عكس غضبُ الناس في الشوارع والساحات اللبنانية صوابية مواقف الوزير وئام وهاب منذ سنوات طويلة، والتي ترجمت من قبل الشعب اللبناني في أول انتفاضة تشمل كل لبنان بصورة عابرة للطوائف والمذاهب وتقفز فوف الإقطاع والزعامات التقليدية.
لقد استولت صرخات الغضب واليأس والعوز والحرمان والبطالة للحراك الشعبي في الساحات على الشاشات، وهي تدعو إلى سقوط النطام السياسي وبإطاحة كل رموزه الفاسدين؛ معبرة عن سلوك مفهوم ومتوقع بعد احتقان طويل في مواجهة عمليات الإذلال والإحتقار والإستهزاء التي مارستها الطبقة الحاكمة منذ ثلاثين سنة بحق اللبنانيين.
لقد نجحت الإنتفاضة الشعبية، في تقديم عدد من الأفكار والرؤى، التي تجسد طموحات شريحة واسعة من اللبنانيين لاسيما فئة الشباب الجامعيين مثل إلغاء الطائفية، المطالبة بانتخابات نيابية مبكّرة خارج القيد الطائفي وإصلاحات اقتصادية ومالية وإجتماعية بنيوية. كذلك راحت النخب الإجتماعية والاقتصادية والقضائية والقانونية والسياسية تقدّم هنا وهناك أوراقاً إصلاحية لمحاربة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة، بدلاً من اقتصار الأمر على الشتائم والقدح والذم، متنبهين الى مسألة أساسية وهي بأن ليس الجميع فاسد وأن “كلن مش يعني كلن”. فليست كل الشخصيات والقوى والأحزاب فاسدة في لبنان، ولا يمكن أن ينجح حراك بدون وطنية عميقة، لذلك كان تصويب المتظاهرين لغضبهم ونقمتهم وتوجيهما صوب أحزاب أو تيارات وشخصيات كانت السبب الأساس في ما وصلنا إليه من قهر وفساد ومحسوبيات ومحاصصة طائفية بغيضة واستزلام لعصبيات ومافيات.
لم ينتبه كثيرون، ولا قرّر بعض الإعلام الإنتباه الى أن في الشارع شعارات رُفعت بحق زعماء ومسؤولين فاسدين مقابل هتافات توجهت بالتحية لشخصيات وطنية غير متورطين بالفساد أمثال وئام وهاب، الذي كرّس حياته السياسية للدفاع عن المواطن بوجه الفساد وبُح صوته وهو يرفع المطالب التي نزل الناس الآن للدفاع عنها.
كم مرة، رفع وهاب الصوت صارخاً في برية مزرعة مافيات الغاز والترابة والنفايات والاتصالات وغابات قتلة الشعب، منادياً بضرورة إلغاء الطائفية ووضع استراتيجية اقتصادية إجتماعية تحمي الفقراء والموظفين وتحاسب سماسرة المال ومافيات السياسة؟ أليس من حق هذا الرجل اليوم أن يؤيد الحراك المدني الذي ينزل بالآلاف الى الشوارع ويفرح بما يرى، أليس حقه أن ينحاز في مواقفه إلى جانب الشعب اللبناني لفرض تغيير في تكوين السلطة وتداولها من جهة، وفرض سياسات اقتصادية اجتماعية جديدة لمصلحة الفقراء والعمال والموظفين والشباب والطلاب والحرفيين والفئات المتوسطة والفقراء من جهة ثانية.
وئام وهاب لم يدخل في غابات الفساد ولم يقتل الشعارات على مزابل الطائفية ولم يحول القضايا المحقة والمشروعة الى متسكعين عند أبواب ناهبي الخزينة ومالية الدولة.
إن هدف وئام وهاب هو حماية المقاومة أيضاً، وعدم استغلال الحراك من قبل سفارات وأيادٍ خفية، ولكن لا مقاومة حقيقية بلا إصلاح وتغيير جدي ومحاربة للفساد، ولا مقاومة بلا بعد وطني وعمق عربي.
لقد نجح الحراك الشعبي في لبنان، لأن هويته وطنية بامتياز مهما سعى البعض لتشويه صورته، ومهما علت أصوات هنا وهناك تريد قمع المتظاهرين، الذين نزلوا الى الشوارع ليقولوا أيضاً إن سيادة لبنان واستقلاله الحقيقيين هما في صلب المطالب.
نتمنى على بقية المخلصين للوطن ولشعبه البار ولمقاومته الأبية أن يضموا صوتهم إلى صوت الشعب ليقولوا ما ينبغي قوله، حفاظاً على الحراك وغضبه ونقمته بكل الوسائل المشروعة على السلطة الفاسدة ولكن أيضاً على الأحزاب والقيادات الفاسدة.