أشار قريبون من رئيس الجمهوريّة ميشال عون، في حديث إلى صحيفة “الجمهوريّة”، إلى أنّ “هذا ليس هو رئيس مجلس النوّاب نبيه بري الّذي نعرفه. لقد أصبح متوتّرًا وعَجولًا، بخلاف ما كان عليه، وبالتالي فإنّ قواعد اللّعبة السياسيّة تغيّرت بيننا وبينه”.
ولفتوا إلى أنّ “رئيس الجمهوريّة يفتقد برّي الّذي كان يعرفه، ذاك السياسي المحنّك، الّذي يحيك ببراعة خيوط المناورات ويعرف كيف يمدّ الجسور عند اللّزوم، ويجيد تدوير الزوايا الضيّقة والحادّة، ويمرّر الرسائل بطريقة ذكيّة تصل بسلاسة إلى حيث يجب أن تصل”، مركّزين على أنّ “برّي لطالما كان ضابط الإيقاع على المستويَين المؤسّساتي والسياسي، وفنّان التسويات والحبكات، ولكنّه أصبح الآن طرفًا، وها هو يدخل من الباب الضيّق إلى اصطفاف حاد، بحيث بات جزءًا من المشكلة بعدما كان في مراحل كثيرة جزءًا من الحل”.
وسأل المحيطون بالرئيس عون، برّي: “لماذا كلّ هذه المعارك السياسيّة والطائفيّة؟ لماذا الاستعجال والانفعال، وكأنّ هناك من قال لك إنّ انتخابات رئاسية مبكرة ستجري، وانّ رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل هو رئيس الجمهوريّة المقبل؟”. وتوجّهوا إلى برّي بالقول: “كنت الشخصيّة الّتي تضمّ الجميع، وكنت ملجأً للحلول في الحالات المستعصية، فاصبر قليلًا، وارجع إلى موقعك الطبيعي كمرجعيّة سياسيّة نركن إليها ونستعين بها عند الأزمات”.
وبيّنوا أنّ “رئاسة الجمهورية تفتقر حاليًّا إلى المُحاوِر المؤسّساتي الّذي كان يمثّله بري، وهو ترك فراغًا في هذا المجال، خصوصًا أنّ “حزب الله” ليس طامحًا في الأساس إلى هذا الدور. الأمر الّذي يدفعنا إلى الاستنتاج بأنّ قواعد الانتظام السياسي والدستوري اختلّت مع الانزياح الّذي حصل في تموضع أحد أركانها”.
ولا يقرّ القريبون من عون بأنّ “تغريدته الّتي استشهد فيها بقول للأمام علي، هي المسؤولة عن اندلاع جولة العنف السياسي الأخيرة بين قصر بعبدا وعين التينة”، مؤكّدين انّها “لم تكن تستهدف برّي، وإنّما رمت إلى التحذير من خطورة ما يتعرّض له القضاء من هدم وشرذمة، وبالتالي توجيه رسالة إلى القضاة بأن لا يخافوا، وبأنّ رئاسة الجمهورية تدعمهم في مواجهة أيّ ضغوط أو مداخلات سياسيّة”.
ودعوا رئيس المجلس النيابي، إلى “أخذ مبادرات عمليّة لملاحقة المدّعى عليهم في قضية انفجار مرفأ بيروت، من الوزراء السّابقين والنوّاب الحاليّين، تحت سقف السلطة التشريعيّة والمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء”، معربين عن استغرابهم كيف أنّ برّي لم يطلق هذا المسار بعد، “إمّا أنّك لا تحاكم ولا تدع أحدًا غيرك يحاكم فهذا غير جائز، إذ إلى أين تذهب الضحيّة في مثل هذا الوضع؟”.
كما ذكروا أنّ “معادلة “لن أدع عون يحكم” الّتي أطلقها برّي، لا يجوز أن تسري على القضاء أيضًا. ويكفي ما يحصل من شلل في الحكومة”، لافتين إلى “محاذير اللّهجة الطائفيّة في إبداء الموقف، من قبيل اتهام احد كبار القضاة بأنّه “رئيس شلّة”، وغيرها من مظاهر التحريض الطائفي على المؤسّسة القضائيّة”.
ونفى اللّصيقون بعون، أن “يكون هناك استهداف لبرّي، سواء في القضاء أو السياسة”، مشدّدين على أنّ “لا وجود لما سُمّيت بغرفة سوداء في القصر الجمهوري، مهمّتها التأثير على القضاة والتدخّل في الملفات”. ودعوا برّي إلى “مغادرة هذه الهواجس، إلّا إذا كان البعض يظنّ أنّه يوجد إلى جانب عون “غرانديزر” يملك قدرات خارقة”.