كتبت صحيفة ” الجمهورية ” تقول : ان بقينا على هذا المنوال من التراخي والاستلشاء واللامسؤولية، فلن يتأخّر الفيروس الخبيث في ان يطرق باب كل بيت، وأيّ ندم ينفع بعد ذلك؟.
الوباء يتفشّى اكثر فأكثر، وها هو يحصد المئات يوميًّا، والتحذيرات تأتي من كل حدب وصوب وتنذر بأنّه يقترب، او هو اقترب فعلاً من ان يشكّل تسونامي وبائياً، ويصبح خارج السيطرة نهائياً إن لم تُعتمد الإجراءات الوقائية الكابحة لانتشاره المريع. اما الأخطر من الوباء نفسه، هو المواطن اللبناني الممعن في فقدانه الحسّ بالمسؤولية، ويرتكب عن سابق تصوّر وتصميم واهمال ومكابرة وجهل وغباء، الجريمة الكبرى بحق نفسه وابنائه وعائلته، من دون ان يدرك بأنه يمهّد الطريق لفيروس “كورونا” للفتك بكلّ المجتمع اللبناني.
السكوت على هذه الجريمة، لم يعد جائزاً على الاطلاق، فالبلد المخنوق أصلاً، بأزمات في كلّ مفاصله الاقتصادية والمالية لم تبق لديه ولو نسبة ضئيلة من القدرة على النهوض، ناهيك عن آثار الكارثة التي احدثها انفجار “نيترات الموت” في مرفأ بيروت، التي اضافت الى اهتراء الوضع اللبناني اهتراء اكبر واشدّ. وبالتالي امام هذا الواقع الاسود، صار لا بدّ من وسيلة رادعة، أقلّها إعلان حالة الطوارئ الصحيّة الجديّة، والصارمة والالزاميّة، أسوة بدول العالم، حتى ولو اقتضى “أحكاماً عرفية” بحق المكابرين، تحجز الناس في بيوتهم وتمنع تجولهم، وتفرض عليهم عدم الاختلاط ولو بالقوة.
ليس في هذا الطرح اعتداء على الحرّيات، بل هو امام ما وصل اليه الوضع، يشكّل السبيل الأوحد والمتبقّي لحماية البلد واهله من الاندثار والسقوط النهائي امام الوباء الخبيث.
وزير الصحة
الى ذلك، وفيما بحث رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب مع السفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبيكين امكان حصول لبنان على كمية من اللقاح الروسي الجديد ضد فيروس كورونا، شدّد وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن على “أنّنا وصلنا إلى شفير الهاوية فعلًا، ولم يعد لدينا ترف الوقت ولا مزاجيّة الإلتزام من قِبل المواطنين”.
واذ اكّد حسن في مؤتمر صحافي، بعد اجتماع اللجنة العلميّة الطبيّة، أنّه “أصبح لدينا تفشٍّ لوباء “كورونا” في معظم المناطق اللبنانية ولم تعد هناك أي منطقة أو قرية خالية من ”كورونا”، شدّد على “وجوب احترام الإجراءات والتوصيات من قِبل الجميع. ففي هذه المرحلة بالذات، لا مجال للمناورة أو الاستخفاف بالإجراءات”.
وأعلن حسن، أنّ “التوصية الأولى هي الإقفال العام لمدّة أسبوعين”، مفسّرًا أنّ “توصية الإقفال لمدّة أسبوعين هي أقل فترة زمنيّة تسمح لأطقم الصحّة والفرق الميدانيّة، أن تتتبّع المخالطين وتسعفهم، وتخفّض عدد المصابين بـ”كورونا”، إلى حدّ يستطيع النظام الصحّي استيعاب عدد الإصابات. لدينا أكثر من منطقة فيها إصابات، وحالات تعاني من عوارض، ولم يتمّ تأمين أسرّة لهم بعد”.
ولفت الى انّه بات من الصعب على المستشفيات الخاصة والحكوميّة في العاصمة بيروت خصوصًا، أن تستقبل حالات إضافيّة مصابة بـ”كورونا”، ويجب إنشاء مستشفيات ميدانيّة وتخصيص البعض المجهّز منها والّتي وُضعت حيّز العمل، لعلاج المرضى المصابين بـ”كورونا”. موضحًا أنّه “سيُصار إلى دفع علاج وتغطية فواتير “كوفيد- 19” على نفقة وزارة الصحة العامة في المستشفيات الخاصة، بحسب القرض المخصّص من “البنك الدولي”.
