كتبت صحيفة “الجمهورية ” تقول : بانسحاب الوزير السابق محمد الصفدي من ساحة التكليف الحكومي التي دُفِع اليها، يعود الاستحقاق الحكومي الى المربع الاول، ولكنه يدخل مرحلة جديدة، فإمّا يعود الرئيس سعد الحريري عن عزوفه ويقبل بتأليف حكومة تكنو ـ سياسية، وإمّا يبدأ البحث عن شخصية أخرى لتكليفها هذه المهمة وربما لا يكون له دور هذه المرة في تسميتها بعد فشل تسميته الصفدي. ورأى المراقبون انّ الايام القليلة المقبلة لا يتوقع لها أن تشهد تطورات بارزة على الصعيد الحكومي قبل استيعاب المضاعفات التي نجمت من تسمية الصفدي في الشارع المنتفض على السلطة وعلى المستوى السياسي.
وأكدت مصادر معنية بالاستحقاق الحكومي لـ”الجمهورية” انّ اولوية التكليف ما تزال معقودة للحريري لدى الجميع الذين ينتظرون منه القبول بتأليف الحكومة، ولكنه في حال ظل متمنعاً عن ذلك فإنّ المعنيين لن يبقوا البلاد بلا حكومة الى أمد طويل، على رغم من انّ البعض بدأ يبدي مخاوف جدية من إقامة حكومة تصريف الاعمال لفترة طويلة، في ظل الخلاف المستحكم حول طبيعة الحكومة الجديدة أتكون حكومة تكنوقراط ام حكومة تكنوـ سياسية تضم خليطاً وزارياً من رجال السياسة والتكنوقراط.
وفيما لم يسجل امس اي تواصل بين المعنيين، توقعت المصادر جموداً على جبهة الاستحقاق الحكومي يمتد لبضعة ايام قبل عودة المعنيين الى البحث الجدي في سبل إنجازه، بدءاً بتحضير الدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف شخصية جديدة تأليف الحكومة العتيدة، والتي لم تصدر عن رئاسة الجمهورية بعد أي مؤشرات على موعد مبدئي لإجرائها.
وفي هذه الاثناء تشهد الاوساط المعنية والسياسية عموماً كثيراً من الكلام عن وجود موانع خارجية لتأليف حكومة تكنوسياسية وإصرار بعض عواصم القرار الغربية ومعها عواصم إقليمية على الدفع في اتجاه حكومة تكنوقراط، وفي هذا الصدد قالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” انّ الحريري ما زال يشترط تأليف مثل هذه الحكومة حتى يقبل بإعادة تكليفه، وكشفت انّ مفاوضي الحريري وتحديداً الخليلين أبلغا الحريري موافقة من يمثلان على حكومة تكنوسياسية يكون غالبية وزرائها من التكنوقراط، وانه اذا كان يريدها ان تكون عشرية، فلا مانع من ان يكون ثلثاها من التكنوقراط لكنه لم يقبل وأصرّ على حكومة تكنوقراط خالصة، فلم يحصل اتفاق وكان ان سمّى الصفدي من بين مجموعة أسماء.
بري
وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زواره أمس “ان الوضع الحالي على المسار الحكومي هو جمود تام في انتظار ان تطرأ مستجدات في أي لحظة، لكن حتى الآن الامور ما زالت تراوح مكانها”.
واشار الى انّ موقفه هو أنه ما زال يراهن على “عودة الحريري الى رئاسة الحكومة، وتشكيل حكومة جديدة تواكب الوضع الراهن الذي بلغ حداً خطيراً جداً يجب تداركه في اسرع وقت، فالبلد أشبه بسفينة تغرق شيئاً فشيئاً، فإن لم نتخذ الاجراءات اللازمة فستغرق بكاملها”.
في بعبدا
وعلى وقع “حرب البيانات” التي طَوت “حرب المصادر”، ساد الهدوء قصر بعبدا ولم يسجل أي لقاء لافت. وقالت مصار مطلعة لـ”الجمهورية” انّ عون تتبع التطورات الأمنية على مختلف الأراضي اللبنانية والإجراءات الأمنية المتخذة في صددها، ورصد ردّات الفعل على ما آلت اليه الإتصالات الجارية تمهيداً لمرحلة الاستشارات النيابية الملزمة.
