كتبت صحيفة “الديار” تقول: عشية اجتماع المجلس الاعلى للدفاع، وعلى وقع “تشنج” مناطقي وطائفي، واستعدادات للتصعيد في “الشارع” يوم الثلثاء المقبل لمنع حكومة “مواجهة التحديات” من نيل الثقة، أقر مجلس الوزراء بالاجماع البيان الوزاري، دون اي تعديلات جوهرية على الرغم من تسجيل الرئيس نبيه بري تحفظاته على خطة الكهرباء… في هذا الوقت تفاعل ملف تحويل اموال من المصارف الى سويسرا وغيرها، وسط معلومات متضاربة “وكباش” سياسي مصرفي سيكون مفتوحا على مصراعيه في الاسابيع المقبلة وسط تساؤلات حول الجدية في متابعة هذا الملف من خلال الكشف عن اسماء السياسيين والمصارف.. في غضون ذلك، وتزامنا مع “ولادة” البيان الوزراي، دخلت والولايات المتحدة على خط التصعيد على الساحة اللبنانية، فواشنطن زادت من قيودها على تحويل الدولارات الى لبنان، وبعد التشدد في ملاحقة التحويلات من المغتربين وخصوصا من افريقيا، فوجىء مسؤول رسمي سابق تولى منصب رفيع المستوى في لبنان بمنعه من تحويل مبلغ مالي، وابلغ ان وزارة الخزانة الاميركية اتخذت قرارا بذلك، وباتت هذه العملية تخضع للكثير من التدقيق، ولن يسمح الا للمصارف بتحويل جزء من ودائعها، لمنع انهيارها، وقد قلصت هذه المبالغ الى النصف. وقد تزامنت هذه الاجراءات مع الاعلان الرسمي عن صفقة القرن، وهذا يؤشر الى مرحلة جديدة من الضغوط على لبنان لتمرير الصفقة.. من جهتها دخلت اسرائيل على الخط من خلال توسيع رقعة هجماتها الجوية على سوريا في توقيت دقيق وشديد الحساسية، وكذلك من خلال حملة ضغوط ممنهجة لدى المسؤولين الاوروبيين والاميركيين في سبيل ربط اي مساعدات او استثمارات اقتصادية للبنان بتنازلات سياسية واضحة تقلص “نفوذ” حزب الله..
“ضغوط” اسرائيلية وحذر أوروبي
وبحسب معلومات “الديار”، فقد ابلغت جهات اوروبية بارزة مسؤول لبناني معني بالملف المالي والاقتصادي، بان ما سيواجهه لبنان من تحد في الفترة المقبلة سيكون فوق “طاقته”، وهو يحتاج الى اكثر من جولات مكوكية لرئيس الحكومة حسان دياب الى دول الخليج واوروبا..
وبحسب تلك الاوساط، تتحرك اسرائيل بفعالية لمنع حصول لبنان على “خشبة خلاص” جدية دون الحصول على تنازلات كبيرة ترى انها متاحة اليوم في ظل الاوضاع الاقتصادية الخانقة التي يمر بها ويجب استغلالها على اكمل وجه لاضعاف حزب الله..
وقد تولى وزير الخارجية الاسرائيلية يسرائيل كاتس القيام بمروحة اتصالات شملت نظيره الاميركي ونظراءه في فرنسا وبريطانيا واليابان، لشرح الموقف الاسرائيلي ودفع هذه الدول لتبني وجه نظر متشددة ازاء الوضع اللبناني، وقد تقدم بورقة عمل تنص على طبيعة التقديمات مقابل التنازلات المطلوبة لبنانيا..
واذا كانت واشنطن لن تدفع من “جيبها” اي دولار، فان الاسرائيليين يأملون بان تضغط على الدول الخليجية وفي مقدمتها قطر لمنع ضخ السيولة للبنك المركزي اللبناني، فيما تعمل اسرائيل على الضغط مباشرة على الدول الاوروبية كي تطور موقفها وتتجاوز ربط مساهماتها بمكافحة الفساد والشفافية الى ما يرتبط مباشرة بموقع لبنان السياسي في المنطقة..
