كتبت صحيفة “الجمهورية ” تقول : تنعقد جلسة مجلس النواب اليوم لدرس وإقرار موازنة 2020 أم لا تنعقد… هو ما شغل الجميع طوال نهار امس وليلاً، في ظل دعوات المنتفضين للنزول الى وسط بيروت ابتداء من فجر اليوم، لمنع النواب من الوصول الى مقرّ مجلس النواب في ساحة النجمة وإقفال المنافذ المؤدية اليه، ما اثار مخاوف من حصول مواجهات اليوم بين القوى الأمنية والمحتجين، قد تدفع الى تأجيل الجلسة، خصوصاً اذا لم يتوافر لها النصاب القانوني النيابي والحكومي.
علماً، انّ النقاش في مختلف الاوساط حول مدى دستورية انعقاد هذه الجلسة، في حضور حكومة لم تنل ثقة مجلس النواب بعد، فيما الموازنة المطروحة وضعتها الحكومة السابقة ولم يتسنّ للحكومة الجديدة الإطلاع عليها حتى تدلي بدلوها في شأنها.
على رغم من الاتصالات التي جرت في مختلف الاتجاهات ليل امس، فإنّ الجلسة ظلت محفوفة باحتمال التأجيل، خصوصا في حال نجحت مجموعات الحراك في منع النواب من الوصول الى مقرّ المجلس، علماً انّ زوار رئيس مجلس النواب نبيه بري امس نقلوا عنه تأكيده انّ الجلسة في موعدها من دون ان يدلي بأي تفاصيل اضافية.
وكان المنتفضون إنطلقوا في مسيراتٍ حاشدة في بيروت خلال عطلة نهاية الأسبوع ضد الحكومة تحت عنوان “لا ثقة”، رافضين ان تُعطى الثقة النيابية والشعبية، وواصفينها بأنّها “حكومة المحاصصة السياسية”، ورفعوا لافتات كُتب عليها لا ثقة لحكومة ”التكنومحاصصة”. وقد تخلّل المسيرات مواجهات بين المحتجين والقوى الامنية، خصوصاً قرب السراي الحكومي الكبير، وانتشرت عبر مواقع التواصل الإجتماعي أمس، دعوات للحراك، تطلب إلى المنتفضين في مختلف المناطق النزول إلى بيروت فجر اليوم الإثنين، لمنع الوزراء والنواب من الدخول إلى المجلس. كذلك دعا الحراك الطلاب الى الإضراب المفتوح والنزول إلى الطرق، وذلك اعتراضاً على إعطاء الثقة للحكومة الجديدة. فيما أعلن عدد من المنتفضين عن تنفيذ “زنّار بشري” عند السابعة صباح اليوم حول وسط بيروت، بما يقفل كل المنافذ المؤدية الى مجلس النوّاب.
دياب
في هذه الأجواء، كشفت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية”، انّ رئيس الحكومة حسان دياب “اعتبر انّ ما هو مطروح في هذه الجلسة لا سابق له في تاريخ لبنان، وهذه هي المرة الأولى التي تُطرح إشكالية من هذا النوع على المستويين السياسي والدستوري”.
وأضافت، انّ دياب كان حتى ليل امس ما زال يستقصي الآراء لجهة دستورية مشاركته في الجلسة اليوم، على رغم من انّه الغى مواعيده قبل الظهر ليتسنى له المشاركة في الجلسة، على ان يلتقي بعد الظهر عدداً من الشخصيات السياسية في لقاءات عادية.
”النص واضح”
وعشية الجلسة، قال رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان، ”انّ المادة 69 من الدستور واضحة لجهة دستورية جلسة إقرار الموازنة غداً (اليوم). وانّ النص واضح لا يقبل الاجتهاد واللبس. وإن المادة 86 تعطي مهلة حتى نهاية كانون الثاني للصرف على القاعدة الاثني عشرية”.
ورداً على كنعان اوضح خبير دستوري لـ”الجمهورية”، انّ “كلام كنعان واضح ولا يقبل اي جدل. ولكن لو سُئل عن قدرة الحكومة الجديدة التي لم تنل الثقة بعد على المشاركة في جلسة الغد (اليوم) هل ستكون الجلسة دستورية. فالحكومة التي لم تضع هذه الموازنة لا يمكن ان تتبنّاها ولا يمكنها ان تدافع عنها”.