امّا في “بيت الوسط” فساد جو من الترقب للمرحلة المقبلة في ضوء المواقف والبيانات المتبادلة. وقال زوار “بيت الوسط” لـ”الجمهورية”: “انّ البيان الذي صدر عن مكتب الحريري الاعلامي كان من اقوى المواقف التي اضطر الحريري الى اتخاذها، نظراً الى حجم التسريبات والروايات المختلقة التي لا تقف عند حدود تشويه الحقائق والمَس الشخصي بل من أجل التشويش وزعزعة الاستقرار، في مرحلة لا تحتاج فيها البلاد سوى الى التهدئة واللجوء الى الدستور والتزام كل طرف حدود صلاحياته”.
حرب بيانات
وكانت قد اندلعت امس حرب تسريبات وبيانات بين الحريري و”التيار الوطني الحر”، على خلفية انسحاب الصفدي من تسميته لتأليف الحكومة العتيدة، فقال المكتب الإعلامي للحريري في بيان انه “منذ أن طلب الصفدي سحب اسمه مرشحاً لتشكيل الحكومة الجديدة، يُمعن “التيار الوطني” تارة بتصريحات نواب ومسؤولين فيه، وطوراً بتسريبات إعلامية، في تحميل الرئيس سعد الحريري المسؤولية عن هذا الانسحاب، بحجّة تراجعه عن وعود مقطوعة للوزير الصفدي، وبتهمة أنّ هذا الترشيح لم يكن إلّا مناورة مزعومة لحصر إمكانية تشكيل الحكومة بشخص الرئيس الحريري”.
وأضاف: “إنّ مراجعة بيان الانسحاب للوزير الصفدي كافية لتظهر أنه كان متيقناً من دعم الرئيس الحريري له وعلى أفضل علاقة معه، وهو ما يتناقض مع رواية “التيار الوطني” جملة وتفصيلاً”.
وقال: “الوزير جبران باسيل هو من اقترح وبإصرار مرتين اسم الوزير الصفدي، فسارع الرئيس الحريري إلى إبداء موافقته عليه، بعد أن كانت اقتراحات الرئيس الحريري تتضمن أسماء من المجتمع المدني، وعلى رأسها القاضي نواف سلام، قد قوبلت بالرفض المتكرر أيضاً”.
وتابع: “الرئيس الحريري لا يناور، ولا يبحث عن حصر إمكانية تشكيل الحكومة بشخصه، بل إنه كان أوّل من بادر إلى ترشيح أسماء بديلة”.
وختم البيان: “إنّ سياسة المناورة والتسريبات ومحاولة تسجيل النقاط التي ينتهجها “التيار الوطني” هي سياسة غير مسؤولة مقارنة بالأزمة الوطنية الكبرى التي يجتازها بلدنا”.
وردّت اللجنة المركزية للإعلام في “التيار الوطني” على بيان الحريري، فقالت: ”انّ التيار الوطني بادر وتحرّك بغية الاسراع في سدّ الفجوة الكبيرة التي سبّبتها استقالة الرئيس الحريري على حين غفلة لأسباب، وقدّم كل التسهيلات الممكنة، وذلك بعدم رفضه أي اسم طرحه الحريري وعدم تمسّكه بأيّ اسم من جهته، إلّا أنّه أصبح واضحاً انّ سياسة الحريري لا تقوم فقط على مبدأ “أنا أو لا أحد” على رأس الحكومة، بل زاد عليها مبدأ آخر وهو “أنا ولا أحد” غيري في الحكومة، وذلك بدليل إصراره على أن يترأس هو حكومة الاختصاصيين”.
الصفدي
وبدوره، أشار المكتب الاعلامي للصفدي، في بيان، الى “أنّه أراد أن يكون بيان انسحابه بياناً يجمع ولا يفرّق”، وشكر الحريري على تسميته لتشكيل الحكومة، قائلاً: “لم أود أن أذكر تفاصيل المفاوضات بيني وبينه، فإذا بي أفاجأ ببيان صادر عن المكتب الإعلامي للرئيس الحريري يتضمن تفنيداً لِما صدر عنّي وذلك في إطار الاستخدام السياسي. وهنا أود أن أؤكد أنّ المرحلة التي يمر فيها لبنان مرحلة صعبة ومفصلية وخطيرة، وتتطلب منّا جميعاً التكاتف والتضامن ووضع الخلافات السياسية جانباً. وانطلاقاً من هذا الامر تخطّيت الوعود التي على أساسها قبلت أن أسمّى لرئاسة الحكومة المقبلة، والتي كان الرئيس قطعها لي لكنه لم يلتزمها لأسباب ما زلت أجهلها، فما كان منّي إلّا أن أعلنت انسحابي”.
