بين عملية سرقة وعمل إرهابي، تفاوتت المعلومات الأمنية وتضاربت القراءات السياسية لحادث كفتون وما تلاها صباح أمس خلال عملية توقيف المطلوب في البيرة عكار، إذ لم يتبلور السبب حتى الساعة وراء الحدثين، ففي حين رجّحت مصادر أن يكون السبب عملًا ارهابيًا ينذر ببداية مرحلة خطيرة يتخللها خروقات أمنية مختلفة، توقعت مصادر أخرى أن ما حصل لا يعدو كونه عملية سرقة تطوّرت وخرجت عن مسارها لتتحوّل إلى مأساة.
وكانت سيارة مجهولة من نوع “هوندا أكورد” من دون لوحات في داخلها 4 أشخاص دخلت كفتون الكورة ليل السبت، وأطلق ركابُها النار من رشاشات حربية فأردوا ثلاثة شبان، ليفرّوا بعدها هاربين في سيارة أخرى كانت تنتظرهم مخلّفين وراءهم رشاشات ومسدسات وكاتماً للصوت وقنبلة يدوية.
على خلفية الحادث، داهمت مجموعة من القوّة الضاربة في شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي في الساعات الأولى من صباح الاثنين منزل يوسف خ. في محلة العامرية – البيرة للاشتباه بتورطه بجريمة كفتون.
وتضاربت المعلومات بادئ الأمر وسط تكتّم الجهات الأمنية، بحيث تداولت وسائل إعلامية أن المطلوب قام بتفجير نفسه، ليتبيّن لاحقًا أن صوت التفجير الذي سُمِع كان نتيجة استخدام القوى الأمنية للمتفجرات والقنابل الدخانية بغية إلقاء القبض عليه إلا أنّه استطاع الفرار إلى جهة مجهولة.
ورجّحت مصادر أمنية لـ “أحوال” أن يكون المطلوب هو من كان يقود السيارة في حادث كفتون، مشيرةً إلى أنّه قد تمّ توقيف أخوته للتحقيق معهم، علمًا أن في سجلّه أربع سنوات سجن في رومية بتهمة التعامل مع مجموعات إرهابية.
واستبعدت المصادر أن يكون الحادث قد حصل على خلفية عمل إرهابي، نافية نفيًا قاطعًا أن يكون عملًا مدبّرًا لاستهداف النائب نديم الجميّل كما حاول هذا الأخير أن يشيع، بل إن المؤشرات حتى الساعة ترجّح أن يكون الحادث وقع بغية السرقة.
وعلم “أحوال” أنّه تمّ رصد كاميرات التسجيل في محيط الجريمة ليتبيّن أن سيارتين كانتا برفقة سيارة الهوندا انطلاقًا من منطقة عكار، إحداهما رابيد والثانية مرسيدس بيضاء اللّون، انتظرتا على مدخلَي البلدة ولم ترافقا السيارة الرئيسية إلى ساحة الجريمة، بمهمة تأمين حماية للمجرمين، وعندما وقعت الحادثة، فرّ المجرمون عبر هاتين السيارتين تاركين خلفهم سيارة الهوندا.
في المقابل، استبعد مصدر آخر أن تكون الجريمة حصلت بدافع السرقة، مرجحًا أن الأمر كان تنفيذَ عمليةٍ إرهابيةٍ أُحبطت قبل أن تحصل، “لكن حتى الساعد لم يدرك أحدٌ ماهية هذه العملية”.
وأضاف: “هذه المعطيات مؤشرٌ خطيرٌ إلى أنّنا قادمون على بداية مرحلة جديدة، قد تُنبئ بسلسلة أعمال تفجيرية يمكن أن تطال لبنان ومنطقة الشمال بشكل خاص”.
وفي القراءة السياسية لهذه المستجدّات، وأيًا يكن السبب وراء الحادثة، الحقيقة واحدة، الجريمة وقعت وهي قابلة للتكرار في ظل ضعف الدولة وغياب المؤسسات وتراجع السلطة المركزية المتمثل بالخلافات الحادة والانقسامات العميقة بين القوى السياسية والتخندق الذي تعيشه مختلف الأطراف اللّبنانية.
هذه الحال ستؤدي حتمًا إلى الفوضى، فبقدر ما تتراجع السلطة المركزية تكبر مساحة التفلت الاجتماعي والأمني، وهذا ما تعتبره المجموعات الإرهابية فرصة لإعادة التجمّع، بالتزامن مع حالة انهيار اقتصادي واضطراب اجتماعي نتيجة الفقر والعوز والحاجة بحيث تكثر بشكلٍ لافت في الأشهر الأخيرة بحسب ما تشير التقارير القضائية، عملياتُ السرقة والنشل والطعن. كلُّها أمور تخلق مناخات مؤاتية لهذه المجموعات لتعيد نشاطها الإرهابي إلى سابق عهده.
المصدر: أحوال ميديا – نهاد غنام
https://ahwal.media/archives/2226
**