”نيترات الموت”
قضائياً، باشر المحقق العدلي في انفجار “نيترات الموت” في مرفأ بيروت القاضي فادي صوان تحقيقاته، حيث استجوب امس، وعلى مدى 4 ساعات ونصف الساعة، المدير العام للجمارك بدري ضاهر، في حضور وكيلي الدفاع عنه المحاميين منيف حمدان وجورج خوري. وفي نهاية الاستجواب أصدر القاضي صوان مذكرة توقيف وجاهية بحق ضاهر، لينتقل القاضي صوان بعد ذلك الى مرفأ بيروت لتفقد موقع التفجير ومعاينة الأضرار الناجمة عنه.
يأتي ذلك في وقت استمر فيه عمل الخبراء المحليين والاجانب في موقع التفجير لتبيان ملابساته وتحديد اسبابه ما اذا كانت نتيجة اهمال، او نتيجة عمل مقصود بفعل فاعل، وذلك بالتوازي مع استمرار وصول المساعدات الانسانية الدولية، وحطّت لهذه الغاية مجموعة من الطائرات، الى جانب بعض السفن المحمّلة بمواد طبية وغذائية. فيما اعلنت الخزانة الاميركية انّ وزراء مالية مجموعة السبع بحثوا تقديم الدعم للشعب اللبناني.
النطق بالحكم
سياسياً، اليوم الثلثاء 18 آب 2020، هو يوم المحكمة الدولية للنطق بالحكم في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، و21 شخصاً استشهدوا معه.
وعشية اصدار هذا الحكم، المنتظَر منذ يوم الجريمة في 14 شباط 2005، اي منذ ما يزيد عن 15 عاماً، لإنزال العقاب بالقتلة، تزدحم الاجواء اللبنانية بالاسئلة وعلامات الاستفهام حول ماهية الحكم، وما اذا كان سيحمل جديداً عمّا بات معلوماً حول هويات المتهمين، وما اذا كان هذا الحكم سيكتفي بحصر الجريمة بأشخاص محدّدين، ام أنّه سيأتي بصيغة اشمل، لا تتوقف عند الاشخاص المتهمين، بل تتوسع الى مرجعيتهم الحزبية؟
ما بات مؤكّداً، هو انّ الحكم سيطال اشخاصاً مرتبطين بـ”حزب الله”، وهو سليم عياش، حسن مرعي، حسين عنيسي وأسد صبرا، والحزب، عبر امينه العام السيد حسن نصرالله، استبق النطق به قبل يومين، بقوله: “انّ حزب الله ليس معنياً بهذا الحكم، واذا حُكم على اي من اخواننا بحكم ظالم كما هو متوقع، نحن متمسكون ببراءة اخواننا، وبأنّهم ابناؤنا وافرادنا، وهذا هو موقفنا، وهو قرار كأنّه لم يصدر، لأنّه قرار صدر منذ سنوات بعيدة بالنسبة الينا”.
الّا انّ السؤال الذي يفرض نفسه، امام هذا الحدث، يدور حول تداعيات هذا الحكم، وكيف سيتلقفه الشارع اللبناني، وكيف سيقاربه الأطراف المعنيون به، وعلى وجه الخصوص البيئة الحريرية السياسية والعائلية؟ وكيف سيتلقفه لبنان الرسمي، وكيف ستتلقفه القوى السياسية المنقسمة اصلاً حول المحكمة الدولية؟
حبس انفاس
يسود الوضع العام عشية صدور الحكم، حال اقرب الى حبس الانفاس، وخصوصا انّ لحظة النطق به، تشكّل نقطة فاصلة بين مرحلة امتدت على 15 عاماً من التحقيقات والبحث عن القتلة، ومرحلة جديدة بعده، من الصعب التكهن مسبقاً بالوقائع التي قد تتدحرج فيها، علماً انّ اجواء ما قبل صدور الحكم عابقة بسيناريوهات سلبية، خلاصتها انّ الحكم ستترتب عليه تداعيات تهزّ لبنان، ليس اقلّها تضييق الخناق على “حزب الله”.
امين عام “حزب الله”، نبّه في اطلالته قبل نهاية الاسبوع الماضي، مما سمّاها “محاولة استغلال المحكمة” لدفع الامور في اتجاه الاستفزاز والشتائم والسباب. فيما اكتفى الرئيس سعد الحريري بالاعلان قبل ايام، عن انّه سيكون له موقف بعد صدور الحكم، من دون ان يحدّد وجهة هذا الموقف. وفي موازاة ما قيل عن انّ موقف الحريري سيكون عقلانياً واستيعابياً، اكتفى مقرّبون منه بالاشارة الى انّ موقف الرئيس الحريري سيكون موضوعياً ومسؤولاً، لأنّه يريد فقط ظهور الحقيقة وتحقيق العدالة”. فيما ذهب آخرون الى القول بأنّه لا يريد الانتقام.