“ورقة” التحريض الاسرائيلي
وفي هذا السياق بدأت تتبلور “خارطة طريق” اسرائيلية – اميركية تتحدث عن مغريات تشبه ما ورد في مؤتمر “سيدر” من تطوير للبنى التحتية واعادة ترميم موانئ بيروت وطرابلس، وبناء شبكة طرق وقطارات، لكن الاضافة في هذا السياق تكمن في زيادة دعم ومشاركة الوكالة الأميركية للاستثمارات في الأعمال التجارية الصغيرة والمتوسطة، وهذا ما سينقل لبنان من الاقتصاد الريعي الى الاقتصاد المنتج.
وتنص “الورقة” الاسرائيلية على ان دين لبنان لامس المئة مليار دولار، وهي تصف ازمة المصارف على نحو واضح بالانهيار وليس بالتعثر، وتشير الى ان شبكة “البنوك” منهارة وهناك نقص عميق في العملة الصعبة ولكي يحصل على عملية “الانقاذ” سيتعين عليه أن يغير في توجهاته السياسية، وبشكل محدد أن يطرد “حزب الله” من الشراكة السياسية في الحكومة والبرلمان، وهذا ما تؤيده واشنطن التي تشترط مشاركة وكالة حكومية أميركية او تلك التابعة للقطاع الخاص بهذا الشرط لانها ليست في وارد ان تقرض أو تمنح الأموال لحكومة تكون الكلمة الأخيرة فيها لـ “حزب الله.
“الكلمة” الاخيرة لواشنطن
ووفقا للمصادر الاوروبية، تبقى “الكلمة” الاخيرة لواشنطن وليس لاسرائيل في هذا الملف، وحتى الان تنتظر الدول الاوروبية والخليجية الموقف الاميركي الذي لم يتبلور بعد في مسألة التعامل مع الحكومة اللبنانية الجديدة..
وقد ترجم ذلك في اقتصار لقاءات السفيرة الاميركية اليزابيت ريتشارد على رئيس مجلس النواب نبيه بري وعدم التواصل مع رئيس واعضاء الحكومة وهو امر يشيربوضوح الى التريث الاميركي في ابداء المرونة او التعاطي معها الى ما بعد جلسة الثقة، ومن منطلق كلام نائب وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الادنى دايفد شينكر عن سوء حالة لبنان الاقتصادية، والربط بين اي مساعدة للنهوض الاقتصادي على صفقة القرن
“ابتزاز” اسرائيلي عبر “التهويل”
ووفقا لتلك الاوساط، تستخدم “اسرائيل” ايضا سياسة الابتزاز مع اوروبا عبر التلويح بهز الاستقرار اللبناني، ف “اسرائيل” لا تريد شن الحروب الان في المنطقة لا تزال “تهول” بشن ما يعرف “بمعركة” بين “حربين” اذا ما شعرت ان مصالحها مهددة على نحو جدي، خصوصا ان مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط تتغير فهي لم تعد تعتمد على موارد المنطقة كما في السابق، وقد فشلت خطتها في تشكيل تحالف “سني” ضد المحور الشيعي، وبات العبء على اسرائيل وحدها خصوصا إذا قررت الإدارة الاميركية سحب قواتها من سوريا والعراق، وهذا ما سيضع اسرائيل في موقع الدفاع عن المصالح الأميركية.
واذا كانت الولايات المتحدة لا تريد حربا مع إيران، فان اسرائيل تبدو معنية بمواصلة الحرب “غير المباشرة” عبر استهداف التموضع العسكري الإيراني في سوريا ومواجهة “الصواريخ الدقيقة”، وهذا يفتح “ابواب” المفاجآت على مصراعيه ، فإسرائيل تعتبر سوريا الحلقة الأكثر ضعفاً في محور الاعداء، ولكنها لا تزال تعتبر ان التهديد الرئيسي يأتي من لبنان، وتخشى قدرات حزب الله العسكرية وخصوصا آلاف الصواريخ ومنها مئات عالية الدقة وكذلك طائرات دون طيار، وقوات “خاصة” مدربة على اختراق الحدود.
