في كل مرة يدخل لبنان عبر مبادرة من قيادي رسمي مسؤول على خط اعادة لبنان الى ساحة الحضور الاقليمي والدولي، من خلال ادوار انسانية واخلاقية وسياسية، تنبري جهات في الداخل قبل الخارج لوضع العوائق في المسار المجرّد من اية غايات سوى المصلحة اللبنانية والتأكيد على ان هذا البلد يستحق ان يكون «وطن الدور والرسالة».
والاخطر في ذلك، هذا التماهي، ربما غير المقصود، بين هذا البعض في الداخل والحملات المعادية التي تبدأ في تل ابيب ولا تنتهي في عواصم الدول الكبرى، في محاولة دؤوبة لعزل لبنان على كل المستويات وتشديد الخناق عليه، في مرحلة شديدة الخطورة تمر فيها المنطقة والتي ترسم فيها خرائط النفوذ وتصاغ التسويات، بينما البعض منشغل في كيفية تدمير اي انجاز لبناني بأساليب رخيصة تعتمد الوشاية وكتابة التقارير والتحريض والدس.
هذه المشهدية المخزية، والتي جعلت سفراء غربيين يتندرون في لقاءاتهم وصالوناتهم عن الدرك الذي وصلت اليه الممارسات على المستوى اللبناني ومن قيادات تعتبر نفسها من الصف الاول وتعمل لتقديم نفسها كمشروع على مستوى المؤسسات الدستورية.
ويكفي الاشارة الى الحملة الاعلامية التحريضية التي انطلقت مع الاعلان عن موعد زيارة المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم الى الولايات المتحدة الاميركية بدعوة رسمية تخللها تكريم له بعد انساني ومعنوي وتقديري ولقاءات رسمية رفيعة المستوى لا سيما مع مستشار الامن القومي الاميركي روبرت أوبراين، والتي تخلله البحث في قضايا اساسية متصلة بحاضر ومستقبل الوضع في لبنان والمنطقة ووجوب تعديل النهج السياسي المتبع من قبل الادارة الاميركية، وهذه الحملة بدأت في تل ابيب عبر وسائل الاعلام الاسرائيلية وصولا الى واشنطن مع حملة ضغط وصلت الى حدود العمل عبر افراد في الكونغرس الاميركي، والمؤسف ان اعلاما عربيا وتحديدا لبنانيا تماهى مع هذه الحملة، التي تبين سريعا انها عبارة عن تمنيات لا مكان لها في اجندة الادارة الاميركية.
وفي هذا الاطار اوضح مصدر دبلوماسي غربي عبر وكالة «اخبار اليوم» «ان ما يدعو الى الاستغراب ان محاولة عرقلة مهمة اللواء ابراهيم تلاقى حولها الداخل مع الخارج، علما اننا على المستوى الدبلوماسي ننظر بارتياح كبير لكل مهمة يقوم بها المدير العام للامن العام، ودائما ننتظر مبادراته ومفاجآته المحققة والتي على الدوام تكون خواتيمها سعيدة، وهو العامل بجهد قل نظيره للوصول الى نتائج عملية في اي ملف يتصدى لمعالجته، وله اسلوبه وطريقته الناجعة في هذا المضمار، وهو اسلوب الصمت المطبق قبل جلاء النتائج».
وكشف المصدر «ان كل الحملة التي سبقت ورافقت وتلت زيارة اللواء ابراهيم الى واشنطن، والتسريبات عن عمد وقصد وسابق تصور وتصميم بأنه مدرج على لوائح العقوبات، بددتها الادارة الاميركية وقطعت دابرها، من خلال زيارة وفد الخارجية الاميركية امس الاول الى بيروت خصيصا للقاء اللواء ابراهيم ودحض كل ما اشيع حيث تم استكمال البحث في الملفات التي تتم متابعتها على اعلى المستويات والتي بعضها يرتبط بمصير اميركيين في سوريا وغيرها».
وقال المصدر «ان زيارة الوفد الاميركي ولقائه اللواء ابراهيم والتي اتبعت امس بزيارة مقصودة قامت بها السفيرة الاميركية دوروثي شيا، اكدت ان العلاقة بين الجانبين اكبر من التسريب والتحريض، وهي علاقة ثقة وتعاون مقدّر في الملفات التي يُعمل عليها، والتي لن تتوقف مهما كانت المحاولات لتعكيرها، لان ما بني على الثقة والجدية والتعاون لن تؤثر عليه الاحقاد والامنيات والرغبات، فالدول تنظر الى مصالحها وليست جمعية خيرية تعمل لصالح هذا او ذاك في لبنان، وهذه المصالح توفّر فرصة مهمة جدا للبنان وقد وجد المفاوض والمحاور اللبناني المتمثل باللواء ابراهيم القادر على ان يكون اسفنجة سياسية وامنية تمتص كل الضغوطات وتسيلها لصالح لبنان».
واوضح المصدر ان «كل التقارير التي وردت والمعلومات التي توفّرت لدينا اكدت ان لقاءات اللواء ابراهيم في الولايات المتحدة الاميركية وتلك التي استكملها في لبنان وعواصم دول اخرى، بيّنت قدرته على اقناع الآخر بأن ممارسة اسلوب الضغط للحصول على تنازلات معينة يوّلد الانفجار والمزيد من التصلّب وارتفاع جدران التباعد، بينما الحوار البنّاء والهادئ والصريح وبلا قفازات يولّد التلاقي ويفتح باب الحلول واسعا على كل الاحتمالات الايجابية ويجعل المستحيل ممكنا والصعب هينا والممكن سريع التنفيذ».
وختم المصدر بالقول «كلما استقر المحيط كلما انعكس ذلك استقرارا على لبنان، وما يقوم به اللواء ابراهيم من حوارات جدية على هذا الصعيد يمهّد الطريق ويضع الارضية الصالحة للمرحلة المقبلة المحكومة بالحوار بدل الضغط، بعدما طال انتظار هذا الحوار منذ اكثر من عقد من الزمن».
المصدر: داود رمال ـ اخبار اليوم
**