وأضاف: “الأخطر من ذلك انّ الحديث الدولي والإقليمي عن الإصلاحات المطلوبة بالسرعة القصوى لم يعد له أهمية، لأنّ الموازنة المطروحة اليوم تقترح ارجاء البت بالإصلاحات الى سنة 2021 وهذا امر سلبي جداً”.
الفذلكة الثانية
وعلمت “الجمهورية”، انّ موظفين من الأمانة العامة لمجلس النواب اتصلوا بالنواب ظهر الجمعة وطلبوا منهم تسلّم فذلكة جديدة للموازنة قبل الرابعة من بعد ظهر اليوم نفسه، بعد تمديد دوام المجلس استثنائياً، وذلك لكي تكون هذه الفذلكة بتصرفهم ضمن المهلة الفاصلة عن جلسة اليوم الإثنين المخصصة لهذا الموضوع.
ولمّا تسلّم النواب الفذلكة الجديدة اكتشفوا انّها لا تحمل توقيع وزير المال الجديد غازي وزني، ولا توقيع الوزير السابق علي حسن خليل. وما ظهر ثابتاً انّ الفذلكة الجديدة هي غير الفذلكة الأولى التي تسلّمها النواب قبلاً، وهي تحتوي على ملخص لتقرير لجنة المال والموازنة، وانّ التعديلات الطارئة عليها في نهاية الصفحة الثالثة تتضمن “طلباً من الحكومة الجديدة الى مجلس النواب لاتخاذ التدابير اللازمة لإقرار موازنة العام 2020 من اجل ضمان استمرارية العمل في المرفق العام”.
وإزاء نفي وزير المال الجديد عدم ارسال الفذلكة الى المجلس النيابي، طُرح السؤال عن الجهة التي اوصلتها الى المجلس النيابي وكيف عمّمت نصاً لا يحمل توقيع صاحبه.
البيان الوزاري
على صعيد البيان الوزاري، يُنتظر ان تستأنف اللجنة الوزارية المكلّفة صوغه اجتماعاتها اليوم في السراي الحكومي، في ظل توقعات بإنجازه خلال هذا الاسبوع تحضيراً لمثول الحكومة به امام مجلس النواب لاحقاً لنيل ثقته.
واكّد مصدر وزاري لـ”الجمهورية”، انّ “السعي هو في اتجاه وضع بيان وزاري واقعي وعملي، بحيث يكون قادراً على التعامل بأكبر مقدار ممكن من الصدقية والفعالية مع الازمة الاقتصادية – المالية وتحدّي مكافحة الفساد وتطبيق الاصلاحات”.
واشار المصدر، الى “انّ المطلوب بيان وزاري يشبه تركيبة حكومة الاختصاصيين، لجهة اعتماد المقاربات العلمية والشفافة في مواجهة التحدّيات الكبيرة، بعيداً من التنظير الاستهلاكي”.
ولفت الى “انّ هذا البيان سيكون المدخل نحو كسب ثقة الداخل والخارج او فقدانها، وبالتالي هو سيوضع تحت مجهر التدقيق المحلي والدولي، وسيؤشر الى ما اذا كانت الحكومة تستحق فرصة ام لا، الامر الذي يفرض الدقة في تحديد محتواه بما يتناسب مع طبيعة المرحلة الاستثنائية”.
دعم إيراني
وفي جديد المواقف الدولية من الحكومة الجديدة، برز أمس موقف ايراني عبّر عنه الناطق باسم الخارجية الإيرانية عباس الموسوي، في بيان قال فيه، إنّ بلاده “تدعم الحكومة الجديدة في لبنان برئاسة حسان دياب”. وأضاف “أنّ إيران، تعتبر تشكيل هذه الحكومة في الظروف الراهنة، تطوراً إيجابياً”.
وقال: “تشكيل حكومة في لبنان، في ظل هذه الظروف الإقليمية والدولية، نابع من مطالب الشعب اللبناني، وهو خطوة إيجابية إلى الأمام، في حلّ مشكلات هذا البلد”.
وأضاف: “نأمل في أن تكون الحكومة الجديدة قادرة على تلبية مطالب الشعب اللبناني، الذي لديه اعتزاز كبير بمقاومة الاحتلال والبلطجة الخارجية”. وشدّد موسوي، على استعداد بلاده الكامل، ”لمواصلة تطوير العلاقات مع لبنان، وتقديم الدعم الكامل للحكومة اللبنانية الجديدة”.