كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: الحدث أمس، كان الاختراق الكهربائي للعاصفة المناخية القاسية التي تضرب لبنان ثلوجا وأمطارا غزيرة، والذي تمثّل بتوقيع لبنان لاتفاقيتين مع الاردن وسوريا لتزويده بالطاقة الكهربائية من الاردن تمر عبر الاراضي السورية، لما يؤشّر، إن صدقَ وعد وزير الطاقة وليد فياض، الى زيادة في ساعات التغذية بعد نحو شهرين، على أن تزيد التعذية الكهربائية الحالية بمعدّل ساعتين ونصف الساعة. وعلى اهمية هذا الحدث الذي إن قيض هاتين الاتفاقيتين ان تأخذا مسارهما الطبيعي من دون معوقات او معطلات ادارية او مقصودة، فإنهما تحققان، او بشكل ضيّق ومحدود، ما يتوخاه لبنان في المجال الكهربائي، الا انه لم يحجب إرباكات الداخل وارتدادات الذي اتخذه الرئيس سعد الحريري بمغادرته الحياة السياسية وعدم المشاركة وتيار المستقبل في الانتخابات النيابية في أيار المقبل.
وعلى ما هو واضح في المشهد السياسي، فإنّ القوى السياسية المربكة في مجملها من قرار الحريري، تجد صعوبة في رسم معالم المرحلة المقبلة، في ظل صورة مبهمة تعاني اهتزازا سياسيا لم تألف مثله من قبل، يصعب معه تقدير أي تحوّلات ستلفها، وفي أي اتجاه، وكذلك تقدير أي اصطفافات ونوعها وحجمها، قد تتولّد عنها في الفترة السابقة للاستحقاق الانتخابي في الربيع المقبل.
إحباط سنّي
فالمشهد الداخلي، على ما تعكسه اجواء ما بعد قرار الحريري، يغلي بالاحتمالات، والصالونات السياسية على اختلافها طافحة بالسيناريوهات المتشائمة، ربطاً بالصورة السنيّة المصدومة في معظمها، والتي يخيّم الإحباط على مستوياتها.
ومن وحي تلك السيناريوهات التي تفترض قيام مشهد جديد وقواعد اشتباك او التقاء داخلية جديدة، وخلط اوراق السياسات والتحالفات تفضي الى توازنات جديدة على أنقاض صيغة التوازنات القائمة حاليا، تبرز ما تبدو أنها خشية جدية من أن مفاعيل قرار الحريري قد لا تكون مؤجّلة النفاذ حتى الاستحقاق الانتخابي بعد اربعة أشهر، إذ ليس من المستبعد على الإطلاق أن تكون المفاعيل آنية، وفورية النفاذ، بمعنى أن قرار الحريري بات في حكم النافذ منذ الآن، بحيث أنه قد يترجم بانكفاء كتلة المستقبل النيابية وتعليق نشاطها المجلسي والانقطاع عن المشاركة في جلسات اللجان النيابية والجلسات العامة لمجلس النواب. ولهذا الامر إن حصل فعلا تداعيات مجلسية خصوصاً ان كتلة المستقبل ترأس ثلاث لجان نيابية، وتحتل موقع المقرر في لجنتين نيابيتين، ولها اعضاء في كل اللجان النيابية الى جانب عضو في هيئة مكتب المجلس النيابي وعضو في المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. ما تجدر الإشارة اليه في هذا السياق، أنّ جلسة للجان المشتركة؛ المال والموازنة والادارة والعدل والاقتصاد، كان مقررا ان تعقد يوم امس، الا انها تعطّلت، وتم تحديد موعد جديد لانعقادها في 31 من الشهر الجاري.
