستخراج، والاستفادة القصوى»، لافتاً إلى «مجموعة من المخاطر التي تواجه هذه الثروة النفطية، أوّلها السعي الاميركي والاسرائيلي الدؤوب إلى سَلخ مساحة كبيرة جدا من هذه الثروة اللبنانية، أما الخطر الثاني فله علاقة بمَنع لبنان من التنقيب من خلال منع شركات تقدمت وتم تلزيم العمل لها لكنها تلقّت تهديدات اميركية واسرائيلية»، ملمّحاً الى تسهيل التنقيب لدول تركيا وقبرص واليونان واسرائيل، في حين أنه ممنوع على لبنان وسوريا. وأضاف: «أما الخطر الثالث فله علاقة بالوقت، والاسرائيلي بات قريبا من حقل كاريش المنطقة المتنازَع عليها، وهذا يعني أن اسرائيل هي التي ستستخرج، وأن أي تأخير في التنقيب ليس من مصلحة لبنان». ودعا الجميع الى «تحمّل المسؤولية الوطنية والخلقية».
واشار نصرالله الى انّ «هناك أناساً لديهم موقف من سلاح المقاومة ويقولون: نؤيّد عمل المقاومة عسكرياً ضد الاسرائيلي بموضوع السفينة وكاريش بشرط ان يقوم الجيش بهذا الأمر (…) لا مانع لدينا بهذا الكلام ونحن الى جانب الجيش. إنجاز ان يحصل هذا الموضوع لمَن يقوم به، المقاومة واجبها حماية لبنان، ثانياً المقاومة المُقتدرة التي هي هكذا لا تستطيع أن تقف مكتوفة أمام نَهب ثروات لبنان ونَهب كنز لبنان والأمل الوحيد للشعب اللبناني». وأكد ان «كل الخيارات مفتوحة امام المقاومة». ودعا اسرائيل الى التوقف عما تقوم به في حقل كاريش لأنه «حقل واحد ومشترك». وقال: «على العدو ان ينتظر نتيجة المفاوضات كما ينتظر لبنان نتيجة المفاوضات، ويجب على الشركة اليونانية واصحابها ان يعلموا أنهم شركاء في الاعتداء على لبنان في الذي يحصل الان وهذا له تَبعات، وعليها أن تسحب السفينة فوراً ولا تتورّط بهذا العدوان والاستفزاز على لبنان، ويجب ان تتحمل المسؤولية كاملة من الآن عمّا قد يلحق بهذه السفينة مادياً وبشرياً». واعتبر انّ المفاوضات هي «مسؤولية الدولة ورئيس الجمهورية، و»حزب الله» ليس طرفاً ولن يكون شريكاً او جالساً على طاولة مفاوضات. نعم نحن سنتابع الوضع، كمقاومة من حقنا القيام بما يلزم لجمع المعلومات المطلوبة لأيّ خيار سيُتّخذ أو سنلجأ اليه، سنتابع ونبني على الشيء مقتضاه».
واضاف نصرالله: ماذا تقول اميركا واسرائيل للشعب اللبناني؟ هذه منطقة متنازع عليها سنستخرج منها هذا الكنز ولا حق لكم ان تفتحوا فمكم، وفي المناطق غير المتنازع عليها لا استخراج للنفط، يعني بَدنا نمَوّتكُم جوع. هم يدفعون البلد الى الجوع والمجاعة لا الى الاقتتال السياسي، ولا نسمح بحرب أهلية في لبنان، في الحرب الأهلية بالنهاية يصبح هناك خطوط تماس، ولكن في المجاعة لا احد يسير في الشارع، أميركا واسرائيل بسياستهما يريدان أخذ لبنان الى الجوع».
الاستشارات الملزمة
وعلى وقع المطالبة بالاسراع في الدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها رئيس الجمهورية لتسمية من يكلفه تشكيل الحكومة، علمت «الجمهورية» انّ عون سيوجّه الدعوة الى هذه الاستشارات في مطلع الأسبوع المقبل على ان تكون مبدئياً ليومين في النصف الثاني من الأسبوع المقبل.
وقبل ايام على خطوته رَدّ رئيس الجمهورية على أسئلة سفراء دول الشمال الأوروبي الاربعة الذين التقاهم امس، وأوضح انّ «المسار الديموقراطي سوف يستمر في الأيام المقبلة من خلال الاستشارات النيابية لتكليف شخصية لتشكيل الحكومة الجديدة التي يفترض ان تنال ثقة مجلس النواب وتباشر العمل في معالجة القضايا الملحة، لا سيما الوضع الاقتصادي وخطة التعافي والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي يتوقّع ان تؤمّن للبنان قروضاً تساعده على تجاوز الظروف الصعبة التي يمر بها».
ميقاتي في الاردن
في غضون ذلك يقوم رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي بزيارة للأردن منذ امس الاول، وقد استقبله أمس رئيس الوزراء الاردني الدكتور بشر الخصاونة.
وافاد بيان لرئاسة الحكومة الاردنية انّ الرئيسين «أكّدا الحرص على العلاقات المتميزة بين البلدين وعلى تعزيز التعاون الثنائي المشترك في المجالات كافة بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين»
وأكد الخصاونة «دعم الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني للبنان الشقيق لمواجهة التحديات وتعزيز استقراره»، فيما عبّر ميقاتي «عن شكره واعتزازه بمواقف جلالة الملك عبدالله الثاني الداعمة للبنان في مختلف المحافل»، مؤكداً «الحرص على تعزيز العلاقات الثنائية مع الأردن في المجالات كافة».
ممثّل مقيم
من جهة ثانية أعلن المتحدث باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس امس أنه تم تعيين ممثل مقيم جديد للصندوق في لبنان لمتابعة المسائل والمجريات التي ستحصل بين لبنان والصندوق، وهو سيواصل المحادثات في شأن برنامج إصلاح اقتصادي»، كاشفاً عن أن وفداً من الصندوق سيزور بيروت قبل نهاية الشهر الحالي.
وتأكيداً لمضمون الاعلان الرسمي، افادت معلومات ترددت في بيروت ظهر امس انّ بعثة صندوق النقد الدولي برئاسة أرنستو ريغو راميريز ستصل الى بيروت قبل نهاية الشهر الجاري بأيام قليلة، وهي تضمّ الممثّل المقيم الجديد للصندوق في لبنان بعد مرور 10 سنوات على انتهاء ولاية الممثل الدائم السابق. وسيقوم راميريز بتعريف الممثل الجديد على المسائل الإدارية وكل ما يتعلق بأي اتفاق قد يحصل بين الدولة اللبنانية والصندوق.
وقالت المعلومات انّ الدراسات والمَشورات والمساعدات الفنية والإدارية التي يقدّمها صندوق النقد للدولة اللبنانية متعددة ومتنوعة ولا تقتصر على المفاوضات الاخيرة بعد التعثر المالي والنقدي، وانّ الصندوق يعدّ حالياً دراسة حول آلية تسديد متأخرات الدفع التي في ذمّة الدولة اللبنانية ومؤسساتها العامة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: مؤسسة كهرباء لبنان، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
كذلك من البديهي أن يتمّ اطلاع الممثل الجديد على تفاصيل مضمون الاتفاق التقني ما بين لبنان والصندوق.