عودة المصارف
وعلى الصعيدين الاقتصادي والمالي، ومع بداية الاسبوع، أُعيد تحريك ملف فتح المصارف أبوابها، بعد إغلاق قسري فرضه إضراب موظفي القطاع. وقد اكتملت معالم الخطة الأمنية التي ستواكب عودة المصارف الى أعمالها اليومية. وتبيّن انه سيتم رصد 1567 عنصراً من الدرك وشرطة بيروت لضمان أمن كل الفروع المصرفية على امتداد الخريطة اللبنانية.
واعتُبرت هذه الخطة الأمنية بمثابة بند اساسي لعودة موظفي المصارف عن اضرابهم المستمر. في حين التأمت جمعية المصارف مساء امس لتأمين البند الثاني لاكتمال المعطيات الضرورية لعودة عمل المصارف، وهو يتعلق بإجراءات واضحة يتعاطى بموجبها موظفو المصارف مع الزبائن.
وفي هذا الاطار، عُلم انّ جمعية المصارف توصلت في اجتماعها المسائي الى الاتفاق على 8 تدابير ستكون محور نقاش في اجتماع سيعقد اليوم بينها وبين اتحاد نقابات موظفي المصارف وعلى أساسه سيُتخذ القرار.
وشدّدت المصادر المصرفية على أنّ هذه التدابير “موقتة واستثنائية” وسيتم التراجع عنها عند تشكيل الحكومة. ولفتت إلى أنّه سيكون هناك سقف للسحوبات بالدولار الأميركي، في حين أنّ السحوبات من الودائع بالليرة اللبنانية هي بلا سقف.
وعلِم انه تمّ الاتفاق على منع التحويلات الى الخارج إلّا في حال الضرورة القصوى والامور الشخصية، إضافة الى إمكان ان يكون سقف السحب للزبون 1000 دولار اسبوعياً.
وعليه، ستبقى المصارف مقفلة اليوم، مع ترجيح ان تفتح ابوابها لموظفيها لإنجاز الاعمال الداخلية اليوم، على أن تفتح ابوابها كالمعتاد امام الزبائن بدءاً من غد الثلاثاء او بعد غد الاربعاء، اذا لم يطرأ ما يحول دون ذلك. .
نشاط الحراك
على صعيد الحراك شهدت ساحتا الشهداء ورياض الصلح في وسط بيروت مساء احتشاداً للمتظاهرين على وقع إقفال بعض الطرق في المناطق. فبعدما كانت الطرق مفتوحة في بيروت والمناطق، تغير الوضع ليلاً، حيث أقفل متظاهرون عدداً منها. ففي زحلة، أقفلت الطرق الرئيسية في مجدل عنجر ومكسة ـ جديتا ومفرق قب الياس بالاطارات المشتعلة.
وفي بعلبك، اعتصم المشاركون في حراك بعلبك في ساحة الشاعر خليل مطران. ونظّموا سهرة فنية في ساحة العلم مقابل قلعة بعلبك الأثرية.
وفي البقاع الغربي، قطعت الطريق عند مستديرة جب جنين وطريق غزة ـ حوش الحريمة بالاطارات المشتعلة.
وفي عكار، نصب الحراك الشعبي في الجومة، خيماً للاعتصام في بلدة العيون على الطريق العام.
وفي صور، أضاء المعتصمون الشموع في ساحة العلم، لمناسبة “أحد الشهداء”، ووقفوا دقيقة صمت “تحية لأرواح شهداء ثورة 17 تشرين الأول”.
وفي صيدا، شهدت ساحة إيليا تجمّعاً لعدد كبير من المحتجين وسط الساحة، فيما أقفل الجيش طريق التقاطع من جهاته الاربع.