بليلة مظلمة، مهّدت لها أيادي وألسنة الفتنة، كاد أن ينتهي كل شيء، وينقلب الوطن على وجهه بخسارة مبينة..
كاد البلد الواقف على ما تبقى له من استقرار أمني بعد وقوع ذاك السياسي وانهيار ذاك الاقتصادي، كاد أن يقع في فتنة أشعلتها مقاطع فتنوية على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد ان أعدَّت حطامها على مدى أيام كل المواقف والممارسات المتراكمة، والأوراق التي يلعب بها البعض في بازار السياسة، منه قاصداً ومنه عن غير قصد..
نجا الوطن الى حين، بفعل وعي رجالات حكمة وعلم ودين، وصبر أناس محتسبين، يؤمنون بالوطن، ولأجل استقراره وأمنه قدَّموا كل غال ونفيس..
ولكي نلامس بر الأمان، فعلى الجميع قراءة ما يجري بعين العقل والحكمة، لا عبر مراهقات السياسة وأدواتها الإعلامية والشعبوية، ولا المغامرات الداخلية والخارجية باللعب على حافة الهاوية..
فإن كان ما جرى هو بفعل مدسوسين، فعلى الجميع التنبّه، وإن كانوا معلومين، فعلى الجميع التبرؤ، وعلى المسؤولين عدم الإستقالة من المهام، والتيقُّظ لما يُحضَّر للبنان، قبل أن تمتد النار التي أن سرَت في الهشيم اللبناني فلن تُبقي ولن تُذر..
نُذُر قرأَه رئيس مجلس النواب نبيه بري مع ضيفه رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، فكانت الدعوة الى الوعي واليقظة وعدم الإنجرار نحو الفتنة التي يدأب البعض على العمل جاهداً نحو جرّ البلاد للوقوع في أتونها..
أما للخروج من الأتون السياسي، فقد تطرق لقاء الساعة والنصف الى الحاجة الوطنية الأكثر من ملحة للإسراع بتشكيل الحكومة بأجواء هادئة بعيداً عن التشنج، وبتقديم مصلحة الوطن على ما عداها من مصالح..
ولمصلحة لبنان والبلدان الغربية كان نداء وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل لحلّ مأساة النزوح واللجوء، أحد الأسباب الرئيسية للأزمة اللبنانية..
فالوضع لا يبشر بالخير كما قال باسيل في المؤتمر الدولي للاجئين في جنيف، فما حصل في سوريا مهدد بتكراره في لبنان، وهو دليل على تدمير بلد وتهجيرِ شعب بسبب إرغامه على وصفاتٍ سياسيةٍ معلَّبةٍ كما قال.
باسيل المدرك أننا ندفع سياسياً ثمن عدم تأييد مبدأ الإندماج وصولاً الى التوطين، اعتبر أنَ مأساة النزوح واللجوء مسؤولية مشتركة، مخاطباً المشاركين: إما أن تتحملوا أعباءها أو أن تتحملوا نتائجها.. لا شيء يوحي بالثقة تجاه هذه الطبقة السياسية في التوصل الى حكومة إنقاذ والتي تستدعي حالة طوارىء حكومية وتشريعية وإدارية شاملة والكسل السياسي لا يفيد سوى بمزيد من الإنهيار والإنحدار إلى هاوية سحيقة ولابد من منع الدلع السياسي الذي كان قرين البطر السياسي في مواجهة عدو لا يرحم ولا يدخر سبيلاً لتدمير البلد العصي على الخضوع وهو يتقن الإنقلاب والتحول في خياراته بما يناسب هيمنته ومصالح الكيان الصهيوني.