كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: لم يسجل أمس على جبهة تشكيل الحكومة أي تطور ملموس، حيث يستمر انقطاع التواصل بين المعنيين، في وقت اكدت مصادر مواكبة لهذا الاستحقاق الدستوري عدم وجود اي معطيات تشير الى تحرّك قريب للرئيس المكلف سعد الحريري في اتجاه تقديم تشكيلة او تشكيلات وزارية، حتى ولو زار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال الساعات الـ48 المقبلة. وسيتصدّر واجهة الاهتمام اليوم موضوع استمرار مصرف لبنان في دعم السلع الاساسية من عدمه، وإمكان استخدام جزء من الاحتياط الالزامي لديه لمواصلة هذا الدعم الذي سيكون موضوع البحث الرئيسي في جلسة اللجان النيابية المشتركة اليوم، فيما ستشخص الانظار الى باريس التي ستشهد مساء مؤتمراً دولياً افتراضياً نظّمته الادارة الفرنسية لتأمين مساعدات مادية وإنسانية وإغاثية للبنان لمَحو الآثار التي خلّفها انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الماضي.
تتجه الانظار السادسة والنصف مساء اليوم الى باريس لتتبّع وقائع المؤتمر الدولي لدعم لبنان، الذي دعا اليه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون افتراضياً للبحث في تأمين مساعدات لبنان في هذه المرحلة، ولا سيما منها ما يساعده على معالجة آثار الكارثة التي تسبب بها انفجار مرفأ بيروت ومساعدة المتضررين منه وتأمين إسكان المشردين منهم حتى اليوم، بالإضافة الى تلبية حاجات القطاعات التربوية والصحية والاجتماعية.
وعلمت “الجمهورية” انّ من اكدوا حضورهم وتلبيتهم الدعوة الفرنسية باسم مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان قد بلغ عددهم 38 دولة ومؤسسة وهيئة مانحة، ومن بينهم عدد من رؤساء الدول ورؤساء حكومات ووزراء الخارجية بالإضافة الى وفود تمثّل المؤسسات الدولية والأممية، ومنها وفود من البنك الدولي والبنك الاوروبي وصندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.
السفارة الفرنسية
وعمّمت السفارة الفرنسية ليل امس بياناً صادراً عن قصر الاليزيه تناولَ مؤتمر دعم الشعب اللبناني، وجاء فيه: “سيترأس رئيس الجمهورية، السيد إيمانويل ماكرون، مع الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريش، مؤتمراً بالفيديو دعماً للشعب اللبناني، يوم الأربعاء 2 كانون الأول عند 6.30 مساء (اليوم)”. سيشارك في هذا المؤتمر عبر تقنية الفيديو رؤساء دول ومنظمات دولية وجهات مانحة متعددة الأطراف ومنظمات غير حكومية وممثلون عن المجتمع المدني اللبناني. ويهدف المؤتمر، الذي “يعقد بعد ما يُقارب الاربعة أشهر من الانفجار في مرفأ بيروت، إلى تقييم المساعدات التي قدمها المجتمع الدولي وطرق توزيعها منذ مؤتمر 9 آب الماضي، من أجل تقييم الاحتياجات الجديدة والعمل على تلبيتها في سياق الأزمة في لبنان”.
كلمة لبنان
ومن المقرر أن يلقي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كلمة لبنان أمام المؤتمر عقب كلمة الرئيس الفرنسي. وقد خصّص لكل متحدث ما بين 5 دقائق و8، ومنهم عون الذي أنجز كلمته المختصرة والتي سيتحدث فيها عن الظروف التي قادت الى الوضع السائد، فيقدم صورة واضحة عن الواقع المأزوم في لبنان. كما انه سيحدد في جزء من كلمته حاجات لبنان على مختلف الصعد الإنسانية والإجتماعية والاقتصادية والطبية والتربوية، عدا عن الأزمة النقدية وما بلغته من خطورة في ظل العوائق التي تحول دون تشكيل الحكومة الجديدة الى الآن.
