تعدّ الديمقراطية ثمارا هامة لتطور الحضارات السياسية للبشرية، وتعتبر التنمية تطلّعا أكيدا يسعى إليها المجتمع البشري. وبعد الاستكشافات المستمرة، خلقت شعوب مختلف الدول والمناطق أنماط الديمقراطية المتميزة وطرق التنمية المتنوعة، والتي تكمّل بعضها البعض وتشكّل صورة جميلة للحضارات البشرية المتنوعة. تعتبر الأحزاب السياسية جهة تبني الديمقراطية وتحافظ عليها وتطوّرها، وتقع على عاتقها رسالة هامة لتحقيق الديمقراطية وتعزيز التنمية. وبناءً على ذلك، نحن، 355 حزب سياسي ومنظمة اجتماعية ومركز البحوث من 140 دولة ومنطقة، نصدر البيان التالي للعالم:
أولا، نؤكد أن العالم متنوع ومتعدد الألوان، ويولد التنوع روعة الحضارة البشرية ويعتبر مصدرا للحيوية وقوة دافعة للتنمية العالمية. هناك طرق متنوعة لتحقيق الديمقراطية، فلا يوجد نظام ديمقراطي ونمط تنموي ينطبقان على جميع الدول نظرا لاختلاف دولة أو منطقة عن أخرى من حيث التاريخ والثقافة والنظام السياسي والمرحلة التنموية. إن قياس الأنظمة السياسية المتنوعة في العالم بمقياس واحد والنظر إلى الحضارات السياسية المتنوعة للبشرية بنظرة واحدة هو بحدّ ذاته غير ديمقراطي، ولا يفيد التنمية.
ثانيا، نؤكد أن المقياس الأساسي لتقييم ما إذا كان النظام السياسي لدولة ديمقراطيا وفعالا أم لا، يكمن في ما إذا كانت سلطة الدولة تتداول بشكل منتظم وفقا للقانون، وما إذا كان كافة أبناء الشعب يديرون الشؤون الوطنية والاجتماعية والقضايا الاقتصادية والثقافية وفقا للقانون، وما إذا كان أبناء الشعب يعبّرون عن مطالبهم للمصالح عبر طرق مفتوحة، وما إذا كانت أطياف المجتمع تشارك في الحياة السياسية للدولة بشكل فعال، وما إذا كانت عملية صنع القرار للدولة علمية وديمقراطية، وما إذا كان الأكفاء من كافة المجالات يدخلون إلى منظومات القيادة والإدارة للدولة عبر منافسة شريفة، وما إذا كان الحزب الحاكم يقود الشؤون الوطنية وفقا لما ورد في الدستور والقوانين، وما إذا كانت السلطة تخضع للقيود والرقابة بشكل فعال.
ثالثا، نؤكد أن المقياس الأساسي لتقييم ما إذا كانت دولة ديمقراطية أم لا، يكمن في ما إذا كان الشعب سيدا حقيقيا لدولته. من المهم أن يكون لدى الشعب حق الاقتراع، لكن الشيء الأهم هو ما إذا كان الشعب له حق المشاركة الواسعة النطاق؛ من المهم أن يحصل الشعب على الوعود الشفوية خلال العملية الانتخابية، لكن الشيء الأهم هو مدى الوفاء بهذه الوعود بعد الانتخابات؛ من المهم أن تكون هناك إجراءات وقواعد سياسية تنص عليها الأنظمة والقوانين، لكن الشيء الأهم هو ما إذا كانت هذه الأنظمة والقوانين تطبق بشكل فعلي؛ من المهم أن تكون القواعد والإجراءات لممارسة السلطة ديمقراطية، لكن الشيء الأهم هو ما إذا كانت السلطة تخضع للرقابة والقيود من قبل الشعب بشكل فعلي.
رابعا، نؤكد أن الديمقراطية حق لجميع شعوب العالم، وليست حكرا على عدد قليل من الدول. يجب على الشعب أن يحكم ما إذا كانت دولته ديمقراطية أم لا. نرفض التدخّل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى بحجّة الديمقراطية.
خامسا، نؤكد ضرورة اعتبار تعزيز رفاهية الشعب وتحقيق التنمية الشاملة للإنسان كنقطة الانطلاق وموطئ القدم في عملية تنمية المجتمع البشري. يجب التركيز على تحقيق تطلّعات الشعب إلى الحياة الأفضل وتعزيز شعوره بالكسب والسعادة والأمن باستمرار في عملية البناء الديمقراطي. وفي الوقت الحالي، يجب على دول العالم تفعيل التعاون في مجالات الحد من الفقر والأمن الغذائي ومكافحة الجائحة واللقاحات والتمويل التنموي وتغير المناخ والتنمية الخضراء والتحول الصناعي والاقتصاد الرقمي والترابط والتواصل، بالإضافة إلى الإسراع في تنفيذ أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة والتركيز على حل المشاكل الواقعية التي تهمّ مصالح الشعب مباشرة. وتمتلك جميع الدول والأمم في العالم الفرص والحقوق في التنمية على قدم المساواة، فيجب بذل الجهود لتحقيق التنمية القائمة على الشمول والمنفعة للجميع بدون ترك أي دولة خلفنا.
سادسا، نؤكد أن دمقرطة العلاقات الدولية تيار عصري لا يقاوم، وتطبيق تعددية الأطراف الحقيقية طريق وحيد يؤدّي إليها. تواجه البشرية الآن التحديات والقضايا الكونية المختلفة، والتي لا يمكن التعاطي معها بشكل فعال إلا من خلال اعتماد حوكمة عالمية أكثر شمولا وآليات متعددة الأطراف أكثر كفاءة وتعاون إقليمي أكثر فعالية. كلما طُبّقَت التعددية بشكل أفضل، كلما حُلّت الإشكاليات المشتركة التي تواجه البشرية بشكل أفضل.
سابعا، نؤكد أن دفع بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية هو الاتجاه الصحيح لتطور الحضارة البشرية وتقدّمها. وعلينا أن نسترشد بالقيم المشتركة للبشرية المتمثلة في السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية لنسعى إلى دفع بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية انطلاقا من المسؤولية العالية تجاه مستقبل البشرية ومصيرها، بما يحقّق تقاسم المصالح والحقوق والمسؤوليات في الشؤون الدولية بين دول العالم بغض النظر عن الاختلاف فيما بينها من حيث الأنظمة الاجتماعية والايديولوجيات والتاريخ والثقافات والمستويات التنموية، لتضافر الجهود لبناء عالم أفضل.
ندرك تماما أهمية الرسالة المشتركة التي تقع على عاتقنا في دفع الديمقراطية وتحسين معيشة الشعب، ونحرص على بذل الجهود المتضافرة لتجاوز الخلافات وتعزيز التبادل والاستفادة المتبادلة وزيادة التفاهم وحشد التوافق بين الأطراف المختلفة، لنقدّم إسهامات مطلوبة في زيادة رفاهية الشعوب وتعزيز تنمية الدول وحماية السلام العالمي ودفع التقدم البشري.
**