كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: مشهدان حكما الداخل اللبناني، في المشهد الأول؛ قدّم الجيش اللبناني ثلة من الشهداء في مواجهة عصابات الارهاب، التي اعادت وضع لبنان في الاستهداف وتخريب سلمه الاهلي. والمشهد الثاني، فقد مُنِح تأليف الحكومة فرصة حتى يوم الخميس المقبل، فإما يكون خميس الصعود نحو ولادة الحكومة، واما يكون خميس الهبوط نحو تعميق الأزمة أكثر، وبالتالي فتح البلد على احتمالات وتداعيات، من شأنها أن تسدّ كلّ مخارج الأزمة. هذا في وقت بقيت باريس حاضرة على الخط اللبناني، إن عبر الرئيس ايمانويل ماكرون، الذي أُفيد بأنّه اجرى اتصالاً امس بالرئيس المكلّف مصطفى اديب للاطلاع منه على آخر تطورات الملف الحكومي، وكرّر ماكرون دعوته قادة الاحزاب الذين التقاهم في قصر الصنوبر الى الالتزام بما تعهّدوا به امامه من تسهيل لولادة الحكومة. فيما اكّدت وزارة الخارجية الفرنسية “أنّ جميع القوى السياسية اللبنانية بحاجة إلى الوفاء بتعهدها بتشكيل حكومة على وجه السرعة”. ولفتت المتحدثة بإسم الخارجية أنييس فون دير مول، الى إنّه “تمّ تذكير القوى السياسية اللبنانية مراراً بضرورة تشكيل حكومة بسرعة، لتكون قادرة على تنفيذ الإصلاحات الأساسية. وكل القوى السياسية اللبنانية أيّدت هذا الهدف. والأمر متروك لها لترجمة هذا التعهّد إلى أفعال دون تأخير، إنّها مسؤوليتها”.
حكومياً، أخفقت مهلة الاسبوعين التي حدّدها الرئيس ايمانويل ماكرون، في ان تفرض نفسها كفرصة ثمينة لولادة الحكومة خلالها، والصورة التي يمكن استخلاصها من مسار تأليف الحكومة الجديدة، تعكس اصطدامه بمأزق معقّد، لا تبدو معه فرصة الأيام الثلاثة الممنوحة حتى يوم الخميس المقبل كافية لفكفكة ألغامه وعبواته الناسفة التي تهدد كلّ هذا المسار، وبالتالي العودة الى نقطة الصفر. واولى الضحايا في هذه الحالة ستكون المبادرة الفرنسية التي تشكّل قوة الدّفع الوحيدة نحو حكومة بمهمات إنقاذية واصلاحية.
حضر الرئيس المكلّف مصطفى اديب الى القصر الجمهوري أمس بلا مسودة، ووضع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في صورة ما بلغته تحضيراته لتأليف الحكومة والعِقَد الماثلة في طريق هذا التأليف، وعلى وجه الخصوص ما يتصل بالعقدة الشيعية المتمثلة بإصرار الثنائي الشيعي على تسمية وزراء الطائفة في الحكومة الجديدة، وعلى إبقاء وزارة المالية من ضمن الحصة الشيعية.
وفي معلومات “الجمهورية”، انّ اجواء لقاء بعبدا كانت تشاورية اكثر منها استعراض لحقائب واسماء. فالرئيس المكلّف، والذي كان بصدد ان يحمل مسودة حكومة الى رئيس الجمهورية، وضع التشكيلة جانباً وقدّم عليها اهمية الدعم النيابي والسياسي لحكومته، وهو ما لم يكن في حسبانه سابقاً، ما يدل بحسب مصادر مواكبة، الى انّه تلقى اشارة ما بالفرملة من جهة ما.
وتشير المعلومات، الى انّ اديب سمع من عون كلاماً مفاده “خلينا نحكي مع العالم”، ففي نهاية المطاف الكتل النيابية هي التي تمنح الثقة، واذا ما بقيت على مواقفها فالحكومة لا ترى النور، ومن اين ستأتي بالثقة؟
واكّدت مصادر فريق التأليف لـ”الجمهورية”، أنّ “مسودة أديب جاهزة بالكامل، إلاّ أنّ تمنيات تلقّاها فريق الرئيس المكلّف، لتأجيل عرضها للبت بها. فتمرير الحكومة بسلاسة يتطلب بالدرجة الاولى تليين المواقف وفكفكة ما أُمكن من العقد، بما يؤمّن لهذه المسودة العبور بسلام، وليس على أرض خلافية، بما لها من آثار سلبية على الحكومة الجديدة، وعلى البلد بشكل عام”.