هل يتعدّل القرار؟
وفي الوقت الذي تتزايد التكهنات السلبية حول مصير الانتخابات النيابية في الربيع، جرّاء خروج الحريري وتيار المستقبل من المشهد الانتخابي، بالتوازي مع حديث يتردد في بعض الاوساط عن ان الحريري سيستقر نهائيا في دولة الامارات العربية المتحدة، فإنه في موازاة ذلك، تتسارع التأكيدات لدى اكثر من مستوى سياسي ورسمي لإجراء الانتخابات في موعدها وعدم تأجيلها تحت اي سبب او عذر او ذريعة.
واللافت للانتباه في هذا المجال، أنّه على الرغم من الحسم الذي اطلق فيه الحريري قراره، الا انّ بعض المستويات السياسية تخالف كلّ ما هو سائد من روايات في الداخل والخارج، واحاديث عن فيتوات اقليمية فرضت انكفاء الحريري وتياره السياسي، حيث أنّها لا تقطع الأمل في امكان بروز ظروف جديدة في المرحلة المقبلة، من شأنها أن تعدّل من موقف الحريري. ذلك ان السياسة متحركة ولا شيء ثابتا فيها.
وفي هذا السياق، أبلغت مصادر سياسية مسؤولة إلى “الجمهورية” قولها إن ما استجد لا ينبغي التسليم به واعتباره امرا مقضيا، بل الاساس الذي يجب ان يبقى هو ابقاء التوازن الداخلي على ما هو، ومن هنا فإن الحفاظ على هذا التوازن، ومنع أي اخلال فيه يصيبه، يوجبان أن يُعمَل من الآن على قاعدة ان الصورة السياسية الداخلية لا تكتمل الا بوجود الحريري وتياره السياسي في الحياة السياسية، وبالتالي العمل على جعل هذا القرار قابلاً للتعديل والتراجع عنه. لا شك أن هذا الامر صعب، ربطا بإصرار الحريري عليه حاليا، الا انه ليس مستحيلا إن جرى الركون الى الضرورات الوطنية التي تحتّم تعديلا في المواقف.
واذا كان بعض الاطراف قد اعتبروا خروج الحريري فرصة لوراثته سياسيا ونيابيا، وقد بدأت بعض الاصوات ترتفع في اتجاه القول ان خروجه من الساحة ليس نهاية الدنيا، فهو اتخذ قراره، وهو يتحمل مسؤوليته. ولا يجوز تحميل البلد وزر هذا القرار وتبعاته وتداعياته. فيما بدأت قوى سياسية في مغازلة قاعدة تيار المستقبل وتوجيه الدعوات لها للتنسيق الانتخابي. ويأتي ذلك بالتزامن مع بيان الناطق باسم الخارجية الفرنسية الصادر امس الاول، الذي كان لافتاً للانتباه في مضمونه الذي حمل دعوة غير مباشرة الى تجاوز انكفاء الحريري والتعامل معه كمسألة شخصية، حيث اعتبر ان قرار الرئيس الحريري “يعود له، ونحترمه ولا يعود لنا التعليق عليه. ويجب ألا يؤثر ذلك في ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية اللبنانية في موعدها المقرر في 15 أيار، بشفافية وحيادية”.
مشاورات تلي القرار
الى ذلك، علمت “الجمهورية” ان الساعات الثماني والاربعين الماضية قد شهدت سلسلة لقاءات ومشاورات سياسية، ونقاشات حزبية على غير صعيد، لتقييم تداعيات قرار الحريري وتقدير خلفيات وابعاد هذا التطوّر.
وبحسب المعلومات الموثوقة، فإن التقدير الأولي يشوبه حذر شديد من خطوة الحريري، على ما كشف مطلعون على اجواء المشاورات. وتبعاً لذلك، تعرب مصادر سياسية مسؤولة عن مخاوف جدية من ان يفلت لبنان من ايدي اهله قبل الانتخابات، فالانطباع العام هو ان انكفاء الحريري ليس من عنديّاته، بل هو أُكره عليه، ما يعزّز المخاوف من ان يكون خلف الاكمة شيء ما يُخبّاً للبنان، أبعد من محاولة خلط اوراق، بل ربما تحضير المسرح اللبناني لوقائع جديدة.
