حضرة الرئيس، حضرات المستشارين، حضرة النائب العام، المحترمين،
المتهم الماثل أمامكم إنسان حر من بلدة الجاهلية قضاء الشوف، وأنا بحمد الله ونعمته توحيدي عربي. هداني قدري منذ الطفولة إلى الحقّ فتبعته. وأضاء لي السراط، فاهتديت وسرت رافع الرأس، أتحدّى الظلم والعبودية، وأتحدّى كلّ ما سلّط الطاغوت على قريتي الجاهلية من مفاسد القرون الوسطى، ومن أوتاد الرجعية التي لم تستطع أن تشدّ أبي وجدودي وأهلي إلى التذابح الطائفي والمجازر العائلية القبلية وإلى مهاوي الفتنة والأحقاد.
سيدي الرئيس، السادة المستشارين،
ترعرعت طفلاً يافعاً، يستمع إلى أهله يقدسون العيش المشترك في الشوف؛ لا يميّزون بين درزي وغير درزي. هؤلاء هم اهلي الذين لا يشبهون أبداً سواهم من أصحاب شيم الزحف اأمام أخطبوط أفقدهم العقل والعزة والكرامة؛ والخاضعين لتقليد أعمى أصمّ، ويعميهم ويصمّهم ويسد عليهم دروب الوعي ومسالك النور والحرية.
وكان أني اهتديت بنعمة تبشير والدي وئام وهاب إلى الطريق التوحيدي وإلى الحقّ والتغيير والكرامة الانسانية، فصرت بفضل انتسابي وانتمائي للتوحيد إنساناً جديداً ومواطناً يسعى إلى الخروج أكثر فأكثر من الشرنقة الضيقة ويسعى إلى خير أهله ورفاقه وناسه.
وصرت متطوعاً في خدمة أبناء الشوف والاقليم وعاليه والمتن وحاصبيا وراشيا ولكل قاصد لدارة الوزير وهاب، طالباً الحفاظ على كرامته وحريته.
صرت مواطناً حراً. همّي هو أن أقوم بواجبي على هدى عقيدتي التوحيدية، فإذا بي طاقة خيّرة تضاف إلى الطاقات الأخرى من طاقات رفاقي المؤمنين بدورهم التغييري فصرنا جماعة واعية متكاتفة وقوية ومنظمة. وأنا صرت نقطة في النهر الذي كان قد بدأ بخميرة تدعى وئام وهاب؛ القائد وئام وهاب.
النهر بدأ نقطة وحيدة منبوذة مضطهدة ولكنه تزايد واستقوى بفعل اليقين والوضوح والصدق فصرنا قوة هادرة ما برحت منذ ستة عشرة عاماً تبذل الخير لمضطهديها من أبناء التوحيد، وتضيء الطريق لمن يعتّمون دربها، وتُستشهد عند الضرورة ولكن بوقفة كرامة وشرف تعلّم الناس كرامة الإيمان، وتبرهن على خلود الأبطال، وعلى أن التوحيد يستحقّ فعلاً أن يسقى بمعاني الحياة واللون الارجواني.
أيها السادة،
هذا المحمد بوذياب المتهم بمحاربة الفساد إزاءكم يقف أمامكم جريئاً بالحق، كريماً بحريته ومعتقده، فخوراً بما فعل، مجاهراً بحقيقته التي لا حياة له من دونها.
أنا محمد أمين بوذياب، من جبل الشوف وجبل الشيخ وجبل السماق وعرنة والسويداء، كنت وفياً ومؤتمناً لقائد مسيرة الكرامة الإنسانية وئام وهاب، مسؤولاً عن سلامته، ومستعدّاً للموت في سبيل القيام بواجبي وقسمي اللذان يفرضان عليّ وعلى كل رفاقي تمزيق أثواب العبودية وإعلاء شأن التوحيد والتوحيد الذي يحررنا جميعاً.
أما الوقائع التي تسألون عنها لإدانتي فها هي أجوبتي:
نعم، كنت بكل فخر محارب لكل أشكال الفساد والظلم والعبودية.
نعم، عرفت بـ “غزوة الجاهلية” قبل حدوثها بقليل.
وظللت بإرادتي حارساً ومدافعاً لوهاب، والدفاع عنه ليس صادراً عنه بل بقرار نابع من ضميري وإيماني بالدفاع عن كرامتي وشرفي وعرضي وأرضي.
هذا كل ما عندي، ولست نادماً على ما أقدمت عليه، وبما أن “غزوة الجاهلية” قد سقطت على أبواب العزة والكرامة فأكون قد وفيت بقسمي الذي هو أسمى وأشرف وأنقى وأطهر من كل محاكمكم وقوانينكم البالية.
إن رجلاً اسمه المحمد؛ أبوه وهاب؛ جدّه سلمان الفارسي؛ استشهاده فخر، وبطولته خلود، وإقدامه إغراء. وقد اختار الطريق لنساكه شرعةً، والرجال تسكرُ بالرجال وتتأثر بالخطى وتبتسم للخطر وتهزأُ بالردى.
لو كان الأمر لي، لجعلت من يوم استشهادي، مأدبة تحدي، مسرح رجولة وعُرسُ مُباهاة!
إن أمةٍ أعطت مثلُ الوهاب، تُجابهُ القمرَ والشمس.