وفي السياق ذاته، علمت “الجمهورية”، أنّ ايعازاً فرنسياً جاء للرئيس المكلّف بضرورة التريث، لأنّه لو قدّم تشكيلته أمس كانت الامور ستأخذ منحى شديد السلبية بعد المواقف الاخيرة، فكان القرار بإحداث ”تكويعة” او “تنفيسة” في مكان ما، لمنع تدهور الامور ولتحصين المبادرة الفرنسية.
مشاورات عون
وبرزت في هذا السياق مبادرة رئيس الجمهورية الى اجراء مشاورات مع الكتل النيابية، حيث باشر بها بعد ظهر امس، وشملت النائب فريد الخازن ممثلاً “التكتل الوطني”، رئيس “الكتلة القومية الاجتماعية” النائب أسعد حردان، النائب فيصل كرامي ممثلاً “اللقاء التشاوري”، رئيس تكتل “لبنان القوي” النائب جبران باسيل، النائب سمير الجسر ممثلاً كتلة “المستقبل”.. على أن يستكمل اليوم لقاءاته مع رؤساء الكتل النيابية للغاية عينها.
ووصفت مصادر معنية بهذا الامر هذه المشاورات، بأنّها تعويضية عن المشاورات التي لم يجرها الرئيس المكلّف، والذي بدا في عملية تأليف حكومته، أنّه كسر القاعدة المعتمدة بالتأليف وذهب الى حكومة من دون التشاور مع القوى السياسية.
وفيما ادرجت مصادر متابعة لهذا الملف مبادرة رئيس الجمهورية الى اجراء مشاورات مع القوى النيابية والسياسية، في سياق تليين مواقف هذه القوى، اكّدت مصادر مطلعة على خلفية الموقف الرئاسي، انّ خطوة الرئيس عون هي لمساندة الرئيس المكلّف في حلحلة نقاط لها علاقة بالملف الحكومي ككل وليس بالتشكيل، لأن هناك نقاطاً عُلّقت وخصوصا التمثيل الشيعي، المداورة وآلية تسمية الوزراء.
ولفتت المصادر، الى أنّ الغاية الاساس منها هي الاستماع الى آراء تلك القوى، وفي ضوء مواقفها يبني موقفه لجهة القبول بالمسودة التي سيطرحها عليه اديب او رفضها.
وأشارت المصادر الى انّ قرار رئيس الجمهورية بإجراء المشاورات هو سابق للقائه مع الرئيس المكلّف أمس، وحتى ولو انّه قد تسلّم منه مسودة للحكومة، فسيبادر فوراً الى ان يطلب منه التريث لإجراء المشاورات على اساسها، بحيث يعرضها على الاطراف التي سيتشاور معها والوقوف على موقفها مباشرة، لجهة انّها مقبولة ويمكن لها ان تقلع، او العكس. وطالما انّ رئيس الجمهورية لم يتسلّم المسودة، فإنّ مشاوراته مع الكتل ستأتي على قاعدة انّ الرئيس المكلّف حدّد مبادئ معينة لتشكيل الحكومة؛ اي حكومة اختصاصيين يسمّي وزراءها مع إجراء مداورة في كل الحقائب. وبالتالي الاستماع الى موقف الكتل.
وبحسب المصادر، فإنّ رئيس الجمهورية، الذي يميل الى تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن، سيبلغ قراره النهائي الى اديب في لقائهما المقبل بناء على مواقف تلك القوى.
واشارت المصادر، الى انّ رئيس الجمهورية يميل ايضاً الى ان يليّن الثنائي الشيعي موقفهما، وسألت: “لنفرض انّ الثنائي اخذ ما يريده وسقطت المبادرة الفرنسية فماذا لديهما ليقدماه كبديل؟”.
