شارك رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب في حفل إزاحة الستار عن النصب التذكاري للشهيد محمد أبو ذياب، الذي أقامه أهالي بلدة الجاهلية في دارته بحضور المرجع الروحي في طائفة المسلمين الموحدين الدروز الشيخ أبوعلي سليمان أبوذياب، ونائب رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني نسيب الجوهري ممثلاً عطوفة الأمير طلال إرسلان، وأمين عام حركة النضال الأستاذ فيصل بك الداوود، ورئيس محكمة الاستئناف الدرزية العليا السابق القاضي مرسل نصر، وممثل “حزب الله” الدكتور علي ضاهر، والعميد جوزف نصار ممثلاً وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، ونائب رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وائل الحسنية، والأمين القطري المساعد في حزب البعث العربي الاشتراكي الدكتور نبيل قانصو، وممثل إقليم جبل لبنان في “حركة أمل” الأستاذ عماد علوش على رأس وفد ضم الأستاذ علي الحاج، والنائب فريد البستاني، والوزير السابق فايز شكر وممثل السفارة الفلسطينية في لبنان، والأستاذ حسين أحمد عثمان ممثل القيادة القطرية في حركة الإشتراكيين العرب، ورئيس التيار الأسعد المحامي معن الأسعد، وممثلي الأحزاب الوطنية والجمعيات والروابط الأهلية والثقافية والاجتماعية والمجالس البلدية والإختيارية في البلدة وجوارها، وعائلة الفقيد ووفد من مشايخ حضر وعرنة وجرمانا والسويداء وحرفة وجبل الشيخ، وحشد من الأهالي والمشايخ في قرى الجبل وعاليه.
عبد الخالق
أفتتح الحفل بالنشيد الوطني اللبناني، وألقيت خلاله كلمات استهلت بكلمة ترحيبية لعريف الحفل الرفيق بهاء عبدالخالق جاء فيها:
“سلام على الشهداء الأحرار العظماء، أولئك الذين وفوا بالعهد، ومضوا في سبيل الحق متجاوزين أنفسهم، ووصلوا بالتضحيات الى أعلى مراتب الإنسانية، وتذوّقوا طعم أعذب وأحلى المحبة الألوهية، فسلام عليهم وعليك أيها الأخ الشهيد البطل محمد أبوذياب”.
وتابع: “أما بعد، كلما مرّت الأيام، ازدادت شجرة الشهادة إخضراراً وشموخاً، فكيف لبنا أن ننسى بطلنا الحبيب محمد الذي بذل التضحية القصوى لنحيا ونستمر، وتبقى لنا سيرته التي نفتخر بها تحت وجه الشمس”.
وتساءل عبد الخالق: “أليست مآثره الساكنة في عقولنا ووجداننا، هي بمنزلة النبض الذي يحرك فينا مشاعر الصمود والثبات ويحفّزنا على تحصين الحاضر والتطلع الى المستقبل بعين الثقة والإلتزام والأمل؟
ثمّ كيف لنا أن ننسى مَن يقف خلف هذا الشهيد المبارك، قاهؤي الألم والمعاناة من زوجة وأبناء، أخوة وأخوات، ومن رفقاء أحرار يقفون على العهد ويحملون الشعلة، ومن قائد أبى الى جانب قادة شرفاء ومشايخ أفاضل أجلاء، أبى إلا أن يحتضن الدماء الزكية التي بذلها محمد، فيتحقق بذلك الركن الثابت بانتصار الدم على الظلم، ويزهر وحدة وتلاقي بين أطياف الحق، كما والتزاماً وطنياً عارماً حفظ لبنان وشقّ طريقه في سبيل رفعة الوطن والمواطن.
فهؤلاء من شجرة الشهادة هم الجذور والفروع، والتربة والماء الصالحون، والبيئة النقيّة التي تنشّق منها الشهيد نسائم الوطنية والتضحية والوفاء.