الترسيم البحري
في توقيت لافت، أُعلن أمس انّ مفاوضات ترسيم الحدود البحرية غير المباشرة بين لبنان واسرائيل برعاية الامم المتحدة ومشاركة الولايات المتحدة الاميركية، ستستأنف الاسبوع المقبل.
واللافت ان اعلان استئناف المفاوضات جاء على لسان وزير الطاقة الاسرائيلي يوفال شتاينتس الذي قال ان “المفاوضات الحدودية مع لبنان بوساطة أميركية ستستأنف الأسبوع المقبل”، مشيرا الى موافقة اسرائيل على المشاركة في هذه المفاوضات. ويؤشر ذلك الى ان الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين سيصل الى المنطقة في وقت بات قريبا.
وقد ابلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان السفيرة يوانا فرونتسكا “جهوزية لبنان لمعاودة التفاوض لترسيم الحدود البحرية الجنوبية على نحو يحفظ حقوق الدولة اللبنانية وسيادتها”.
وكانت السفيرة فرونتسكا قد ابلغت الرئيس عون “انّ مجلس الامن سيعقد في شهر آذار المقبل جلسة حول لبنان يقدّم خلالها الأمين العام أنطونيو غوتيريس تقريرا عن تطور الأوضاع اللبنانية والنقاط الإيجابية التي سجلت في الآونة الأخيرة”.
الورقة الخليجية
من جهة ثانية، اعلن رئيس الجمهورية “ان لبنان أبدى ترحيبه بالمبادرة الكويتية الهادفة الى إعادة الثقة بين لبنان والدول العربية عموما والخليجية خصوصا”، كاشفاً “انّ الأجوبة اللبنانية سيحملها معه وزير الخارجية والمغتربين الى الاجتماع الوزاري العربي الذي سيعقد في الكويت في نهاية الأسبوع الحالي”.
وقالت مصادر سياسيّة لـ”الجمهورية” ان ورقة الردود اللبنانية باتت شبه منجزة وتحتاج الى بعض “الروتوش”، حيث انها تجيب بإيجابية تامة على الورقة الخليجية التي نقلها وزير الخارجية الكويتي الى لبنان، ومن وحي البيان الوزاري للحكومة، والمسلمات والثوابت اللبنانية الذي تؤكد الحرص على علاقة اخوة مع الاشقاء العرب ولا سيما مع دول الخليج والحفاظ عليها، والالتزام الكلّي بقرارات الشرعية الدولية وتأكيد الالتزام بالقرار 1701، وبالدعم المطلق للجيش والقوى الامنية في حماية لبنان وضبط الحدود، وكذلك تأكيد التزام الحكومة النهائي باتفاق الطائف، وبالسعي لإجراء الاصلاحات التي من شأنها اخراج لبنان من ازمته. وايضاً التوجّه الى الاسرة العربية، والخليجية على وجه الخصوص بمَد يد المساعدة للبنان وتفعيل التعاون معه.
اشارة الى ان المبادرة ليست محل اجماع داخلي، فبمعزل عن موقف الحكومة وما قد يتضمنه جوابها المنتظر ان ينقله الوزير عبدالله بو حبيب السبت المقبل الى الكويت، فإنّ المواقف الصادرة عن الجهات المصنّفة سيادية، تلقّفت الورقة الخليجية بوصفها مبادرة ينبغي التقاطها كفرصة خلاص للبنان وجسر عبور الى علاقات طبيعية بين لبنان والدول العربية وفي مقدمها دول الخليج.
إستجرار الطاقة
تم اليوم توقيع اتفاقية استجرار الطاقة الكهربائية من الأردن عبر سوريا إلى لبنان، وقّعها وزراء الطاقة اللبناني والاردني والسوري.