وتمنّت المصادر ان يتعاطى الثنائي مع ملف التأليف بالشكل الذي تعاطى فيه الرئيس عون، “فالأساس بالنسبة الى رئيس الجمهورية هو الّا تضيع الفرصة الفرنسية، ذلك انّ سقوط المبادرة سيأخذ البلد الى تداعيات خطيرة وكبيرة جداً. ومن هنا، رئيس الجمهورية لا يتعاطى مع هذه المسألة من منطلق سياسي تقليدي وصلاحيات وما الى ذلك، بل يتعاطى معها كوضع استثنائي وحكومة استثنائية وفرصة انقاذية، على المستوى الذي أتيح عبر المبادرة الفرنسية. فالآن المرحلة هي مرحلة اقتصادية مالية ولا مرحلة اعراف ولا مرحلة دستور، فلنتجاوز كل شيء ولنعتبر الحكومة ارادياً حكومة انتقالية محدودة الوقت والمهمات”.
على أنّ اهم ما تلفت اليه المصادر الانتباه في هذا المجال، هو انّ ”السنوات الاربع من عمر العهد يمكن اعتبارها سنوات عجاف لم يتحقق منها شيء، ورئيس الجمهورية يريد ان يكمّل عهده بالحدّ الاعلى من الفاعلية، وهو تبعاً لذلك، في هذه المرحلة فإنّ اي اعتبار، حتى ولو كان متعلّقاً بـ”حزب الله” او غيره، لا يعلو لدى رئيس الجمهورية، على اعتبار انقاذ العهد، فهو يريد ان تنطلق حكومة فاعلة وانقاذية واصلاحية، ولا يمكن ان يقبل بشكل من الاشكال ان يكمّل عهده بحكومة تصريف اعمال، والبلد مفلس ولا يوجد معنا ليرة”.
العقدة الشيعية
على انّ اللافت للانتباه في هذا السياق، انّ العقدة الشيعية ما زالت مستحكمة، ولا تؤشر اجواء الثنائي حركة “امل” و”حزب الله”، الى ليونة في موقفهما، ولا سيما ما يتعلق بوزارة المالية، لجهة عدم القبول بالتنازل عنها، او ما يتعلق بما يعتبرانه حقهما في تسمية الوزراء الشيعة في الحكومة.
وفيما لا يبدي فريق التأليف اي تجاوب مع مطلب الثنائي، بل يؤكّد اصراره على تشكيل حكومة ضمن الآلية التي حدّدها، ومن دون حصر حقيبة وزارية بطائفة معينة او فريق معين، اكّدت اوساط الثنائي الشيعي لـ”الجمهورية”، انّ “الكرة ليست في ملعبنا، هناك مسلّمتان ثابتتان هما وزارة المالية والحق في تسمية الوزراء الذين سيمثلون الطائفة، ودونهما فإنّ قرار عدم المشاركة في الحكومة نهائي، وليشكلّوا الحكومة من دوننا، واي حكومة تتشكّل بهذه الطريقة لا تعنينا”.
ولخّصت اجواء الثنائي الموقف من مسار التأليف بقولها: “لا حكومة من دون حق الطوائف والكتل النيابية في التمثيل واختيار الأسماء. ولا حكومة من دون إسناد وزارة المال للطائفة الشيعية”. مشيرة الى انّ ما كان مسموحاً به من قبل ضمن هامش التسهيل الى أقصى الحدود لم يعد مقبولاً الآن، بعدما اتضح انّ العملية اخذت مساراً مختلفاً، وبيّنت نوايا القفز فوق المسلّمات وحشر القوى السياسية، إما أن تقبلوا بما نطلبه وإما تتحمّلون مسؤولية فشل المبادرة الفرنسية امام اللبنانيين والعالم”.
الطرفان محشوران
في هذا الوقت، اكّدت مصادر سياسية لــ”الجمهورية”، انّ استعصاء العقدة الشيعية مردّه الى انّ الطرفين، اي الثنائي الشيعي وفريق التأليف محشوران، فلا الثنائي قادر على ان يتراجع بعد رفع اعتراضه الى السقف العالي، ولا فريق التأليف قادر على ما يعتبره التنازل للثنائي والقبول بشرطهما، فهذا ينسف كل الاساس الذي وضعه لحكومة اعلن انه يريدها حكومة اختصاصيين بمنأى عن السياسيين، وبالتالي إن قبل بالشرط الشيعي فذلك سيفتح ابواب الشروط من الاطراف الاخرى.
