ثلاثة عوامل حاسمة، دفعت المجتمع الدولي، بدفع اميركي، لزيادة الاهتمام بالجيش اللبناني، العامل الاول ان المؤسسة العسكرية التي تم تخفيض ميزانيتها بحدود 80 بالمئة، باتت مهددة بالانهيار من الداخل في ظل العجز عن القيام بالمهام الروتينية وبات القلق كبيرا من توترات امنية غير محدودة في الزمان والمكان قد لا تستطيع المؤسسة العسكرية من السيطرة عليها، وهذا ما سرع في تنشيط عمليات الدعم اللوجستي والمالي. اما العامل الثاني والاهم، فاشارت اليه مصادر دبلوماسية نافذة تروج لإسناد مهمة ”استثنائية” إلى قائد الجيش اذا استمر تعذر حصول تسوية تعيد انتاج سلطة سياسية قادرة على قيادة عملية الانقاذ، وليس واضحا بعد طبيعة هذا الدور الذي يرسم للعماد جوزاف عون “لملء الفراغ” المحتمل في البلاد والمرجح ان لا يكون على “البارد”، في ظل توقعات بحدوث فوضى عارمة في لبنان خلال الاشهر القليلة المقبلة، وستكون المؤسسة العسكرية وحدها المؤهلة لاستلام زمام المبادرة.
الاستحقاق الرئاسي
لكن يبقى السؤال المحوري بعد دخول البلاد زمن الاستحقاقات الرئاسي، عما اذا كان قائد الجيش العماد جوزاف عون يرغب بان يصبح رئيسا للجمهورية ؟ وهنا يدخل العامل الثالث الى “الحلبة” بقوة خصوصا أن أربعة من قادة الجيش سبق ووصلوا إلى سدّة الرئاسة في السنوات 1958 و1989 و 1998 و2008، فهل تبحث واشنطن عن تحديد هوية الرئيس مبكرا، تسأل اوساط سياسة بارزة، وتريد من وراء دعم خيار قائد الجيش ارسال “رسالة” الى ايران باعتبارها الطرف الاقليمي الاكثر تاثيرا في هذا الاستحقاق، بانها مستعدة للذهاب الى تفاهمات “وسطية” على هذا المنصب تزامنا مع المفاوضات النووية في فيينا، باعتبار ان الجنرال جوزاف عون قد اثبت انه شخصية غير صدامية وعمل على تنظيم العلاقة مع حزب الله دون الاخلال بالتوازنات المتعارف عليها في علاقة الطرفين…؟ خصوصا ان حزب الله لطالما اكد ان العلاقة مع قائد الجيش جيدة جدا والتعاون وثيق في الكثير من الملفات.
**