وشرح زير الطاقة اللبناني ان الاتفاقية مهمة جداً، موضحاً أنها ستؤمّن 250 ميغاوات من الكهرباء بالتعاون مع الاردن ومؤازرة الاشقاء في سوريا. وقال: نعوّل على هذا العمل العربي المشترك كي نوسع التعاون بين الدول العربية.
وأضاف: ما كان من المفترض إنجازه بـ 6 اشهر تم إنجازه بشهرين. يبقى العمل على موضوع التمويل من البنك الدولي في أسرع وقت ممكن لتصبح هذه الاتفاقية قيد التنفيذ.
من جهته، قال وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني صالح الخرابشة: مسرورون بوجودنا في بيروت في هذه اللحظة التاريخية التي خلالها نوقّع عقد تبادل الطاقة مع لبنان.
واكد ان “اهمية هذا التوقيع هو ان نعزز التواصل بين بلادنا ولأنها تأتي في ظرف حساس يواجهه اشقاؤنا في لبنان ونحن ملتزمون بالتعاون في ما بيننا لمصلحة الجميع”. وتابع: “هو حدث مهم يشجعنا للسير الى الامام وهناك توجيهات من القيادة السياسية في الاردن للوقوف الى جانب لبنان ونتمنى ان يكون فاتحة خير للمزيد من التعاون”.
وختم: “يمكن زيادة عدد ساعات التغذية من الأردن إلى لبنان لكن هذا الأمر بحاجة إلى دراسة للبنى التحتية والشبكة”.
اما وزير الطاقة السوري غسان الزامل فقال: “ندعم بشكل دائم كل مراحل التعاون العربي وهذا من اساسياتنا في الحكومة السورية التي كانت تصرّ على إنجاح الملف في أسرع ما يمكن وكان إشراف مباشر من رئاسة الحكومة على المهمات التي انجزت في وقت قياسي. وعسى ان تكون فاتحة خير وبداية تعاون في سائر المجالات”.
مجلس الوزراء
وكان مجلس الوزراء قد تابع جلساته في السرايا الحكومية امس في خصوص الموازنة، حيث الغى في جلسة الامس منح الوزير والوزراء صلاحيات موقتة لتعديل التنزيلات والشطور والنسب المتعلقة بالضرائب والشطور. كما منح المؤسسات والشركات التي توقفت عن العمل نتيجة الانفجار، حسمًا كاملًا للضريبة على ارباحها في حال عادت الى العمل. وفرض رسمًا جمركيًا على السلع والبضائع التي يصنّع مثلها في لبنان. وتمّ اعفاء المجموعات السياحية التي تزيد عن 21 شخصًا من رسم الاقامة والمرور. كما أعفى الشركات الدامجة من ضريبة الدخل على الارباح مع استثناء المصارف والمؤسسات المالية. وقرّر المجلس اعفاء الانشاءات قيد الانجاز للأبنية المتضررة نتيجة الانفجار من الرسوم. وأعفى بشكل جزئي السيارات والمركبات غير الملوِثة من الضرائب. وألغى المادة35? من قانون نافذ في موازنة 2020 المتعلقة بإمكانية استيفاء الضرائب والرسوم بالعملات الاجنبية. ووافق على طابع مختار تعديل صلاحية جواز السفر بين 5 و10 سنوات. وعدّل الرسوم الخاصة بوزارة المال.
الى ذلك، أعلنت وزارة المالية في وثيقة مسودة موازنة عام 2022 عَمّمتها، أنها تخطط لاعتماد “سعر صرف واقعي” في الموازنة، من دون أن تحدد سعرًا للصرف. وحددت مسودة الموازنة متوسط سعر صرف الليرة اللبنانية خلال الربع الأخير من عام 2021 بنحو 20 ألف ليرة و10,083 خلال العام بأكمله… وتوقعت الوزارة أن يكون إجمالي عجز الموازنة نحو 2.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع 1.1 في المئة خلال 2021. ووفقًا للوثيقة، ستواصل الحكومة تعليق دفع استحقاقات سندات الخزينة بالعملة الأجنبية في 2022.