تبعاً لذلك، تشير المصادر الى معلومات موثوقة حول حركة اتصالات مكثفة ستجري في الساعات المقبلة، يحضر فيها الجانب الفرنسي على خط الثنائي الشيعي، وتحديداً مع الرئيس نبيه بري، علماً انّ الجانب الفرنسي لا يماشي الثنائي الشيعي في ما يطرحانه، وكذلك عودة الى التواصل السياسي السنّي مع الثنائي الشيعي سعياً الى تليين الموقف، وربما الوصول الى قواسم مشتركة، من شأنها ان تزيل اي شروط او تحفظات تمنع ولادة الحكومة.
6 سيناريوهات
في موازاة ذلك، تؤكد المصادر انه في موازاة هذه المعركة المحتدمة بين فريق التأليف والثنائي الشيعي، هناك 6 سيناريوهات محتملة:
الأول، ان يصرّ الثنائي الشيعي وفريق التأليف على موقفهما، وهذا معناه انّ المواجهة قاسية.
الثاني، أن يتراجع الثنائي الشيعي، وهذا لا يبدو ممكناً لأنه سيدخلهما في إحراج في طائفتهما ومع جمهورهما بالدرجة الأولى الذي بات مشدود العصب مع الشروط التي وضعاها.
الثالث، ان يتراجع فريق التأليف، الّا انّ هذا التراجع مكلف جداً بالنسبة إليه، ويشكل كسرة معنوية له تفتح عليه باب التراجعات ولا تقفله.
الرابع، ان يتراجع الجميع ويتم تركيب حكومة على شاكلة حكومة حسان دياب، اي انّ كل طرف سياسي يسمّي من يمثّله في هذه الحكومة ولو تحت غطاء اختصاصيين وليس حزبيين، وبمعنى أوضح يصبح لكل طرف سياسي وزيره او وزراؤه في الحكومة يديرهم بالريموت كونترول.
الخامس، ان يصرّ فريق التأليف على موقفه، ويسلم الرئيس المكلف تشكيلة حكومية مؤلفة بشروطه، فلا يقبلها رئيس الجمهورية باعتبار انها لا تتمتع بقوة التقليع. وفي هذه الحالة يعتذر الرئيس المكلف عن الاستمرار في مهمته. ومعنى ذلك فتح الباب على المجهول.
السادس، ان يقبل رئيس الجمهورية المسودّة الحكومية التي سيقدمها له الرئيس المكلف، ويحيل أمر الاشتباك معها الى مجلس النواب على ساحة الثقة، وهذا من شأنه ان يفتح الاحتمال على سقوط الحكومة بالثقة، او بالميثاقية سواء حجب النواب الشيعة الـ27 الثقة عنها، او غابوا عن الجلسة، وهذا معناه ايضاً فتح الباب على المجهول.
وتبعاً لهذه السيناريوهات، اكدت مصادر فريق التأليف لـ”الجمهورية”: انّ كل الهدف من تشكيل حكومة الاختصاصيين هو إبعاد العامل السياسي وعدم فتح الباب للتدخلات في عملها، الّا انّ الشروط التي يطرحها الثنائي الشيعي تعيد الامور بشكل او بآخر للعودة الى حكومة تشبه حكومة حسان دياب. وهو بذلك يخاطر بالمبادرة الفرنسية، حيث اذا ما استمر التعطيل والتعقيد، ففرنسا ليست تحت أمرنا إذ قد تصل الى لحظة تقرر فيها ان تنفض يدها من لبنان وتقول لنا تدبّروا أمركم. وساعتئذ هل ثمة من يقدّر ما قد يحصل بالبلد على كل المستويات، وخصوصاً على المستويين الاقتصادي والمالي؟
تعثر موقت
الى ذلك، اكدت اوساط فريق التأليف أنّ الحكومة أصيبت بنوع من التعثّر الموقت، الذي لن يتعدى حدود ايام قليلة جداً.
ولفتت المصادر الى انّ الحكومة التي ستتشكّل هي فرصة للبلد، وهي في الوقت ذاته مريحة للشريك الخارجي وتحديداً الفرنسي في تأليفها، بوصفها فرصة الانقاذ الفرنسية للبنان، التي راهَن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون برصيده الشخصي والسياسي كـ”صولد” على الطاولة الرئاسية في قصر الصنوبر.