حزب الله “التحدي الاكبر”
وبناء على ذلك، فان لبنان يبقى جبهة التهديد الرئيسية، ومحاولة روسيا لإنهاء سريع للقتال في ادلب سيقفل “الساحة” السورية امام استمرار المناورات الاسرائيلية، ما سيجعل اسرائيل في مواجهة التحدي الاكبر المتمثل بقدرات حزب الله، ولهذا تسعى جاهدة لاسقاط الحزب من الداخل كي لا تضطر في نهاية المطاف للذهاب الى مواجهة لا تريدها لانها تدرك حقيقة نتائجها المدمرة.. لكنها تلوح بها للاوروبيين لابتزازهم والضغط عليهم بورقة اللاجئين كي يتماشوا مع وجهة نظرها للمضي قدما في الضغط الاقتصادي على لبنان..
“استجواب” اوروبي
وفي سياق متصل، تعرض رئيس الحكومة لجلسة “استجواب” من قبل سفراء الاتحاد الاوروبي حول الخطط الحكومية الاصلاحية، وادراكا منه لحجم الضغوط الاسرائيلية- الاميركية اكد رئيس الحكومة خلال الاجتماع ان وضع لبنان مقلق اقتصاديا وزاد من ازمته النزوح السوري، وقال نحن نتطلع الى وقوف الدول الأوروبية الصديقة الى جانبه في هذه الأزمة، مشيرا الى ان لبنان يعرف مدى حرص الدول الأوروبية على استقراره لأن اي اهتزاز في هذا الإستقرار ستكون له انعكاسات سلبية على اوروبا ايضا. لافتا الى ان لبنان يحتاج اليوم الى مساعدة عاجلة على مختلف المستويات، مشددا على ان محاربة الفساد هو من اولويات الحكومة من جهته اكد ممثل رالف طراف ان اللقاءات الاولية التي جمعته بالوزراء الجدد مشجعة وهم ملتزمون بالعمل الجدي.
“كباش” بري والمصارف..؟
في غضون ذلك، لم تمر معلومات رئيس مجلس النواب نبيه بري التي اكد فيها بان “خمسة مصارف حول اصحابها أموالهم الشخصية الى الخارج، وتقدر بمليارين و300 مليون دولار” مرور الكرام، وقد تسبب كلامه بخضة كبيرة في القطاع المصرفي، حيث عقدت هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان اجتماعا امس شارك فيه اعضاء الهيئة والمدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم ورئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود، تم خلاله البحث في قضية التحويلات الى الخارج البالغة 2.3 مليار دولار، ومسألة شرعية الأموال المحوّلة أو عدمه، ووفقا للمعلومات طرح ابراهيم ملف التحويلات قبل شهر من 17 تشرين، خصوصا ان ثمة تحويلات مشبوهة جرت في شهر ايلول…
وكان لافتا ان لجنة الرقابة على المصارف شككت بالمعلومات، وقالت ان “ما ورد من عن تحويلات بمبلغ 2.3 مليار دولار هي لأصحاب المصارف غير دقيق ومغلوط والمصارف كلها قامت بتحاويل ولا يحق قانونا للجنة معرفة أصحابها.
وفي موقف ينم عن “كباش” مقبل بين بعض السلطة السياسية والمصارف اكدت اوساط مصرفية ان معلومات بري غير دقيقة، وقالت ان أهل القطاع ساهرون على مصلحة الدولة أكثر من مسؤوليها، كونهم يقدرون مدى خطورة فقدان الثقة بالسلطتين النقدية والمصرفية، والتي قد توصل إلى الانهيار المخيف”.
ما جديد ملف الكهرباء؟
ووفقا لاوساط وزارية، لم تتغير خطة الكهرباء، واضيف اليها تعديلات شكلية، وجرى تبديل في اولويات الفقرات، وركز البيان على اطار عمل للحكومة وتبدلت الاولويات فجاء الاقتصاد اولا والسياسة اخيرا، ولعلها المرة الاولى التي تحدد فيها الاهداف بسقوف زمنية فالمرحلة الاولى مئة يوم، والثانية سنة، والثالثة ثلاث سنوات…
وفي هذا السياق ترك وزير الطاقة ريمون غجر “الباب مفتوحا” لاي طرح لخطة انتاج الكهرباء، ولفتت تلك الاوساط، انه لا خلاف على تعيين مجلس الادارة الجديد، لكن هناك وجهات نظر مختلفة حول تعيين الهيئة الناظمة، فبينما يصر عليها البعض يعتقد دياب ووزير الطاقة ان التعيين سيؤخر انطلاق العمل في الخطة، ولذلك جرى الاتصال مع الجهات الخارجية التي وعدت بالتعامل ببراغماتية مع الملف اذا لمست جدية..
