تشهد الساحة الداخلية منذ استقالة حكومة الرئيس حسان دياب وتكليف سعد الحريري تشكيل الحكومة حالة من الاحتقان السياسي، يغلب عليها في كثير من الأحيان الطابع الشخصي بين أقطاب ومرجعيات سياسية تتناحر لمصلحة شخصية، لا من أجل المصلحة العامة، فنشهد ساحة متوترة سياسياً واعلامياً وأمنياً، تضاف الى الظروف الصحية العالمية، في ظل أزمة كورونا التي لا يزال المواطن في لبنان يعاني من آثارها وما يترتب عليها اقتصادياً، فنجد انقساما داخلياً واضحاً لمن يدعي بأنه يميل الى التمسك بتشكيل حكومة من الاختصاصيين قادرة على انقاذ البلد، فنراه ينتهج نهجاً معطلاً يجرنا بالتخلف بتسميات يتكسب بها سياسياً، واصفاً نفسه بأنه المنقذ الوحيد وصاحب الوصفة السحرية لكل ما نعانيه اليوم من مشاكل وضغوطات وأزمات، كل تلك “العراضات” ضيعتنا كمواطنين ومنعت تجانسنا، فالسياسيون يتناحرون على الصلاحيات بدلاً من الانكباب على مواجهة الأزمات الداخلية والتفكير بواقعية أمام المحنة الاقتصادية التي تعد أقوى من أي مصلحة فردية.
لقد أصبح من الضرورة أن تتبنى أي حكومة في المستقبل منهجاً جديداً يقوم على عقلية جديدة في التعاطي السياسي والاجتماعي والاقتصادي والصحي، فالتناحرات والصراعات لن تفيد الوطن، وصراع الأقطاب السياسية هو منهج فاشل ويدمر البلدان، كما أن التلفيق السياسي والفوضى من بعض الأطراف المتناحرة سياسياً، ليس سوى محاولة لسدل الستار عن الحقائق، فنجد من يحاول الإقصاء والتهميش وكأن لبنان يقتصر على فئة او جماعة دون الأخرى، في حين أن القضية اليوم هي بقاء وطن للجميع يتحدى ويسهم في رفعة الجميع، لينعم الجميع بخيراته بعدالة ومن دون تحيّز لفئة ضد أخرى، وفي ظل انهيار العملة الوطنية والارتفاع الجنوني بالأسعار ومعاناة الأسرة من الأعباء المادية لتأمين الاحتياجات الاساسية والمهمة، مثل الصحة والتعليم والطعام والمسكن، فالانشغال بالاحتقان وإلغاء المنطق وتصغير القضايا العامة وتحويلها الى صراعات أشخاص أمر غير مقبول، ولا يتفق مع مفاهيم الدولة الحديثة ويرجع الوطن إلى الخلف، ولكن هل ولّى زمن رجال الدولة المخلصين الذين يعملون بهدوء لرفع شأن الوطن والمواطن البلد ومواجهة التحديات المؤمنين بالخير للعامة ويرفضون الصراعات التي لم تجلب على وطننا سوى الخراب والدمار؟
**