ترتبط السلالة المتحورة من فيروس كورونا، «B.1.1.7»، والتي اكتُشفت لأول مرة في المملكة المتحدة، بنسبة تزيد عن 64 % من خطر الوفاة بمرض «كوفيد-19»، وفقاً لبحث جديد نُشر في مجلة تمت مراجعتها من قبل الأقران.
ويبدو أنّ شريحة من الأشخاص المصابين بالفيروس المتحور في المملكة المتحدة، بنسبة تتراوح بين 32 % و104 %، أي نحو 64 %، هم أكثر عرضة للوفاة مقارنةً بالمصابين بتحورات فيروس كورونا المنتشرة سابقاً، وفقاً للدراسة المنشورة في المجلة الطبية البريطانية.
أكثر قابلية للانتقال
وفي البداية، وجدت الأبحاث أنّ السلالة المتحورة أكثر قابلية في الانتقال، ولكن البيانات الجديدة تدعم ادعاءات من مسؤولي المملكة المتحدة، بناء على البيانات الأولية، أنها قد تكون أكثر فتكاً.
وقام الباحثون من مؤسسات مختلفة، بتحليل بيانات لأكثر من 100,000 مريض ثبتت إصابتهم بمرض «كوفيد-19» بين شهري تشرين الثاني العام الماضي وكانون الثاني الماضي، وتمت متابعتهم حتى منتصف شباط الماضي. وألقى الباحثون نظرة فاحصة على الأشخاص الذين كشفت فحوصاتهم عن الفيروس المتحور البريطاني مقارنةً بالأشخاص المصابين بتحورات فيروس كورونا المنتشرة سابقاً.
وأظهرت الدراسة أنّ السلالة البريطانية المتحورة الجديدة من فيروس كورونا ارتبطت بـ 227 حالة وفاة في عيّنة من 54,906 مرضى، مقارنة بـ 141 حالة وفاة بين العدد ذاته من المرضى المصابين بالتحورات السابقة.
يزيد خطر الوفاة
ومن جانبه، قال روبرت تشال، المؤلف الرئيسي للدراسة، في بيان صحفي «لا تزال الوفاة بمرض كوفيد-19 أمراً نادر الحدوث، ولكن الفيروس المتحور B.1.1.7 يزيد من مخاطر الوفاة»، مضيفاً: «إلى جانب قدرته على الانتشار بسرعة، هذا يجعل B.1.1.7 بمثابة تهديد يجب أن يؤخذ على محمل الجد».
وما زال هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد ما يحدث بالضبط في مسار العدوى التي يسببها الفيروس المتحور «B.1.1.7» والذي قد يؤدي إلى زيادة خطر الوفاة، وفقاً لما قاله الدكتور أميش أدالجا، وهو باحث كبير في مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي.
وفي الدراسة، يظهر الخطر الأكبر للوفاة المرتبط بالفيروس المتحور «B.1.1.7» خلال حوالى أسبوعين من مسار مرض «كوفيد -19» مع المريض. وقال أدالجا، الذي لم يشارك في الدراسة الجديدة: «هناك فصل واضح يحدث بعد أسبوعين من ذلك، لذا أود أن أفهم أكثر ما الذي يعتقد مؤلفو الدراسة أنه السبب». وأضاف أدالجا: «هل قد يكون السبب الإصابة بعدوى بكتيرية، بسبب بقاء المرضى في المستشفى لفترة أطول؟ هل من المحتمل أن يكون لديهم جلطات دموية؟ ما المضاعفات التي تسبب هذا التأخير في الوفاة؟».
وتضيف الدراسة الجديدة إلى فهمنا حول الفيروس المتحور «B.1.1.7»، والذي يغذي الارتفاع الأخير في الإصابات بفيروس كورونا في جميع أنحاء أوروبا، بحسب ما ذكره لورانس يونغ، عالم الفيروسات وأستاذ علم الأورام الجزيئي في جامعة وارويك، والذي لم يشارك في الدراسة الجديدة، في بيان صادر عن مركز «ساينس ميديا سنتر».
وقال يونغ: «تؤكد هذه الدراسة العمل السابق الذي يُظهر أنّ الإصابة بالفيروس المتحور B.1.1.7 مرتبط بزيادة خطر الوفاة»، مضيفاً: «تظل الآليات الدقيقة المسؤولة عن زيادة الوفيات المرتبطة بالفيروس المتحور غير مؤكدة، ولكن قد تكون مرتبطة بمستويات أعلى من تكاثر الفيروس بالإضافة إلى زيادة قابلية الانتقال».
إعادة نظر
ومن جهته، قال الدكتور جوليان تانغ، الأستاذ المساعد الفخري وعالم الفيروسات الإكلينيكي في جامعة ليستر، في بيان، إنه «ما زال غير مقتنع تماماً بهذه النتائج» من الدراسة. وأوضح تانغ في البيان الصادر عن «مركز ساينس ميديا سنتر»، أنّ درجات حرارة شديدة البرودة في الشتاء يمكنها أن تؤدي إلى تفاقم الظروف الأساسية، مثل أمراض القلب، والرئة، والكلى، والأمراض العصبية المزمنة، التي قد تعرض الناس لمرض «كوفيد -19» أكثر خطورة أو حتى لخطر الوفاة.
وأشار أدالجا إلى أنه إذا كان الفيروس المتحور أكثر فتكاً بالفعل، بالإضافة إلى كونه أكثر عدوى، فإنّ ذلك يؤكد ضرورة حصول الأشخاص على اللقاح بشكل أسرع، مضيفاً: «ذلك لأننا نعلم أن لقاحاتنا مستقرة وقوية ضد هذا الفيروس المتحور».
وأكد أدالجا: «كلما وفّرنا اللقاح للناس بشكل أفضل، كلما قلّت مشكلة هذا الفيروس المتحور».
**