وأضاف: “فالتاريخ في طياته وسطوره، بقديمه وحديثه، ما هو إلا أوراق، البعض منها مظلمة، والأخرى منيرة، ومحمد أبوذياب، سيبقى تلك الشمعة المشتعلة التي تنير درب الشهادة والخلود”.
وختم عبدالخالق متوجهاً بالتحية الى الحضور بالقول: “تحية لكم من القلب الى القلب، وهذا هو شهيدنا البطل حاضر فيكم وفينا أيضاً”.
الجوهري
ثمّ كان كلمة لرئيس الحزب الديمقراطي اللبناني ألقاها نائب رئيس الحزب الأستاذ نسيب الجوهري أكّد خلالها أن زمن الإحتكار والأحادية والهيمنة والإستفراد قد ولّى الى غير رجعة، فمَن لا يريد الشراكة وتقبل الآخر على اختلاف مواقفه وتوجهاته، أمامه حلّ وحيد، الإنعزال والتقوقع والعيش لوحده، موضحاً إما الشراكة الحقيقية واحترام الرأي الآخر في الجبل والتعاون فيما بيننا جميعاً لإعلاء مصلحة الجبل واسترجاع حقوق أهله، أو سيبقى الحال على ما هو عليه، مؤكداً “أننا نجتمع لحفظ وحماية ما تبقى من حقوق أهل التوحيد لخير منطقتنا وطائفتنا ووطننا، ولا نسعى يوماً لإلغاء أحد أو تطويق أحد أو استهداف أحد كما يوهمون الناس، متوجهاً بالتحية والتهنئة بعيد المقاومة والتحرير الى كل مقاوم شريف والى كل شهيد باسل، وأنت يا محمد كان لك الشرف أن تكون منهم ومعهم.
ومما جاء فيها:
“بداية إسمحوا لي أن أنقل إليكم فرداً فرداً تحيات رئيس الحزب الأمير طلال إرسلان، الذي كلّفني بتمثيله اليوم، وشرّفني بأن أكون معكم وبينكم في هذه المناسبة العزيزة والغالية على قلوبنا جميعاً…
مناسبة غالية وأليمة في الوقت عينه، ففي حين نجتمع في بلدة الجاهلية لإزاحة الستار عن النصب التذكاري للشهيد محمد أبوذياب، يغص القلب لفقدانه في هذا الظرف العصيب والأليم، محمد الذي كان حبيب الجميع وأخاً للجميع، كان صديق الصغير قبل الكبير والمحتاج قبل الميسور، والضعيف قبل القوي”.
وتابع: “نقف اليوم لنخلّد معاً ذكراك يا شهيدنا الحبيب، ولنطمئنك أن دماءك لن تذهب سدًى، فدماؤك ساهمت بتوحيد الصف الداخلي، وجمعتنا اليوم خير دليل على ذلك، وليعلم القريب والبعيد أننا وإن اجتمعنا فنجتمع لخير منطقتنا وطائفتنا ووطننا، نجتمع لحفظ وحماية ما تبقى من حقوق أهل التوحيد، ولا نسعى يوماً لإلغاء أحد أو تطويق أحد أو استهداف أحد كما يوهمون الناس”.
وأضاف الجوهري: “من هنا، من الجاهلية الأبيّة، نقولها وبثقة وتأكيد، زمن الإحتكار والأحادية والهيمنة والإستفراد قد ولّى الى غير رجعة، فيا إما الشراكة الحقيقية واحترام الرأي الآخر في الجبل والتعاون فيما بيننا جميعاً لإعلاء مصلحة الجبل واسترجاع حقوق أهله، أو سيبقى الحال على ما هو عليه، فمَن لا يريد الشراكة وتقبل الآخر على اختلاف مواقفه وتوجهاته، أمامه حلّ وحيد، الإنعزال والتقوقع والعيش لوحده”.
وتابع: “نحن في مدرسة الأمير مجيد إرسلان، ونقولها باعتزاز اليوم، وفي مدرسة الأمير طلال إرسلان والحزب الديمقراطي اللبناني، لا نعرف سوى التلاقي نهجاً، والوحدة والتعايش مع الجميع إيماناً، وصدق اللسان وحفظ الإخوان عقيدة، والمقاومة والدفاع عن النفس شرفاً وكرامة”.
