فالحكومة تخرج من الثقة كاملة الصلاحيات والمواصفات، ولكن على أهمية ذلك، لا تستطيع ان تتنفس الصعداء. فلقد بدأ الامتحان الصّعب وهنا المحك، فإمّا تكرّم أو تهان. وعدوّها الاول هو الوقت الذي لا تملكه، فهي مخنوقة بحبل زمني قصير لا يتجاوز بضعة أشهر، لتحقيق إنجاز في جلجلة الملفات والتحدّيات الكبرى المتراكمة في طريقها، وجميعها مرتبطة بكل مفاصل حياة اللبنانيين.
يدرك اللبنانيون انّ الحكومة في وضع لا تُحسد عليه فمهمّتها شديدة الصعوبة وطريقها ليست مفروشة بالورود، بل بمطبّات شائكة حول مختلف العناوين. ويدركون أيضاً أنّ ما بعد الثقة ليس اختباراً للحكومة وحدها، بل هو اختبار لكلّ القوى السياسيّة من دون استثناء، إن كانت قد اتّعظَت من مراحل الاخفاقات السابقة، وبالتالي ترك الحكومة تعمل بحرية مطلقة، او أنها ما زالت ثابتة على ذات المنحى الذي طَوّق الحكومات السابقة بمداخلات سياسية وإرادات تعطيلية حَرفتها عن مسارها وحوّلت بياناتها الوزارية السابقة الى مجرّد بيانات ورقية أقرب ما تكون الى حبر على ورق؟
واذا كانت الحكومة قد ألزمت نفسها بتحقيق إنجازات ملموسة خلال عمرها القصير الذي يمتد على اشهر قليلة، فإنّ مصادر وزارية أكدت لـ”الجمهورية”: “انّ الحكومة تتفهّم استعجال اللبنانيين لرؤية انجازات سريعة تخفّف الضائقة المريرة التي تضغط عليهم، ولديها النيّة الصادقة في ان تعمل وتحقّق خطوات نوعيّة ضمن الفترة القصيرة لولايتها، خصوصاً أنّ ارادة العمل والانجاز هما المرتكز الاساسي لهذه الحكومة”.
وتخالف المصادر القائلين بعدم قدرتها على تحقيق اي اختراق، فقالت: طالما انّ ارادة العمل موجودة، يمكن ان تحقق الحكومة في فترة اسابيع قليلة ما عجزت عن تحقيقه حكومات سابقة خلال سنوات. إنّما الشرط الاساس هو الّا تجد نفسها مقيّدة بمزاجيّات سياسيّة ومداخلات تُفرمِل اندفاعتها، وتعطّلها وتجعلها غير قادرة على الاستمرار. وهذا معناه تعميق الأزمة وزيادة معاناة اللبنانيين، واكثر من ذلك نعدم ثقة المجتمع الدولي بلبنان، التي تضع الحكومة نصب عينيها استعادتها بإجراءات وخطوات إصلاحية سريعة”.
**