أفادت مصادر سياسية متابعة، بأن الانتخابات النيابية المقبلة ستكون مفصلية في حياة لبنان السياسية وقد تنقله من مرحلة إلى مرحلة مغايرة ومخالفة جذريا لما ساد البلاد منذ الطائف وحتى الآن، في ظل إصرار دولي وعربي، وتحديداً أميركي – سعودي – فرنسي على الاشراف على الانتخابات النيابية وتغيير موازين القوى في المجلس النيابي وإضعاف محور المقاومة وتحديدا حزب الله لصالح القوى “السيادية”، وإحداث انقلاب سياسي في كل مفاصل الدولة العليا، عبر المجيء برؤساء للجمهورية والمجلس النيابي والحكومة من توجهات سيادية، وحكم البلد “بالحديد والنار” مع نفضة إدارية وعسكرية وأمنية في كل مراكز الدولة الأساسية، على أن يكون “هواهم” لـ١٤ آذار داخليا وخارجيا.
وحسب المصادر، فإن الانتخابات المقبلة ستكون بين مشروعين وطريقين على «حد السيف» لا يلتقيان مطلقا، وتحديدا بين طريق بيروت – دمشق – بغداد – طهران، وطريق بيروت- دمشق – عمان – بغداد – الرياض، وهذا هو عنوان المعركة الانتخابية المقبلة، ومن هم خارج الخطين سيتراجع دورهم السياسي في حياة لبنان، ومدعوون لتحديد مواقفهم، لأن لبنان القديم انتهى ولن يعود.
وحسب المصادر، فإن التحالفات، بغض النظر عن الخلافات الآنية، ستجمع حزب الله والتيار الوطني الحر وامل والمردة والقومي وارسلان ووهاب وعبد الرحيم مراد وشخصيات، وايران وسوريا وحزب الله قادرون على إزالة التباينات في وجه محور الحريري – جنبلاط – جعجع، وسيحاول الثلاثي ضم المجتمع المدني والكتائب ومستقلين الى حديقتهم، وهذا أمر صعب، وربما يكون مستحيلا، لأن المجتمع الدولي ينظر الى الحريري وجنبلاط وجعجع أنهم شركاء لطبقة ٨ آذار، والمطلوب ازاحتهم باستثناء الرياض المنحازة انتخابيا وسياسيا وماليا الى «القوات اللبنانية» ودعمها في كل تحالفاتها، ولذلك فإن الكتائب والمجتمع المدني سيخوضان المعارك بشكل مستقل عن الحريري وجنبلاط وإلا فقدا كل مبررات وجودهما.
وتضيف المصادر، أنه بعيدا عن التحالفات، فإن السفارات العربية والدولية تترقب موقف الرئيس نبيه بري، وهل سيترشح للانتخابات النيابية ام سيتفرغ لكتابة مذكراته، كما تروّج قوى سياسية، وإذا لم يترشح بري، فإن مسارا جديدا في لبنان قد بدأ مغايرا للتسعينات، بعد أن طبع بري الحياة السياسية في شخصه، واشرف على ولادة الطائف ورعايته، ومارس دوره في رئاسة المجلس النيابي، وأدار كل المتناقضات اللبنانية بحكمة، وتحوّل الى ظاهرة لا تتكرر، وعنصرا للجمع بين كل اللبنانيين، وانقذ «السفينة» من الغرق عند المفاصل الكثيرة، ولاشك أن عدم ترشحه، في حال قرر ذلك، سيشكل اكبر نكسة للحياة السياسية وللتوازنات.
وتشير المصادر الى انه في كل مرحلة رئاسة المجلس النيابي لم يقفز بري فوق موقع رئاسة الجمهورية الذي «شلّحه» الطائف معظم الصلاحيات، وقارع رئيس الحكومة الذي اعطاه الطائف كل الصلاحيات، وهذه السياسة حافظت على التوازنات الطائفية وحمت الأقليات وطمأنت الدروز عبر حلف مقدس مع جنبلاط، ولم يشكل انحيازه الى محور المقاومة إزعاجا لجنبلاط وجعجع والكتائب وحتى لفارس سعيد، إضافة الى أنه لم يساير سوريا وحتى إيران على المصلحة اللبنانية وضد أي طرف داخلي، وخفف «النقزة» من قوة حزب الله وسلاحه، هذا هو سر نبيه بري الذي أعاد لطائفته دورها، بعد أن كانت على الهامش دون نقزة الطوائف الأخرى، فأصبح ظاهرة لا تشبه أحدا، بل مدرسة في الحياة السياسية باعتراف حلفائه واخصامه.
وبالتالي، فإن استمراره في رئاسة المجلس ضرورة للبنان في هذه المرحلة الانتقالية، تؤكد المصادر، رغم أن المجلس تراجع دوره، بعد أن فقد معظم أقطابه موتا أو اعتزالا أو حفظا لمواقع الأبناء، من حسين الحسيني الى رفيق الحريري وسليم الحص وعمر كرامي ووليد جنبلاط وسليمان فرنجية ونسيب لحود وبطرس حرب وزاهر الخطيب ونجاح واكيم وميشال المر وجان عبيد والبير مخيبر واوغست باخوس وادمون رزق ومحمد يوسف بيضون وايلي سكاف وعبد الرحيم مراد وبهيج طيارة وغيرهم. هذه النكهة السياسية حافظ عليها السوريون في ذروة وجودهم حتى انسحابهم، ونسفت كليا بعد الـ ٢٠٠٥ كل مقومات نكهة لبنان السياسية، ولم يعد النواب الحاليين، وللاسف، على مستوى المرحلة، ولولا حضور بري وبعض النواب من كتل حزب الله وامل والتيار والاشتراكي ومستقلين، لكان دور المجلس انتهى كليا، لأن المستقبل لا يبشر بالخير ولن يكون للمجلس اي دور في ظل قوانين انتخابية بالية تجدد الطقم الحالي، ولا خلاص إلا بقانون عصري على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة على النسبية، ودون ذلك «ضحك على الدقون».
وتختم المصادر، أن الانتخابات المقبلة ستحدد مصير البلد ومحاوره، ولذلك فإن التحضيرات بدأت وكل الافرقاء حزموا امتعتهم، ومن سيربح المجلس سيحكم البلد في خياراته الشرقية ام الغربية؟
المصدر: الديار – رضوان الديب
**