كرة النار
من جهة ثانية، سيكون ملف الدعم والمس بالاحتياطي الالزامي اليوم الطبق الرئيسي في اجتماع اللجان النيابية المشتركة في ساحة النجمة، حيث ستجد الكتل النيابية نفسها محشورة بين شاقوفين: رفع الدعم أو المس بما تبقّى من ودائع الناس، والمعبّر عنه بالاحتياط الالزامي في مصرف لبنان.
وقد بدا من خلال المواقف التي برزت حتى الامس انّ معظم القوى السياسية حضّرت ما يشبه الموقف الرمادي لجلسة اللجان اليوم التي كان قد دعا اليها رئيس المجلس نبيه بري. ولعلّ أول غيث التداعيات ظهر من خلال تأجيل اجتماع المجلس المركزي لمصرف لبنان، والذي كان مقرراً انعقاده اليوم للبَت في موضوع الدعم والاحتياطي الالزامي. ومن المعروف انّ اعضاء المجلس المركزي يعارضون من حيث المبدأ المس بالاحتياطي الالزامي تحت اي ذريعة.
وفي عودة الى اجواء الكتل النيابية، ومن خلال مواقف جمعتها ”الجمهورية”، تبيّن انّ غالبية هذه الكتل ستعمد الى تبنّي المعادلة الآتية: استمرار الدعم شرط تغيير الاسلوب والانتقال من الدعم العشوائي القائم حالياً الى الدعم المُرشّد او المرشّق، والذي يستهدف العائلات المحتاجة، بدلاً من دعم السلع التي يستفيد منها المهربون والتجار والميسورون، وأخيراً الفقراء.
وتأمل الكتل النيابية من خلال ترشيد الدعم، خفض كميات المال الضرورية لاستمرار تأمين السلع الضرورية للطبقات المحتاجة، وبالتالي شراء مزيد من الوقت، واستخدام نسبة صغيرة من الاحتياطي الالزامي، لأنّ الاصرار على عدم المَس بالاحتياطي نهائياً صعب ومعقّد، وقد يؤدي الى مشكلات تعجز السلطة عن تحمّل تَبِعاتها، بما فيها المشكلات الأمنية التي يولّدها الجوع الذي اصبح منتشراً بنسبة 50 في المئة بين اللبنانيين، وفق التقرير الذي أصدره البنك الدولي امس.
وعلمت “الجمهورية” انّ اجتماع المجلس المركزي لمصرف لبنان تم تأجيله الى غد الخميس، أولاً بسبب جلسة اللجان النيابية المشتركة المخصّصة لمناقشة رفع الدعم عن السلع الاساسية، وثانياً بسبب المؤتمر الدولي لدعم لبنان الذي سينعقد في باريس مساء اليوم.
واكدت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” ان “رفع الدعم عن مادة المحروقات اصبح في غاية من الجدية، حيث أبلغ حاكم مصرف لبنان الى المعنيين انه لم يعد في استطاعته تأمين هذا الدعم الذي يكلّف 5 مليارات دولار سنوياً، أي ما قيمته 400 مليون دولار شهرياً”. ورأت المصادر “ان ليس المهم حالياً ما اذا كان هناك قانون يتيح للحاكم الصرف من الاحتياط الالزامي ام لا، بل انّ المهم هو كم سيكفي هذا الاحتياط، فنحن نؤجل المشكلة ولا حلول قريبة وسنصل الى وقت نستنزف فيه الاحتياط الالزامي الذي انخفض أصلاً من 15 % الى 12 %، اي اصبح نحو 17,1 مليار دولار، وهذا يعني ان قيمة الاموال في المصارف ستصبح صفراً”.
وتابعت المصادر: “الخسارة وقعت وهي كبيرة وضخمة وبالتأكيد ستخلف اضراراً فادحة، لكنّ النقاش يجب ان يحسم قراراً سياسياً للبدء بالانقاذ حتى نتمكن من الاقلاع بالبلد من جديد والمدة التي كانت مقدرة لكي يبدأ البلد باستعادة عافيته، اي 5 سنوات اصبحت الآن في حدود 10 سنوات بسبب التأخير في الحلول”.
