هو البلد الغارق دوماً بشبر مِن المياه فكيف إذا استحال أمتاراً وأنهاراً عبرت الشوارع واستقرت في البيوت والمحال والأنفاق..
وكأن المواطن العالق في نفق سياسي واقتصادي ينقصه الغرق في أنفاق بيروت التي إمتلأت بمياه الأمطار، وبات القصاص اليومي عند كل زخة مطر، الحبس داخل السيارات لساعات، والسباحة مع مقتنيات المحال التجارية وبيوت الطبقات السفلى..
لا داعي لإتهام أحد بالتقصير أو تقاذف المسؤوليات، فالبلد بات في غير مكان، وحكومة تصريف مجارير على حد قول الوزير وئام وهاب كانت أجدى بكثير من حكومة مستقيلة من كل مَهام ..
لم ينج أحد من الداخلين الى العاصمة أو الخارجين منها عبر منافذها الجنوبية، بل حتى المسافرين عبر مطار بيروت، لاحقتهم المياه التي دخلت قاعات الإنتظار وبعض المكاتب وحتى مدارج الطائرات..
ومن الطوفان الشتوي الى الجفاف السياسيّ، حيث عادت الأمور بفعل فاعل الى مربّع المشاورات بعد أن لامست بوابةَ الإستشارات.
مشاورات لم يتمكّن النكد السياسي الذي يتمتّع به البعض من إعادتها الى المربع الأول، فانطلقت من ثابتَة حكومة تكنوسياسية من أربعة وعشرين وزيراً، ثابتة أخذت مِن مفاوضات مرشح الحريري الى رئاسة الحكومة وضحيته سمير الخطيب، أما ما لم يحسم أخذه من زمن مفاوضات الخطيب فهو طبيعة الوجوه الوزارية المشاركة، والتي سيسهم بحسمها، الإستقرار على إسم الرئيس العتيد للحكومة الجديدة، إسمٌ حسمته الفتوى الشرعية، ولم يحسِمه بعد الدلع السياسي، فيما البلد لم يعد يحتمل دلعاً ولا ترف التقلبات، بل يحتاج استقراراً على موقف لإنقاذ وطن مهتز بأَمنه الاجتماعي والاقتصادي.
وطنٌ واِن مُدَّت لأهله يد العون عبر الإجتماع المزمع عقده في باريس، فاِن اَيدي بعض أبنائه لا زالت مغلولة في عواصم أخرى.. لكن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مستبشر خيراً من الإجتماع، الذي قال ممثل الأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش إنه بمثابة إشارة قوية لإلتزام دول مجموعة الدعم الدولية بالعمل مع لبنان..