وتوجّه الجوهري بأسمى آيات التبريك والتهنئة الى كل مقاوم شريف والى كل شهيد باسل، فقال: “وأنت يا محمد كان لك الشرف أن تكون منهم ومعهم، نتوجّه إليكم جميعاً بعيد المقاومة والتحرير، سائلين الله عزّ وجلّ أن يتغمدكم بواسع رحمته، ويسكنكم فسيح جناته، وهو كذلك”.
وختم الجوهري بالقول: “عسى أن لا يبقى شبراً واحداً من أرض لبنانا الحبيب إلا واسترجع بإرادة وعزم وقوة جيشنا ومقاومتنا، وبمساندة ودعم شعبنا، ومزارع شبعا اللبنانية، وتلال كفرشوبا اللبنانية، ستسترجع، والحق على الباطل سينتصر”.
عشتم وعاشت الجاهلية في قلب جبلنا المقاوم، وعاش لبنان”.
الداوود
من جهته دعا الأمين العام لحركة النضال اللبناني العربي فيصل بك الداوود الى تصحيح الوضع داخل الطائفة الدرزية وإعادة التوازن إليها والذي يبدأ من وجوب احترام التنوع فيها وتكريس التعددية السياسية، وإسقاط الإستقواء بسلاح المال والتوظيف السياسي، كما في أعمال الترهيب والتكفير السياسي، لأننا لا نقبل في طائفتنا “داعش” سياسي جديد، مؤكّداً أن هذا الواقع لم يدوم، متى تضافرت الجهود بين قوى الخط السياسي الواحد، الملتزم بالمقاومة وبالتحالف مع سوريا، التي إنتصرت مع حلفائها على المؤامرة التي حيكت ضدها، متوجها بالتحية الى الشهيد محمد أبوذياب والمقاومة بعيدها في يوم التحرير والى أهل الجاهلية كل التقدير والشكر لإحياء هذا اليوم لإزاحة الستار عن نصب الشهيد محمد أبوذياب، الذي سقط غدراً، آملاً أن يكون القضاء كما نعهد عادلاً في تلك الجريمة لا مسيساً، عاملاً لإحقاق الحق، لا أداة بيد السياسيين، داعياً لقيام سلطة قضائية مستقلة ومحاكمة من يقف وراء هذه الجريمة ومَن أعطى الأوامر بتنفيذها.
ومما جاء فيها بعد الترحيب:
“نأتي من جديد الى الجاهلية، هذه البلدة الشوفية الأبية، التي نعتزّ بأبنائها الكرام الأشاوس، إذ تجتمع عائلاتها على الوفاء لشهيدها وأحد أبطال بني معروف محمد أبوذياب، لإزاحة الستار عن نصب له، وهو سقط غدراً، في حادثة مؤلمة، كل ما يقال فيها، أن مَن نفّذها، إنما بعقل إنتقامي، ونفسية حاقدة، وقد إلتقت مصالح عدة رسمية وسياسية وأمنية، على وقوع الجريمة التي نأمل أن يكون القضاء فيها كما نعهد عادلاً لا مسيّساً، عاملاً لإحقاق الحق، لا أداة بيد السياسيين، ونحن المؤيدون لقيام سلطة قضائية مستقلة، وإبعاد السياسة عن القضاء، وعدم وقوف قاضٍ عند مرجع سياسي أو زعيم طائفي، يتملقاهما لتعيينه في مركز فيصبح عبداً للسياسي، ومأموراً من الزعيم الطائفي”.
وتابع: “فقضية استشهاد محمد أبوذياب، لم يمرّ عليها الزمن، ولا يمكن القبول بتسييسها، كما لا يجوز أن لا يحاكم مَن يقف وراء هذه الجريمة، مَن أعطى الأوامر بتنفيذها”.
