من جديد يعلو صوت الشاعر ابو القاسم الشابي بقصيدته الشهيرة “إرادة الحياة” عبر أصوات الشعب التونسي الذي انتفض في أرجاء القيروان وسوسه وصفاقس وغيرها من مدن تونس الخضراء، جميعهم نطقوا في صوت واحد “الإخوان برا برا.. تونس حره حره” “يا غنوشي يا سفاح يا قتال الأرواح”.
لم يرض شعب تونس الأبي أن يلحق العار بدولته العريقة بالعلم والأدب والثقافة والفنون إلى العالم حتى تكتب نهاية حقبة الإخوان المسلمين، الذين ما جلبوا سوى الخراب والدمار لأمتنا العربية فقفزوا على السلطة محاولين فرض دكتاتورية مجبولة بالقتل والتدمير. ها هي تونس تنفض عنها ثوب الظلامية و تتزين من جديد، فتحذو حذو القاهرة التي سبقتها بثماني سنوات، عندما هب المصريون في تموز من العام 2013 فخلعوا “الإخوان المسلمين” من الحكم، ليس ذلك فقط وإنما حاكموهم على ما ارتكبوه من جرائم، ولعل الأقدار كان لها نصيب حيث انطبعت حرارة النيل على لهيب النفوس الحرة التي اختارت التغيير في مصر وتونس.
لم يتوان تنطيم “الإخوان المسلمين” في تونس عن ممارسة كل أساليب النفاق والتضليل ونشر الأكاذيب زاعمين بأنهم من المعتدلين في جماعة لم تعرف الاعتدال، فقدموا نموذجا خطيرا في ممارسة سلوكيات العنف والاغتيالات من خلال فرض اجندتهم السياسية التي تقوم على شعار (مغالبة لا مشاركة).
أن سقوط تنظيم” الإخوان المسلمين” في مصر كان إيذانًا بسقوط بقية أفرع هذه الجماعة المنافقة في كل البلدان العربية، فعندما تقطع رأس الأفعى لا يبقى في الجسد أي حياة، فهي تنتهي بفصل الرأس عن الجسد، فرغم أن جسد هؤلاء كان ممتدًا في أكثر من بلد عربي ولكن سرعان ما ذهب هذا الجسد سدى مع قطع رأسه على أيدي المصريين؛ فما يحدث اليوم في تونس الخضراء يأتي استكمالا لليقظة التحررية التي شهدناها بالأمس في مصر، وهو المصير نفسه الذي سيشهده هذا التنظيم السرطاني في بقية الأقطار العربية.
ان انتفاضة الشعب التونسي دلالة على مرحلة اليقظة العربية في الشارع العربي، التي سرعان ما ترجم ذلك في تحركات شعبية غيرت من خريطة وجود وقوة جماعة الاخوان وحكمت عليها بالموت المحقق.
سقط “الإخوان المسلمون” في تونس عندما بانوا على صورتهم الحقيقية، وعندما أدرك التونسيون كم الكراهية والعنف الذي يحمله هذا التنطيم للناس أولًا وللمختلفين معهم ثانيًا، هذا الشعب لم يكن مستكينا ولم يخلق لذلك، قد يكون صبورا ولكن عندما فاض الكيل قرر ان ينتفض وبسرعة فهو شعب حر لا يرضى بالمهانة اوالذل ويرفض ان تتحول بلاده الخضراء إلى بيئة حاضنة للجماعات التكفيرية المسلحة وإلى المصدّر الأول للإرهاب إلى البلدان العربية بعد ان كانت عاصمة الفنون والثقافة قديمًا.
هذه الأسباب وغيرها كانت سببًا رئيسيًا لخروج الشعب التونسي على تنظيم الإخوان، ربما مخاض القيروان كان طويلًا ولكن نهارها سوف يكون أطول من ليلها، سوف تعود تونس خضراء كما كانت، سوف تشارك سوريا والعراق ومصر والإمارات وغيرهم من الاشقاء العرب في مواجهة أخطر تحديات العالم “الإرهاب” ممثلًا في تنظيم “الإخوان المسلمين” ، سوف تتخلص تونس حتمًا من سباتها وسوف يعود شعبها كي يغني من جديد “إذا الشعب يومًا أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر”، فلن تغيب الشمس عن مدينة الأحرار مرة أخرى.
**