وفيما غادر الرئيس سعد الحريري الى لاهاي ليكون حاضراً في لحظة النطق بالحكم، ومعه النائبان السابقان مروان حمادة وباسم السبع، وعدد من ذوي الشهداء، راجت معلومات عن انّ تيار “المستقبل”، وبتوجيهات من الحريري، طلب الى مناصريه ضبط النفس وعدم القيام بأي ردود فعل بعد صدور الحكم.
لا استشارات
في المقلب السياسي الآخر، فإنّ الدخان الحكومي ما زال داكناً، وعدم التوافق على اسم الشخصية التي ستشكّل الحكومة الجديدة، يبدو انّه سيمنح الحكومة المستقيلة فترة مديدة من تصريف الاعمال، ليس في الامكان تحديد سقفها الزمني، إذ لا حركة المشاورات الخارجية التي تتمّ برعاية فرنسية مباشرة مع الاميركيين والسعوديين، وصلت الى حسم اسم تلك الشخصية، وثمة مواكبون لحركة المشاورات هذه يرجحون صعوبة حسم الاسم في المدى المنظور، ولا حركة المشاورات الداخلية، وعلى محدوديتها، تقاطعت حول اسم معيّن، ولا نجحت حتى الآن في اختراق جدران الشروط التي يضعها الرئيس سعد الحريري لعودته من جديد الى رئاسة الحكومة.
على انّ البارز في هذا السياق، هو انّ المشاورات الداخلية، هي اقرب الى تقطيع الوقت، اذ انّ اطرافها على اختلافهم، وإن كان لكل منهم مرشحه الذي يراه مناسباً لترؤس الحكومة الجديدة، متيقنون من انّهم لا يمتلكون قدرة حسم اسم رئيس الحكومة، وخصوصاً انّ هذه المهمة منوطة هذه المرة، وبالكامل بالطباخ الخارجي.
مزيد من الوقت
وفي معلومات “الجمهورية”، انّ التواصل استمر بين رعاة حركة المشاورات الخارجية، وجهات لبنانية مسؤولة، حيث تبلّغت هذه الجهات انّ الامور ليست مقفلة، وانّ “الطبخة الحكومية” بدءاً بحسم اسم رئيس الحكومة، ما زالت تحتاج الى انضاج، والى مزيد من الوقت. وانّ الفرنسيين ما زالوا يدفعون في اتجاه الانضاج السريع لهذه الطبخة، ولكن ثمة في المقابل برودة ملحوظة في الموقف الاميركي، ومن خلاله الموقف السعودي، حيث لم تتوفر حتى الآن التغطية المطلوبة والكاملة لأي من الاسماء المحدودة جداً التي تمّ التداول بها، الّا انّ الميل ما زال ملحوظاً نحو اسم الرئيس سعد الحريري، ولكن من دون ان يُحسم ذلك حتى الآن، فيما تراجعت حظوظ السفير نواف سلام، بعدما ثبت انّ اسمه لا يشكّل نقطة توافق عليه، بل انّ اعتراضات شديدة عليه وردت الى الراعي الخارجي للمشاورات، من قِبل فرقاء لبنانيين.
وبحسب المعلومات، فإنّ ما تبلغته الجهات اللبنانية من المطبخ الخارجي ايضاً، يفيد بأنّ اسم رئيس الحكومة يأتي في الدرجة الثانية من حيث الأهمية، بالنسبة الى الطباخ الخارجي، ذلك انّ ما هو اهم من اسم الرئيس، مواصفات الحكومة الجديدة، وشكل التمثيل فيها، مع اعطاء الافضلية لحكومة “تكنو – سياسية”، ذات تمثيل ومحتضنة شعبياً وتحمي الاستقرار الداخلي وتعبّر عن ارادة الناس وتطلعاتهم في التغيير، واجراء الاصلاحات التي عبّروا عنها منذ انتفاضة 17 تشرين الاول 2019، ومع رغبة اميركية شديدة في ان يكون “حزب الله” خارج هذه الحكومة، والّا يتمثل فيها بشكل مباشر.
وتضيف المعلومات، انّ الحال نفسه ينطبق على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، حيث قيل صراحة في المطبخ الخارجي، انّ عودته الى الحكومة ستشكّل تحدّياً كبيراً جداً للشريحة الواسعة من اللبنانيين التي نزلت الى الشارع في 17 تشرين وما بعده. وثمة اشارة بالغة الدلالة مرتبطة بالموقف الاميركي من باسيل، تجلّت خلال زيارة وكيل وزارة الخارجية الاميركية دايفيد هيل الى بيروت، واستبعاده باسيل من برنامج لقاءاته، علماً انّ ثمة من سعى حثيثاً الى اتمام هذا اللقاء، لكنه فشل في ذلك.
