هل من شكٍّ بعد أن الهتافات بحناجر سياسية باتت تطغى على أوجاعِ التظاهراتِ الشعبية؟ وأن مشاغبي “غب الطلب” باتوا يقطعون الطريق على مطالب المتظاهرين الحقيقيين المصابين من بعض المتسلطين مرتين: مرة بسرقة أموالهم وبلادهم، وأخرى بسرقة أوجاعهم وآمالهم..
بعد تفاقم آلام اللبنانيين واحتدام المشاكل في الشوارع وانعدام الرؤى بعد أن طغى الضباب الحزبي على نصاعة التحركات المطلبية، أصبحت البلاد والعباد على شفا جُرُف هارٍ، والأمور لم تعد تحتمل غنجا سياسياً أو رسائل شوارعية..
وما دماء علاء أبو فخر المهدورة عند تقاطع الوجع والسياسة سوى إنذار مؤسف ومعه إهانات الناس والتضارب عند حواجز جل الديب المزروعة بأوهام أو حنين البعض الممتهن قطعَ الطرقات، إلا على استقبال توجيهات السفارات..
في أسفار السياسة بدايات وضوح يزداد يوماً بعد يوم مع سحب الذرائع وكشف خفايا المطالب التي سرعان ما حذّر منها الوزير وئام وهاب، فالحراك الشعبي بالنسبة له كانت عنده محطات رائعة، وشكّل ضغطاً كبيراً على السلطة، لكن بعدما بدأ بعض رموز الطوائف بمحاولة خطفه دخل منطقة الخطر بعد أن كان يعتبر رئيس الحكومة فاسداً فيما بدأ جزء من الحراك يطالب بعودته وهو مؤشر واضح على محاولة كل طائفة أن تأخذ حصتها وتتمترس في منطقتها؛ وربما ذلك دفعه للتحذير من محاولات البعض من بناء الجدران الإسمنتية في محاولة واضحة لتقطيع أوصال الوطن وجر البلاد إلى ما لا تحمد عقباه.
أما كلام رئيس الجمهورية الواضع للإستشارات النيابية على بعد أيام قليلة وتبنّيه مطالب المتظاهرين المفترض أنها الأبرز من محاربة الفساد والفاسدين الى استعادة الأموال المنهوبة وإقرار التشريعات المطلوبة، لم تعجب بعض المتضررين، فأضافها على مسمع الموفد الفرنسي القادم بمهمة استطلاعية، أنه سيواصل إتصالاته لإجراء الإستشارات النيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة.
حكومة خياره أن تكون مؤلفة من سياسيين وتكنوقراط لتأمين التغطية السياسية اللازمة لها.
تغطية يجري تأمينها من خلال المشاورات التي تتكثف مستبقة الإستشارات، مع معلومات تتحدث عن رغبة رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري بعدم تسميته لرئاسة الحكومة الجديدة؛ ربما لأن المطلوب
هو حكومة تكون جامعة وقادرة على تحقيق أمنيات اللبنانيين في مكافحة الفساد والإلتزام بالإصلاحات الإقتصادية، وتطوير الحياة السياسية، مع الحذر من الفراغ السياسي، ودائماً من الواقع الأمني على حد قول الرئيس بري.
في فلسطين المحتلة أمن الصهاينة بيد المقاومين القابضين على الزناد، المنتقين التوقيت للرد المناسب على الحماقة الصهيونية باغتيال الشهيد بهاء أبو العطا، أما ما يتعرّض له الكيان من مئات الصواريخ خلال يومين، فليس سوى رسائل أولية يقول المقاومون الفلسطينيون..