لا يختلف اثنان على أن جماعة الحكم اصبحوا خطراً حقيقياً على لبنان وكيانه حتى على وجوده، بعد أن حوّلوا مؤسسات الدولة إلى محاور ومتاريس وصراعات للتشفي وتصفية الحسابات السياسية.
انه لمشهد مخز معيب ومقزز لم يعرف الكيان اللبناني له مثيلاً منذ إنشائه ليضفي على هذه المشهدية صورة قاتمة عن وطن وهو يهوي أمام أنظار كل دول العالم، مشرعاً أبوابه على كل الاحتمالات من الفوضى المنظمة والمخطط لها بعناية عن سابق إصرار وتصميم، والتي تجيد امتهانها جماعات سياسية بثقافتها التاريخية والتعطيلية الهدامة، وبدعم مطلق من بعض المرجعيات الدينية وبمؤازرة من جهات اقليمية ودولية التي رسمت امام الجميع خطوطها الصفراء والمساحة التي يمنع عليها اللعب خارجها في المنطقة، ومن يعتقد أن التدخلات الخارجية هي بهدف تشكيل الحكومة يكون إما واهماً أو أنه ساذج.
إن نقمة اللبنانيين والأوضاع المعيشية الخطيرة، التي تستغلها وتستعملها وتثيرها الطبقة الحاكمة في تحريك الشارع تندرج تحت عنوانين وهميين : مسألة “الصلاحيات الدستورية” و “ترسيم الحدود” وذلك من اجل حجب الأنظار عن سرقة اموال المودعين ” والأموال المهربة” مع التشديد على مسألة العقوبات الدولية ضد بعضهم البعض ، حيث هناك اطراف داخلية تعتقد بسذاجتها أنها توهم بها المجتمع الدولي بأنها هي وحدها من يحمل “بيرق” محاربة الفساد في لبنان، وأن االرئاسة الأولى هي التي تمنعها من تشكيل حكومة من الاختصاصيين علها بذلك تتخطى قطوع حظوظها المعدومة في الرجوع الى السرايا لتستكمل ما هدمته بمرحلة سوداء أخرى.
لم يعد اللعب في الحلبة اللبنانية بين المرجعيات الدينية والتيارات والقوى السياسية على حافة الهاوية، بل أصبح اللعب في الهاوية نفسها وعلى المكشوف: “يا قاتل يا مقتول”. ولم تعد مسألة المواطن هي الأولوية، وتسيير مرافق الدولة المشلولة شللاً تاماً مع ما يتطلبه الوضع المعيشي والاقتصادي والمالي من نجدة سريعة للبنانيين الذين أصبحوا أكبر طموحهم الاستحواذ على كيلو سكر وقنينة زيت وعلبة حليب تغنيهم عن بكاء أطفالهم في ظل مستقبل قاتم وأسود لهم.
**