تعديلات “شكلية”..
فقد اقر مجلس الوزراء البيان الوزاري بالاجماع، وبعد ادخال تعديلات طفيفة اليه، أقر البيان بالاجماع واحال امين عام مجلس الوزراء الى امين عام مجلس النواب 150 نسخة عنه تحضيرا لجلسة الثقة في البرلمان التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري يومي الثلثاء والاربعاء المقبلين. والى فقرة النازحين، تمت اضافة موضوع ضمان الشيخوخة في البيان تحت بند “تقوية شبكة الأمان الاجتماعية”. اما خطة الكهرباء التي انتقدها رئيس مجلس النواب نبيه بري، فاعلنت وزيرة الاعلام منال عبد الصمد بعد الجلسة ان “هناك خطة تمت الموافقة عليها في مجلس الوزراء عام 2019، وهي التي ستنفّذ مع بعض التعديلات اذا اقتضى الامر، وهو شأن يعود الى الوزراة المختصة اي وزارة الطاقة لدرس كل البدائل وتأمين الكهرباء كما هو موعود”. وعما اذا تم تغيير المعادلة الثلاثية القائمة على “الجيش والشعب والمقاومة”؟ اجابت “كلا، لا خلاف على هذه المعادلة”.
وفي مستهل الجلسة، طلب الرئيس عون اضافة بند عودة النازحين السوريين الى نص البيان الوزاري. اما دياب، الذي التقى عون قبل الجلسة، فاطلق على الحكومة تسمية “حكومة مواجهة التحديات” واشار الى ان البيان الوزاري غير مستنسخ، وهو نتج عن احد عشر اجتماعا في فترة قصيرة، وهو سيكون نموذجا للحكومات التي ستلي. اضاف ان هذا البيان هو نتاج وقائع ودراسات، ولا يحمل اي مقاربات شخصية او حسابات فردية. ان طموحنا اكبر بكثير، لكن البرغماتية وضعتنا امام حقائق لا يمكن تجاهلها.
الشارع يستعد للمواجهة
وفيما تستعد قوى 14 آذار للمشاركة في جلسة الثقة وتأمين النصاب لانعقادها بعد عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت، الذي يستعد لاحياء ذكرى 14 شباط، يستعد الشارع في المقابل للتحرك يوم الثلثاء والاربعاء المقبلين لمحاولة اجهاض جلسة منح الثقة للحكومة، وتشير المعلومات الى وجود تحضيرات منظمة وخطط لمنع وصول النواب إلى البرلمان، وفي هذا السياق رفعت القوى الامنية من جهوزيتها، ولهذه الغاية سيعقد اليوم مجلس الامن الاعلى للدفاع بدعوة من رئيس الجمهورية للبحث في الاوضاع الامنية في البلاد بعد ازدياد التوتر الطائفي والمناطقي ولوضع مراجعة شاملة للخطة الامنية لمواجهة اي حراك يهدف الى قطع الطرقات وتوتير الاوضاع الامنية في البلاد..
فرع المعلومات يتدخل..
وفي هذا السياق، تفاعلت المواجهات التي حصلت بين ناشطين من طرابلس ومناصري عضو تكتل لبنان القوي النائب زياد أسود في المعاملتين، وتم احراق مكاتب للتيار الوطني الحر في طرابلس وعكار على وقع تشنج طائفي ومناطقي انعكس على وسائل التواصل الاجتماعي، فيما أجمعت المواقف على ادانة الخطاب الطائفي المذهبي المناطقي الذي اعتمده مرافقو اسود، وفي وقت رفع عدد من المحامين اخبارا ضد هؤلاء، وقد اوقف فرع المعلومات احد مرافقي اسود الذي اعتدى على احد شبان طرابلس..