خلاصة المشاورات الداخلية
الى ذلك، قدّمت مصادر سياسية معنية بحركة المشاورات الداخلية لـ”الجمهورية”، خلاصة بما بلغته هذه المشاورات حتى الآن:
- اولاً، كل الاطراف المعنية بالملف الحكومي، متقاطعة عند مسلّمة اكيدة، وهي حماية الاستقرار الداخلي والحفاظ على السلم الاهلي وتجنّب كل ما يمكن ان يمس بهما، او يجر البلد الى توترات من اي نوع كانت، وهذا ما يؤكّد عليه المجتمع الدولي بشكل عام. وكان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قد شدّد على هذا الامر خلال زيارته الاخيرة الى بيروت، وكذلك فعل وكيل وزارة الخارجية الاميركية دايفيد هيل، الذي اكّد على اولوية الاستقرار.
- ثانياً، كل هذه الاطراف، مدركة حجم الأزمة الاقتصادية والمالية التي وصل اليها لبنان، وحجم الكارثة الكبرى التي احدثها انفجار “نيترات الامونيوم” في مرفأ بيروت، وبالتالي هي متيقنة انّ ما كان يصلح قبل انفجار “نيترات الموت” في 4 آب لم يعد ممكناً ما بعده، وبالتالي هي ملتزمة بشكل قاطع بوجوب سلوك مسار الاصلاحات في شتى المجالات، بوصفها خشبة الخلاص والمعبر الالزامي والوحيد للخروج من هذه الازمة.
- ثالثاً، لا يوجد في نادي المرشحين لرئاسة الحكومة، اي اسم متداول سوى اسم الرئيس سعد الحريري، وبالتالي كل الاسماء التي يتمّ التداول بها، هي اسماء اعلامية لا أكثر، وتأتي خارج المشاورات الجارية، اي انّها غير جدّية. ( جدير ذكره هنا، انّه برغم عدم جدّية الاسماء المطروحة غير اسم الحريري، فإنّ “حزب الله” عبّر عن رفض قاطع ونهائي لإسم السفير نواف سلام، وهذا ما تمّ ابلاغه لمعنيين بحركة المشاورات).
- رابعاً، لا حكومة حيادية، ولا حكومة مستقلة، ولا حكومة تكنوقراط على شاكلة الحكومة المستقيلة، بل حكومة تكنو – سياسية، اكثريتها من الاختصاصيين، توحي بالثقة للبنانيين، وتحظى بغطاء اقليمي ودولي، وتؤمّن من خلال برنامجها الاصلاحي، مفتاح الدعم الدولي للبنان.
- خامساً، الأولوية لحكومة جامعة تتمثل فيها كل الاطراف، ولا “فيتو” على مشاركة اي طرف، الّا من يضع هو نفسه “فيتو” على مشاركته، فهذا شأنه، وسيُحترم قراره، ولن يقاتل احد لاقناعه بالمشاركة.
- سادساً، الاولوية لحكومة تتشكّل سريعاً، وتنهي حال تصريف الاعمال، الذي كلما طال امده، تراكمت اضرار اضافية على البلد، وتنفذ برنامج عمل حثيثاً لإزالة آثار انفجار المرفأ، ومتابعة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وبوتيرة مختلفة عمّا كانت سائدة مع الحكومة السابقة، وفضيحة الاشتباك على الارقام وتقدير حجم الخسائر، على ان تستمر في عملها الحثيث هذا حتى نهاية ولايتها مع الانتخابات النيابية المقبلة، ومعنى ذلك لا انتخابات مبكّرة على الاطلاق. (اشارة هنا الى انّ تكتل “الجمهورية القوية” قدّم امس اقتراح قانون معجلاً مكرّرا لتقصير ولاية المجلس النيابي، لتنتهي في تاريخ 9 ايار 2021، على ان تجري الانتخابات لانتخاب مجلس جديد قبل هذا التاريخ).
- سابعاً، بالنسبة الى التمثيل في الحكومة، فكل شيء مرتبط فيه قابل للبحث، موقف ”حزب الله” يتسم بالليونة، وليس هناك اصرار لديه على المشاركة في الحكومة عبر حزبيين.