ولفتت المصادر الى انّ الرهان الاساس للرئيس الفرنسي يبقى قائماً على المهمّات الحساسة التي تنتظر “حكومته” في لبنان، لتثبت فيها قدرتها على ان تكون بحجم هذا الرهان، الذي ربطه ماكرون بسلّة واسعة من المهمّات التي تنتظر الحكومة على مختلف الصعد، بدءاً باحتواء آثار الانفجار الكارثي في مرفأ بيروت، واستكمالاً بالتصدي للأزمة الاقتصادية والمالية، بما تتطلّبه من خطوات إصلاحية سريعة، تستعيد من خلالها التوازن الداخلي، وتعيد في الوقت نفسه تسليط ”البروجيكتورات” الدولية تجاه لبنان، وتفتح ابواب المساعدات التي ربطها المجتمع الدولي بإتمام الاصلاحات.
وأشارت المصادر الى انّ الرئيس ماكرون أعاد التأكيد في سلسلة الاتصالات التي أجراها في الساعات الماضية مع العديد من الشخصيات اللبنانية على أنّ باريس مصمّمة على إنجاح الحكومة في القيام بمهمّاتها بالشكل المحدّد لها وفق خريطة الطريق التي رسمها الإيليزيه، والتي يفترض ان يلمس الشعب اللبناني انعكاساتها الايجابية في القريب العاجل، وانتقالاً تدريجياً من وضعه البائس الذي هو الأصعب في تاريخه، الى الانتعاش الملموس. وتحقيقاً لهذا الهدف، فإنّ ماكرون أكد في حديثه مع العديد من المسؤولين في الساعات الأخيرة، على أنّ باريس ستكون حاضنة للحكومة وحاضرة معها لتحقيق ما يتطلّع إليه اللبنانيون.
ولفتت المصادر الى انّ باريس تعوّل على الحكومة في أن تكون مغايرة لكلّ النماذج الحكوميّة السابقة، ولا سيما من حيث أدائها ومقاربتها للأولويات وعدم استنساخ آثام الحكومات السابقة وموبقات المحاصصة والصفقات ومحميات الفساد. (مع الاشارة هنا الى انّ تشكيلها يتم بالشراكة الكاملة مع أطراف كان لها ارتباط مباشر بالعديد من الحكومات السابقة المتهمة بارتكابات).
على أنّ السؤال الكبير الذي يطرح في موازاة هذه الحكومة، هو هل ستستطيع بتركيبتها الاختصاصية وبوجوهها الحمائمية كلّها، أن تحكم وتنجز في وضع لبناني معقد سياسيّاً وغارق في الأزمات المتعددة الالوان والاشكال؟
كما انّ السؤال الأهم، الذي يواجه هذه الحكومة: هل ستتمكن من احتواء ارتدادات الطريقة التي شكلت فيها بمعزل عن القوى السياسية، وبعض هذه القوى يعتبر نفسه مستهدفاً بصورة مباشرة كالثنائي الشيعي، بخلق أعراف جديدة، وانتزاع حقيبة المالية من الحصة الشيعيّة في الحكومة؟.
يد ممدودة
في هذا السياق، قالت مصادر مشاركة في تأليف الحكومة لـ”الجمهورية”: كما هو واضح، فإنّ الحكومة ليست سياسية، وليس فيها أيّ تمثيل سياسي أو حزبي، ما يعني انّ كلّ الأطراف السياسية خارجها، بل هي حكومة تضم مجموعة كفوءة من الاختصاصيين في شتى المجالات، وهذه هي نقطة قوتها الاساسية، وأحد أهم عناصر نجاحها في أداء ما هو مطلوب بعيداً عن اي مداخلات او معطلات كما يحصل في التجارب الحكومية السابقة، والتي يجب ان نعترف انّها كانت فاشلة، وراكمت كل عناصر وأسباب الازمة التي يعانيها لبنان.
ولفتت المصادر الى انّ الحكومة تمدّ يدها الى كل الاطراف، وبتركيبتها الإختصاصية لا تشكل استفزازاً لأحد، بل على العكس، فإنّ مهمتها ليست سياسية، ولا تنافسيّة مع اي طرف، بل انّ مهمتها محددة بهدف وحيد هو إنقاذ البلد، وبالتأكيد هذا الهدف يشكل نقطة إجماع بين جميع اللبنانيين.
وأشارت المصادر الى انّ هذه الحكومة تأسيسيّة لزمن لبناني جديد، عنوانه الإصلاح والدولة النظيفة، وهذا الهدف يتحقق بتعاون الجميع، وخصوصاً بين الحكومة ومجلس النواب، حيث انّ أمامنا عملاً مشتركاً في إنجاز مجموعة كبيرة من القوانين التي تبنى عليها الاسس المتينة للاصلاح المنشود.