اما عن سعر الدولار فحذرت المصادر من انه كلما خَفّ الاحتياط كلما ازداد الخطر على ارتفاع الدولار، ورأت “انّ قرار رفع الدعم، وخصوصاً عن المحروقات لأنه هو بيت القصيد بسبب كلفته العالية على المصرف المركزي (لأنّ كلفة دعم الطحين هي 50 مليون دولار والدواء نحو 100 مليون دولار)، سيكون قراراً خطيراً جداً، اذ تخوّفت المصادر من “ان يتحول هذا القرار الى “واتساب” جديد يمكن ان يُشعِل الشارع”.
وكشفت المصادر انه يجري حالياً البحث في خيارين: الاول هو رفع الدعم كلياً وهذا الامر مستبعد لأنّ سعر صفيحة البنزين يمكن ان يصل الى 120 الف ليرة على خلفية هذا القرار او خفض نسبة دعمه الى 70 او 60%، وهذا يمكن ان يؤدي الى رفع سعر صحيفة البنزين نحو 20 الف ليرة (لأنّ كل 10 % رفع دعم تزيد الكلفة 10000 ليرة). مع العلم انّ رفع الدعم عن سعر صفيحة البنزين تتعدى خطورته سعر الصفيحة لأنّ المحروقات تدخل في كل القطاعات مادة حيوية في الانتاج والنقل وغيره وبالتالي سيؤدي الى ارتفاع الاسعار في كل السلع.
وذكرت المصادر في انّ مصرف لبنان يدعم حالياً بنسبة 85% اي يؤمن العملة الاجنبية بنسبة 85% على القطاعات الاساسية: الدواء، المحروقات والطحين بسعر 1500 ليرة للدولار.
سلامة: الودائع موجودة
وبُعَيد إعلانه تأجيل اجتماع المجلس المركزي لمصرف لبنان، أطلّ سلامة عبر قناة “العربية ـ الحدث”، وتوقّع عودة تدريجية لانتظام العمل المصرفي ابتداء من آذار المقبل بعد إتمام عملية رفع الرأسمال المتوقعة في شباط.
وقال: “أقوم بواجبي في خدمة اللبنانيين، والاتهامات الموجهة إلي غير صحيحة ولست جزءاً من الفساد، فأنا مستقل وغير متحزّب”. وأضاف: “ودائع الناس موجودة، والدليل أن لا مصرف أعلن إفلاسه”.
وتابع سلامة أنّ “الودائع موجودة في المصارف وليست في البنك المركزي، وشهرياً هناك ما لا يقل عن 600 مليون دولار يتم سحبها تلبية لحاجات اللبنانيين”. وقال: “علينا تأمين السيولة حينما تحتاج المصارف حمايةً لأموال المودعين، وكل دول العالم تضع حداً للسحوبات النقدية”، موضحاً انّ “هذه الودائع موجودة في المصارف وليست في البنك المركزي”. مؤكّداً أنّ “مصرف لبنان أعاد أواخر شهر أيلول 2020 كل الدولار للمصارف”. وقال: “نحن مع التدقيق الجنائي وسلّمنا حساباتنا، وسنلتزم بتسليم حسابات الدولة لوزارة المال تمهيداً للتدقيق الجنائي”، مضيفاً “إنّ تسليم حسابات المصارف للتدقيق يتطلّب تغيير القانون”.
وحول دعم المواد الأساسية، كشف سلامة أن “لدينا إمكانية للبقاء على الدعم مدة شهرين”. ووصف الكلام عن العقوبات الأميركية على مصرف لبنان، بأنه “كلام غير دقيق”.
موفد بريطاني
على صعيد آخر، وفي إطار الوفود الدولية التي تزور لبنان مستطلعة التطورات ولتقديم المساعادت العاجلة التي تقررت عقب انفجار المرفأ، يصل الى بيروت غداً وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الاوسط السيد جيمس كليفيرلي على رأس وفد يمثّل مجموعة من المؤسسات البريطانية، من اجل تسليم لبنان مساعدات لمواجهة المصاعب التي يواجهها على مختلف المستويات، ولا سيما منها تلك المتعلقة بمواجهة جائحة كورونا ونتائج انفجار المرفأ.