لا شيء محسوماً
وعندما تُسأل المصادر عن موعد الاستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها رئيس الجمهورية لتكليف رئيس الحكومة، تؤكّد استحالة تحديد موعد لاجراء هذه الاستشارات قبل معرفة هوية رئيس الحكومة، وحتى الآن لا شيء محسوماً، ولكن من المؤكّد انّ تكليف رئيس الحكومة سيتم قبل زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت المحدّدة مطلع ايلول المقبل.
ما ذكرته هذه المصادر السياسية ينطوي على شيء من التفاؤل بحسم التكليف في غضون ايام قليلة (الحريري الاوفر حظاً)، وبأنّ مسألة مشاركة “حزب الله” في الحكومة لن تشكّل عقدة مستعصية على الحل (اذ يمكن استنساخ تمثيل الحزب في حكومة حسان دياب). الاّ انّ ما تخشى منه هذه المصادر، هو ان نصل بعد التكليف الى السقوط في عقدة او عِقد مستعصية في مرحلة التأليف، حيث قد تكمن في توزيع الحقائب الوزارية، في ظلّ طروحات بدأت تظهر من الآن عن تمسّك بعض الاطراف بذات الحقائب الوزارية التي كان يمسكها، في مقابل طروحات بإعادة خلط الوزارات السيادية، وكذلك اعادة خلط الوزارات الخدماتية الاساسية، وخصوصا تلك التي كانت محسوبة على جهات معينة واسنادها الى جهات اخرى، ومن بينها على وجه التحديد وزارة الطاقة ووزارة الاتصالات.
وكان موضوع الإستشارات الملزمة محور اتصال أجراه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون برئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث تبيّن أن لا موعد للإستشارات خلال هذا الأسبوع، واتفقا على استمرار التواصل بينهما.
بري: اسمّي الحريري
الى ذلك، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري، انه يسمّي الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة، لافتاً الى انّ لا شروط لدى الحريري. مشيرًا الى انّه ابلغ هذا الامر الى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ووزير الخارجية الايرانية محمد جواد ظريف ووكيل وزارة الخارجية الاميركية دايفيد هيل.
ورداً على سؤال حول الشروط التي يضعها الرئيس الحريري قال: “ليس لديه اي شروط، وهنا اقول من لديه غير سعد الحريري حاليا فليقدّمه”.
وقال بري: “لا حل ولا خلاص للبنان الّا بأن يمتلك الجميع جرأة وشجاعة الذهاب نحو الدولة المدنية. فخلاص لبنان لا يكون الّا بالإقدام على هذه العملية الجراحية الدستورية”.
وسأل بري : “اذا كان ذلك مستنداً على قاعدتين اساسيتين هما الحفاظ على الدستور وحفظ حقوق الاديان والطوائف، فما الذي يمنعنا من القيام بهذا الامر؟”، وقال: “من الخطا ان يعتقد احد ما انّ هذا الطرح ليس اوانه اليوم، بالعكس هذا كان يجب ان يحصل قبل عشرين عاماً”. مشيراً الى انّ كل ذلك منسجم مع الدستور وخاصه المادة 22 منه، والتي تتحدث عن انتخاب مجلس للنواب وطني، وعن مجلس للشيوخ تتمثل فيه العائلات الروحيه وتنحصر صلاحياته بالقضايا المصيرية.
ورداً على سؤال حول ما طلبه المبعوث الأميركي دايفيد هيل، أكّد بري أنّ “المطلوب كان حكومة جامعة وقوية وقادرة على اتخاذ القرارات والإصلاح، تراعي شروط اليوم وتراعي كذلك الإصلاحات المطلوبة دولياً” مؤكّداً انّ “الاصلاحات مطلوب السير فيها بسرعة وأي مضيعة للوقت هي خسارة للمصير”.
وعن المحكمة الدولية، اعتبر بري أنّ “كل الأجواء التي صدرت عن نجلي الرئيس الشهيد سعد وبهاء، هي إيجابية وتبعد شبح الفتنة والمزيد من التأجيج”.
وحول التحقيق في انفجار المرفأ قال بري: “الخوف من انتهاء ملف التحقيقات برؤوس صغيرة، بل يجب أن تطال كل من له علاقة بهذه الفاجعة مهما كانت الرؤوس كبيرة، لا غطاء على أي أحد يثبت تورطه بالموضوع، وإن احتاج الأمر تعديلات دستورية أنا جاهز لأقوم بها ولا أغطي أحداً”.
وعن ترسيم الحدود، أوضح بري: “أننا على بعد أيام أو أسابيع للإعلان لوضع آلية ترسيم الحدود، وبعد الكشف عنها، يُحال الملف للسلطة التنفيذية، وإن أتى شينكر نهاية الشهر يمكن أن يحمل رداً إسرائيلياً- أميركياً حول الموضوع”.