لفتت مصادر مواكبة للتّحضيرات الانتخابيّة، لصحيفة “الجمهورية”، إلى أنّ “تركيز المشكّكين بإمكان إجراء الانتخابات النيابية، مُنصَبّ على ثلاثة احتمالات: الأوّل، معيشي، في ظلّ كلام غير بريء ما زال يطلق في الكثير من الاوساط، وينسج روايات ويخوّف من سيناريوهات مُرعبة قد تعيد إشعال الشارع بطريقة غير مسبوقة، اولى ضحاياها الانتخابات”.
وأوضحت أنّ “الثاني، تقني ومالي ولوجستي واساسي وجوهري، فالانتخابات لا يمكن ان تحصل ان لم تكن كل ادواتها مُنجزة، واذا ما سلّمنا انّ التجهيزات والقرطاسية وما اليها جاهزة، فماذا عن العامل الاساس وهو الكهرباء، فالانتخابات بالحد الادنى تتطلب تغذية 24 على 24 في كل المناطق التي تحوي مراكز وأقلام اقتراع، بدءًا من ليل 14 ايار ولغاية 16 ايار، اي الى حين انتهاء عمليات فرز الاصوات”. وتساءلت: “هل في الامكان ان تجري انتخابات بلا كهرباء؟ ومن اين ستتأمّن الكهرباء في ظل الافلاس الكهربائي الذي يعانيه لبنان؟ وهل في مقدور وزارة الطّاقة أن تؤمّن الكهرباء لمراكز الاقتراع، وكيف؟ ومن أين؟ هل ستستعين بأصحاب المولدات؟ فمَن سيدفع الكلفة، وكيف؟ ومن أين؟”.
وفسّرت المصادر أنّ “الثالث، تقصّد الحديث في اوساط سياسية مختلفة عن حسم مُسبق لنتائج الانتخابات، وترويج اكثرية موصوفة لـ”حزب الله” وحلفائه في المجلس النيابي الجديد، ما يعني التحكّم بالحكومة الجديدة وانتخابات رئاسة الجمهورية في الخريف المقبل”، سائلةً: “هل هذا الترويج عامل مسهّل للانتخابات؟ ام أنه فتيل سيتمّ إشعاله في لحظة معينة لتطيير الانتخابات، خصوصاً ان هذه النتيجة إن صحّت، فهي مُحبطة لقوى خارجية وداخلية ارادت الانتخابات فرصة لإحداث تغيير انقلابي في الخريطة النيابية، يفرز ادارة سياسية جديدة للبلد على أنقاض الادارة السياسية الحالية المتهمة بإغراق البلد في وحول الازمة؟”.
في السياق، ابلغت مصادر حكومية الى “الجمهورية” قولها إنّ “التحضيرات ليوم الانتخابات تجري في مسارها الطبيعي. ولم تتأثر بالتحليلات والتفسيرات التي يجري إسقاطها على المشهد الانتخابي، وتزرع شكوكاً حول امكان إجراء الانتخابات”، مؤكّدةً أنّ “بمعزل عن دقة هذه التحليلات والتفسيرات أو عدمها، الا انها مسيئة ومُربكة للواقع الانتخابي، لكنها لن تتمكن من تعطيله”.
وركّزت على أنّه “ليس خافياً على احد انّ هذه الشائعات نابعة من قراءات سوداوية للواقع اللبناني تفترض قدوم البلد على سيناريوهات دراماتيكية على المستوى المعيشي وغير ذلك، وكذلك هي نابعة من هواجس دفينة لدى بعض الاطراف التي لا تريد انتخابات تُمنى بهزيمة موصوفة فيها. خلافاً لكل حساباتها وتقديراتها التي رَوّجتها على مدى اكثر من سنتين بأنّ النصر سيكون حليفها”. وأشارت إلى ان “بمعزل عن كلّ ذلك، فإنّ الحكومة ملتزمة اجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ووزارة الداخلية أنجزت ما عليها، والجهوزية كاملة لبلوغ يوم الانتخابات في جَو من الهدوء والاستقرار”.
تعطيل الانتخابات ممنوع
أكد مرجع سياسي مسؤول، في حديث إلى صحيفة “الجمهورية”، “أنني أميل الى الاعتقاد بأنّ نسبة اجراء الانتخابات اعلى بكثير من عدم اجرائها. ومع ذلك في حالتنا الراهنة، وفي هذه «الخبيصة السياسية» غير المفهوم أوّلها من آخرها، اعتقد انّ القلق على الانتخابات واجب. لأنّ هناك متضررين منها، ولا احد يعلم ما يمكن أن يُسحب من الجعَب المخفيّة، في آخر لحظة”.
وبيّن أنّه “قبل ان نسأل عن تعطيل الانتخابات، يجب ان نسأل عمّن يستفيد من هذا التعطيل، انا أجزم ان لا طرف داخلياً له مصلحة في تعطيل الانتخابات، حتى لو كانت نتائجها على غير ما يشتهي. كلنا مستفيدون من الانتخابات الرابحون والخاسرون على السواء، لأنها يمكن ان تشكل فرصة لعودة الاستقرار واعادة وضع لبنان على سكة الانقاذ”.