أزمة موروثة
وكان رئيس الجمهورية قد اكد امام زواره امس أنّ “الازمة المالية الحالية هي أزمة “موروثة” نتيجة الدين العام الهائل المتراكم والعجز في ميزان المدفوعات، إضافة طبعاً الى تداعيات جائحة “كورونا” وما خلّفه انفجار مرفأ بيروت من أضرار وخسائر”. وشدد على اهمية “انجاز اقرار التدقيق المالي الجنائي في مجلس النواب وأهميته في استعادة ثقة المجتمع الدولي بلبنان، خصوصاً من خلال دوره في محاربة الفساد وإلقاء الضوء على مكامن هدر المال العام وتحقيق الاصلاح”. وتحدث عن “محاولة لبنان التنقيب عن الغاز والنفط وخضوعه في هذا المجال لضغوط دولية في اطار ما يسمّى “الجيوبوليتيك”، لِمنعه من استثمار ثرواته الطبيعية تحت حجّة ان ما وجد في البلوك الرقم 4 من الغاز غير كاف تجارياً”، مشيراً الى “المفاوضات غير المباشرة التي يجريها لبنان حاليا لترسيم حدوده الجنوبية البحرية”، لافتاً الى أن ”الضغط سيمارس على لبنان في هذا الاطار، إلا اننا متمسّكون بحقوقنا ونعرفها جيداً”.
ديروشيه في بيروت
وعشية الجولة الرابعة من مفاوضات ترسيم للحدود البحرية في الناقورة التي أرجئت الى موعد لاحق، وصل الى بيروت امس الراعي الأميركي لهذه المفاوضات السفير جون ديروشيه، على ان يبدأ جولته على المسؤولين اللبنانيين اليوم، فيزور كلّاً من رئيسي الجمهورية ومجلس النواب، ثم يزور اليرزة ويلتقي وزيرة الدفاع زينة عكر وقائد الجيش العماد جوزف عون.
مواقف
وفي المواقف السياسية رفض البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي امام زواره امس “ان يكون لبنان ورقة مساومة امام اي حل اقليمي او دولي”، داعياً الى “الاسراع في تشكيل الحكومة من دون اي شروط”. وقال: “إنّ مشكلتنا في لبنان اننا نخالف الدستور والميثاق عند كل استحقاق”. وأكد “انّ الفيدرالية او التقسيم حلّ غير وارد على الاطلاق”، داعياً الى “ضرورة تطبيق اللامركزية الادارية الموسعة”. ورفض الدعوات الى دعت الى استقالة رئيس الجمهورية، مشيراً الى “انّ الرئيس لا يعامَل بهذا الاسلوب بل وفق الاصول الدستورية”. وشدد على “ان مبدأ الحياد الناشط هو من طبيعة لبنان والعودة اليه هي عودة لبنان الى هويته الحقيقية”.
الحكم على عياش
من جهة ثانية حدّدت غرفة الدرجة الأولى في المحكمة الخاصة بلبنان ”11 كانون الأول 2020 موعد النطق بحكم العقوبة في قضية عياش وآخرين، فيما يتعلق بالشخص المُدان سليم جميل عياش.
وأشارت في بيان الى أنّ “الجلسة تعقد يوم الجمعة في 11 كانون الأول عند الساعة العاشرة صباحاً بتوقيت وسط أوروبا. وستُبثّ وقائع الجلسة مباشرةً على الموقع الإلكتروني للمحكمة”.
وقررت غرفة الدرجة الأولى بالإجماع، في حكمها المؤرخ في 18 آب 2020، “أنّ السيد عياش مذنب على نحو لا يَشوبه أي شك معقول بجميع التهم المسندة إليه في قرار الاتهام”. وقرّرت أيضاً “أنّ السادة حسن حبيب مرعي، وحسين حسن عنيسي، وأسد حسن صبرا غير مذنبين في ما يتعلق بجميع التهم المسندة إليهم في قرار الاتهام الموحّد المعدّل”.