ما كان متوقعاً، شهدت سوق الصرف أمس زيادة في الطلب على الدولار، إن كان لدى المصارف تماشياً مع التعميم 161 الذي يجيز شراء الدولارات منها على سعر صرف منصة صيرفة (20200 ليرة مقابل الدولار)، أو لدى الصيارفة، وذلك نتيجة الحاجة الملحّة للاستيراد على مختلف الاصعدة ولدى كافة القطاعات التي تسعى لتأمين مخزون كاف في سباق مع ارتفاع اسعار المواد الاساسية والغذائية والصناعية عالمياً، بشكل صاروخي.
أدّى الواقع المستجدّ الذي فرضته تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا الى «زعزعة» الاستقرار السائد في سعر صرف الليرة والذي نجح مصرف لبنان أخيرا في توفيره منذ حوالى الشهرين، بفضل التعميم 161 الذي أمّن الدولارات من دون سقوف محددة للمصارف من اجل بيعها لكلّ من ينجح في «لمّ» السيولة النقدية بالليرة من السوق. وقد انفردت منصة صيرفة في النتيجة، في تحديد سعر الصرف في الفترة الاخيرة في السوق عند مستويات مستقرّة نوعاً ما عند حوالى 20 الف ليرة مقابل الدولار.
في تفاصيل ما أدّى الى تداول وإشاعة هذا الخبر الذي إن لم يكن اليوم صحيحا، قد يصبح بعد شهر واقعاً، ان بعض المصارف لم يستطع تلبية الطلب الكبير على الدولار امس، بسبب نفاد الكوتا المحددة له يوميا، أي الدولارات التي يؤمّنها له مصرف لبنان وفقاً لحجم السيولة النقدية التي يسلّمه ايّاها المصرف المعني في اليوم السابق. وبالتالي، قصد بعض التجار المصارف لشراء الدولارات على سعر منصة صيرفة كالعادة، ليتفاجأوا بأن الدولارات لم تعد متوفرة. ولكن هذا الامر لا يعني ان مصرف لبنان أوقف العمل بالتعميم 161، بل يؤشر، حالياً، الى ارتفاع في الطلب على الدولار، فاق قدرة المصارف على تلبيته امس، ما اضطرّ التجار الى التحوّل نحو السوق السوداء لشرائه، مما ساهم في ارتفاع سعر الصرف ليتخطّى 22 الف ليرة مقابل الدولار.
في المقابل، أكدت مصادر مصرفية ان بعض البنوك بدأ في «غربلة» التجار، أي في اعطاء الاولوية لتجار المواد الاساسية والحيوية المعنيّة بالأمن الغذائي، حيث تتم تلبية حاجاتهم من الدولارات قبل الزبائن الآخرين او قبل تجار ومستوردي المواد المصنّفة من الكماليات. وتوقعت المصادر ان تؤدي البلبلة التي أثيرت امس الى تهافت على شراء الدولارات من مختلف المصادر، ولو بأسعار تفوق سعر «صيرفة»، نتيجة التكهنات، ولو المغلوطة، في امكانية توقف مصرف لبنان عاجلا أم آجلا عن توفير الدولارات، وبالتالي معاودة سعر صرف الدولار التحليق مجددا الى مستويات قياسية جديدة، سيلحقه حتماً سعر منصة صيرفة.
المصدر:”الجمهورية – رنى سعرتي”
**