«فالج لاتعالج» الازمة طويلة، وهناك قبول غير معلن من كل القوى السياسية بالموافقة على اشراف وزير الداخلية محمد فهمي على الاستحقاقات النيابية والبلدية عام ٢٠٢٢، وبالتالي، فإن حكومة دياب باقية حتى نهاية العهد ، في ظل قرار دولي بشأن لبنان «ممنوع الموت وممنوع العيش»، وابقائه ضمن معادلة «لايموت الديب ولايفنى الغنم»، وعلى «الأوكسجين» في غرفة العناية الفائقة مع مساعدات بالقطارة للحاجات الاجتماعية حتى انقشاع صورة التسويات في المنطقة. وحتى ذلك التاريخ، فإن الهدف الاوروبي عدم الانهيار الشامل، كي لايؤدي ذلك الى موجات هروب للنازحين السوريين الى أوروبا وتفاقم المشكلة في معظم هذه الدول.
وحسب مصادر متابعة للاوضاع في البلاد، ان الهوة كبيرة بين القوى السياسية، ومبادرات الحل الداخلية «ضحك على الدقون»، والحل الحقيقي سيفرض عبر وصي خارجي «بالكرباج»، والا الأزمة الى «ابد الآبدين»، والسنوات ما بين ١٩٨٦ و١٩٩٠، والتي اطلق عليها «سنوات الجنون» التي سبقت اتفاق الطائف وعودة القوات السورية ستحكم لبنان حاليا وستشكل الأرضية بغطاء شعبي لفرض تسوية شاملة بوصاية خارجية، ومن دون ذلك، لاحل في لبنان مهما بلغ تفاقم الأزمة التي تلقى بثقلها على الناس الذين بدأوا يلمسون ويعيشون «زعرنات» قوى الأمر الواقع على محطات الوقود وفي الصيدليات والافران، والحصول على ما يريدون «بالتشبيح والبهورات»، والتهديد بأن ايام الميليشيات عائدة حتما «وياويل المشكين»، وبالتالي، فإن الخاسر الأكبر هو مشروع الدولة مع تراجع هيبتها، ودورها المشلول والمعطوب، وصورتها غير المشرفة لصالح «الحكم الذاتي للطوائف» ومعادلة «كل ديك على مزبلته صياح»، والانكى ان الذين اداروا الدولة «ولعنوا دين سلافها»، لم تعد تغريهم الآن بعد أن جف حليبها وإنقلبوا عليها، وهم أنفسهم يهيئون البلد لصالح «بحبوحة» الفوضى وتبيض الأموال على طريقة «اسكوبار وشلته».
وحسب المصادر السياسية، ان البلد في ظل عقلية الفساد والميليشيات لن تقوم له قيامة، والاوضاع الى الحضيض، والذين يسعون الى الحل هم اساس المشكلة وتفاقمها، ومنذ التسعينات، هم الموالاة والمعارضة والوسط واليمين واليسار، وفي نفس الوقت مذهبيون وطائفيون وعلمانيون وثوريون ورجعيون، وكذلك أميركيون وروس وصينيون واوربيون وعربا َ وقطريون وسعوديون وسوريون، و»حلها بقا» ومتعددو الأدوار والاهواء «الذين استحوا ماتوا»، وبارعون باثارة الغرائز، وعملوا كل شيء إلا بناء الدولة، و»يحاضرون بالعفاف» ويملكون غريزة «حب البقاء وهي هدفهم الأسمى» ولن يتنازلوا الا بالتوريث.
وأكد ديبلوماسي اوروبي، ان لا تغييرا من خلال الانتخابات او الطرق الديموقراطية او البرامج السياسية او المجتمع المدني، والانتخابات في لبنان مسيحية – مسيحية والمعارك في المناطق المسيحية فقط ، ولا قدرة لأي طرف مسيحي على أحداث انقلاب كامل في موازين القوى ولا تغييرا جذريا، اما عند السنّة «معركة رتوش»، وسيبقى سعد الحريري الاقوى بدعم الثنائي الشيعي، وعند الدروز لن تتبدل المعادلة مع حضور لارسلان ووهاب التي لا تشكل اي عقدة لجنبلاط.
وكشف الديبلوماسي الاوروبي عما يعرفه عن الطبقة السياسية اللبنانية وفسادها، وكيف تحاول أن تغري السفراء المعتمدين في لبنان «بالعشاوات»، وتقديم صورة سيئة عن اخصامهَم السياسيين، و»كلهم بدهم رضانا»، ويستثني الديبلوماسي حزب الله من هذه المعادلة، بعد أن فرض احترامه على كل الدول، ويؤكد ان حملتنا عليه سياسية ومرتبطة بصراعات المنطقة. وبالتالي، فإن القوى الاقليمية تعرف الوضع اللبناني واستحالة التغيير داخليا، لكن الوصي الخارجي بحاجة لتوافقات ليست بعيدة، في ظل رياح التوافقات الكبيرة مع الاتفاق النووي، والتفاهم السعودي – السوري، وسقوط نتنياهو، وعدم قدرة الرياض على الحسم في اليمن، لذلك فان التسوية الكبرى قادمة وستشمل لبنان بالجاذبية والجميع سيلتزم بمضامينها ، والخوف من أن يدفع لبنان الثمن خلال المرحلة الانتقالية اذا استمر العهر السياسي والعمل بطريقة «من بعد حماري ما ينبت حشيش»، علما ان الوصاية الخارجية ستكون تسووية وستضمن حق الجميع، فلماذا لا تبادر القوى السياسية لإنجازها قبل فرضها بالقوة؟
المصدر:”الديار” – رضوان الذيب
**