السياديون ينفون
في هذا الوقت، أبلغت مصادر تصنّف نفسها سيادية الى “الجمهورية”، أن “الجهة الوحيدة الساعية الى تعطيل الانتخابات هي “حزب الله”، لافتة الى انّ “اتهام القوى السيادية والتغييرية بالسعي لتعطيل الانتخابات هو اتهام وَقح من قبل جهات تحاول ان تغطي هروبها من الانتخابات بمحاولة إلصاق تهمة السعي الى التعطيل بالقوى السيادية. وقالت: نحن ماضون في المعركة مع حلفائنا، ونحن على ثقة بأنّ “الامر الواقع” القائم حالياً لم يبق على ما هو عليه”.
“حزب الله”: سننتصر
شدّدت مصادر “حزب الله” لـ”الجمهورية”، على “أننا سبق وأكدنا وكرّرنا انّ “حزب الله” أكثر المستعجلين على الانتخابات في موعدها، فنحن لسنا قلقين كغيرنا منها، بل بالعكس نحن متحمسون لإجرائها، فنحن نثق بجمهورنا، مشكلة غيرنا انه خَدع جمهوره وركب موجة حراكاته، والنتيجة حصدها باكراً بأنّ هذا الجمهور انكفأ عنه.
الأوروبيون حذرون
في هذه الاجواء، أفادت مصادر دبلوماسية من باريس الى “الجمهورية”، بأن “الملف الانتخابي في لبنان محل متابعة ورصد على مستوى دول الاتحاد الاوروبي، وعكست ارتياحاً لمسار التحضيرات الجارية، والالتزامات الرسمية بإنجاز العمليات الانتخابية في موعدها”. ورفضت “الاتهامات التي تسوقها جهات لبنانية بحق جهات دولية، تتهمها بالسعي الخفي الى نسف الانتخابات في لبنان، كونها لن تحقق النتائج المرجوة منها، ولن تحدث التغيير الذي رُفع لواؤه منذ 17 تشرين الاول 2019، بل ستعيد اكثرية جديدة لمصلحة “حزب الله” وحلفائه”.
وأشارت إلى أنّ “بالتأكيد ان المجتمع الدولي ومن ضمنه دول الاتحاد الاوروبي وقف الى جانب الشعب اللبناني، ويريد ان تراه يخرج من الازمة التي تعصف بلبنان، وهو بالتالي ليس معنياً بكل ما يُقال من هنا او هناك، بل ان ما يعني اصدقاء لبنان هو انه امام فرصة جدية لإعادة ترتيب وضعه الداخلي والانتقال الى سكة الخروج من الازمة، عبر انتخابات تجري في موعدها وشرطها الأساس النزاهة والحياديّة وعدم ممارسة اي ضغوط على الشعب اللبناني. وتنبثق عنها حكومة جديدة تأخذ على عاتقها الايفاء بالتزامات لبنان بإجراء الاصلاحات ومكافحة الفساد.
الصندوق يوقّع ويغادر
ذكرت الصحيفة أنّه “يُنتظر ان يتم اليوم التوقيع الأولي بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي، على ان يغادر الوفد بيروت غداً عائداً الى الولايات المتحدة الاميركية. وكان وفد الصندوق قد عقد لقاء ثانياً امس مع وفد الهيئات الاقتصادية”.
وكشفت أنّ بحسب معلومات موثوقة لـ”الجمهورية”، فإنّ “التوقيع سوف يتم على خطوط عامة واضحة، ولكن ليست تفصيلية”. وأوضحت المعلومات ان “على اساس هذه الخطوط العامة، سيبدأ الصندوق في إجراء دراساته، وكيفية تسريع الخطى مع الجانب اللبناني، خصوصاً انّ اكثر من مئة دولة تعاني التعثّر، تنتظر دورها لعقد برامج تعاون مع صندوق النقد الدولي”. وركّزت على أنّه ” بعد أن يأخذ وفد الصندوق الموافقة المبدئية من ادارة صندوق النقد، سيعود الوفد الى لبنان لتوقيع برنامج التعاون رسمياً. وبعد ان يوقّع لبنان بأسبوعين يوقّع مجلس ادارة صندوق النقد ويبدأ البرنامج ويدخل حيّز التنفيذ”.
وشرحت المصادر انّ “البرنامج المنتظر هو على اربع سنوات، والمبلغ الذي سيقرض الى لبنان هو بحوالى 4 مليارات دولار، مقسّم على اربع سنوات. والاساس فيه انه خاضع للمراجعة والتدقيق كل ثلاثة اشهر، لما تم إنجازه من الوعود والالتزامات اللبنانية ولا سيما حول الاصلاحات، والقوانين المرتبطة ببرنامج التعاون وتحديداً الكابيتال كونترول ورفع السرية المصرفية، والموازنة الفعلية لا الرقمية، واعادة تنظيم القطاع المصرفي… اما الشرط الجزائي الكبير فهو انه عند أي اخفاق او تخلّف خلال الثلاثة اشهر، يتوقف البرنامج ويتوقف الدفع”.