مما لا شك فيه أن الفساد يُشكل خطراً على كافة المجتمعات، الفقيرة منها والغنية، إذ أنه وبعد انتشار هذا الوباء في لبنان بشكل كبير، فإن تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة الإنسانية تصبحان مطلباً مستحيل التحقيق، وما انتشر الإستبدادُ في العالم إلا نتيجة لشيوع ظاهرة الفساد.
وعند الحديث عن الواقع اللبناني، فإن المجتمع اللبناني يعاني من آفة الفساد كغيره من مجتمعات العالم، فالطبقة السياسية تعاني، ومنذ توليها مقاليد الحكم في العام 1990، من صعوبات في الأداء، ومن معوقات مختلفة، تقف في وجه إرساء قواعد الحكم الصالح. وترتبط بعض هذه الصعوبات بطبيعة البيئة السياسية التي تحيط بعمل السلطة، بينما يرتبط بعضها الآخر بظروف نشأتها التاريخية، وخبراتها المتواضعة في الحكم، ووجود إشكالات تتعلق بالانتقال من سياسة المحاصصة والزبائنية إلى منطق الدولة والوطن.
فاز المنتخب اللبناني بلقب بطولة إتحاد غرب آسيا الثانية للشابات (دون 18 عاماً) لكرة القدم بعد فوزه على نظيره البحريني. وقد صنعت لاعبات منتخب لبنان هذا الفوز بقيادة كابتن المنتخب بالمباراة النهائية ريدا وئام وهّاب.
ما فعله المنتخب اللبناني بفوزه بالبطولة والكأس أمام دهشة اللبنانيين والعرب والذي تحمل لاعباته قلوبًا قوية لا يقف في وجهها اليأس أو الإحباط، ويحملون رايات التطور والتقدّم في بلدهم، ويسعون إلى فعل المستحيل لإنتزاع النصر والنجاح، يعجز عنه الكبار الذين حولوا لبنان الى أعلى الدول مديونية في العالم؛ ويشحذ المال من جميع الدول على شكل هبات أو قروض ميسرة وطويلة الأمد.
يحق لإبنة الأرز وكابتن فريق المنتخب اللبناني ريدا وئام وهاب ورفيقاتها الشعور بالفخر والإعتزاز بعد فوزهن التاريخي؛ والحق بالحلم بغدٍ أفضل قوامه الهمة ومداده العنفوان والتحدي، والتغني بأمجاد وطن الأرز حيث كانوا عنوان انتصاره.
لم يكن قرار ريدا وهاب وفريقها في رسم حدود خارطة جديدة للوطن قراراً سهلًا، ولم يكن عنوة أو مجاملة، بل انطلاقًا من غايات سامية وأهداف عالية، وفكر واعٍ تخطّى الحب والألم لمستقبل يحاكي طموح وتطلعات شبابنا.
الرياضة في لبنان بحاجة إلى وقفة من الجهات المسؤولة سواء على مستوى الدولة في أرفع درجاتها أو على مستوى وزارة الشباب والرياضة، فشابات المنتخب اللبناني اللواتي خضنّ تلك البطولة بإسم لبنان ينبغي أن يجدن الاهتمام والرعاية من الدولة، فطالما أدخلن الفرح الى قلوب الشعب اللبناني في ظل الإحباط الذي يعيشونه يجب أن يكرّمن التكريم اللائق، وأن تهتم الدولة بهن ليكونوا نواة لفريق لبناني قادم أكثر إصراراً على تحقيق أفضل النتائج، والدموع التي ذرفت ابتهاجاً بهذا الإنتصار الكبير، والمباراة التي تحقق فيها أمل لبنان يجب ألا تذهب هدراً، ولابد أن تجعلها وزارة الشباب والرياضة مقدمة لإنتصارات مقبلة.