مطاردة الارهابيين
أمنياً، وبعد ايام قليلة على توقيف إرهابي على صلة بجريمة كفتون في 21 آب الفائت، نفذت وحدات من الجيش عملية ضد الارهابيين، حيث طاردت خلية إرهابية في منطقة البداوي في الشمال وتمكنت من قتل الرأس المدبّر للخلية الارهابي خالد التلاوي، فيما استشهد 4 عسكريين.
وجرى قتل التلاوي خلال مداهمات ليلية في المنطقة، بعد اعتداءات نفذتها الخلية على عناصر مخابرات الجيش ليل الاحد الاثنين في بلدة كفرحبو – الضنية، بعد فراره مع 3 عناصر كانوا معه في اتجاه الضنية، إثر عدم امتثالهم لأوامر حاجز الجيش عند مدخل بلدة عشاش – قضاء زغرتا.
وتشير المعلومات الى انه على بعد 400 متر من هذا الحاجز، أردى الجيش التلاوي قتيلاً، حينما حاول الفرار بعد مداهمة شقة في البداوي تعود إلى المدعو عبد الرحمن الرز، واختبأ فيها الارهابيون. وأعلنت قيادة الجيش – مديرية التوجيه، في بيان، أنّه “إلحاقاً ببيانها السابق المتعلّق بعملية الدهم في منطقة جبل البداوي حيث ألقى رأس الخلية الإرهابية التي نفذت عملية كفتون، المطلوب خالد التلاوي، رمّانة يدوية وأطلق النار على عناصر الدورية ما أدى إلى استشهاد 3 عسكريين وإصابة رابع بجروح بليغة أدّت إلى استشهاده لاحقاً، فقد طاردت وحدات الجيش الخلية الإرهابية التي فرّت من المنطقة في اتجاه محلّة رشعين – طريق بنحي عند الساعة 3.30 فجراً، وعمدت إلى تطويق المحلّة المذكورة حيث اختبأ الإرهابيون. وخلال العملية أقدم الإرهابي التلاوي على إطلاق النار في اتجاه أحد العسكريين الذي ردّ عليه بالمثل، ما أدى إلى مقتله على الفور، وتجري ملاحقة أفراد المجموعة الإرهابية لتوقيفهم”.
توتر بين “القوات” و”التيار”
وليلاً، وقع إشكال كبير بين أنصار “القوات اللبنانية” ومحازبين من ”التيار الوطني الحر” أمام الأمانة العامة لـ”التيار الوطني الحر” في محلّة ميرنا الشالوحي، واستمر لأكثر من ساعة ونصف.
وفي التفاصيل، أنه لدى مرور موكب تابع لمناصري “القوات اللبنانية” وإطلاقه الشعارات لمناسبة ذكرى استشهاد الرئيس بشير الجميّل، استنفر مناصرو “التيار” وتجمعوا بالقرب من المركز، قبل أن يتدخل الجيش اللبناني ويحاول الفصل بين الطرفين. وسمع إطلاق نار متقطع في محيط المركز، واستقدم الجيش تعزيزات إضافية وأقام حاجزاً بشرياً للفصل بين الطرفين، قبل أن يسود الهدوء الحذر.
وتعليقاً، صدر عن اللجنة المركزية للاعلام في “التيار الوطني الحر” بيان جاء فيه: “إنّ “التيار الوطني الحر” يعتبر ما حصل اعتداء مرفوضاً على حرمة مقرّه العام وعلى كرامة مناصريه، ويضع هذا المشهد بكل تفاصيله أمام الرأي العام ليحكم ويميّز بين مدرستين ونهجين. وهو في الوقت الذي لن ينجَرّ فيه الى محاولة التوتير التي يسعى إليها جعجع، يؤكّد انّ زمن إخافة مجتمعنا وترهيبه من قبل قلّة مسلّحة لن يعود بوجود “التيار الوطني الحر”. وهو يطلب من القوى العسكرية والامنية تحمّل مسؤوليّاتها ومنع هذه الحالة الشاذة، على أن يحتكم الى القضاء لأنه مؤمن بدولة المؤسسات والقانون لا بمنطق الشارع والميليشيا”.