وأضاف الداوود: ففي هذا اليوم نحتفل فيه بتكريم الشهيد أبوذياب، فإأنه يصادف ذكرى التحرير من الإحتلال الإسرائيلي، وعيد المقاومة التي كانت مع الجيش والشعب في خندق واحد، وهذا المثلث هو مَن حقق الإنتصار، وهو باقٍ كاستراتيجية دفاعية أثبتت جدواها، مَن يطالب ويدعو الى إسقاطها، فإنما يخدم العدو الإسرائيلي، والمشروع الأميركي للمنطقة (صفقة القرن) التي من بوادرها إعلان ضم الجولان الى الكيان الصهيوني الغاصب والإعتراف بالقدس عاصمة للدولة العبرية، وأن محاولة نزع لبنانية مزارع شبعا يقع في إطار وقف المقاومة التي هي سلاحنا الضامن لوجودنا، ولولاها لكان الإرهاب الصهيوني و”الداعشي” وتوابعهما في لبنان”.
وتابع: “وانتصار المقاومة على العدو الإسرائيلي والتكفيري لم يواكبه بناء دولة على قدر حجم تضحيات المقاومين الذين سفكوا دماءهم للتحرير من الإحتلال، فلم تقم دولة مؤسسات وتطبيق القانون، لا بل دولة يحتلها الفاسدون والمحتكرون والمتحاصون للغنائم، ويوجد في هيكلها لصوص، حان وقت طردهم منها ومقاومتهم لهم وتحريرها منهم واجب، ومحاسبتهم وسوقهم الى السجون ضرورة وطنية، وأن استعادة المال المنهوب حق للشعب اللبناني بماله، يُصرَف على تأمين الصحة والتعليم والسكن والأمن والعدالة الإجتماعية، وهو من إختصاص الدولة للرعاية الإجتماعية، لا دولة مرتدين عن الوطن والأخلاق”.
وتوقف الداوود عند دراسة الحكومة للموازنة ومناقشتها فقال: “إن كل ما نشهده ليس إصلاحاً، بل ترتيب أرقام تحت عنوان تخفيض الإنفاق وترشيده، لنعبر الى تنفيذ مقررات مؤتمر “سيدر” التي اشترطت الدول المانحة، حصول إصلاح مالي، لسداد القروض، إذ تبيّن أن لا رؤية اقتصادية تأتي بالإستثمارات لتأمين فرص العمل لآلاف الشباب والخريجين منهم، إذ بلغت نسبة البطالة 36% بما يوازي 750 ألف شاب.
وتابع: “لسنا سلبيون في السياسة، ونأمل أن تكون حكومة “الى العمل” صادقة بتوجهاتها، لأننا حريصون على لبنان أن لا ينهار مالياً واقتصادياً، في ظل التحركات المطلبية التي نشهدها، ونخشى أن تتحوّل الى إنفجار إجتماعي، قد يقودنا الى اقتتال داخلي، في ظل تحكّم الطائفية في النفوس وبالشحن الذي يقوم به السياسيون لحرف القضية المطلبية والاجتماعية والاقتصادية عن هدفها.
وأضاف: “إن مثل هذا النظام السياسي لا يمكن أن يستمر وهو مولد للأزمات لنا، وجرت محاولة في الطائف لإصلاح بنيته السياسية، لكن لم يحصل ذلك، وأن قانون الإنتخابات الأخير الذي إعتمد النسبية، هو تطور إصلاحي، لكن توزيع الدوائر والصوت التغضيلي كرّس الطائفية، بدلاً من أن يكون المدخل الى إلغائها، ولن نصل الى ذلك إلا عبر لبنان دائرة واحدة، وعندها نبدأ بالخروج من احتكار الطوائف من سياسيين وهو ما قائم عند الطائفة الدرزية التي يفصّل قانون الإنتخاب على قياس وليد جنبلاط، الذي يحاول فرض الآحادية على الموحدين الدروز وحالفته ظروف أمّنت له ما أراده، فسانده فريق سوري أثناء وجود القوات السورية في لبنان، وأعطاه ما كان يطلبه، من كتلة نيابية، ووزارة مهجرين، وتعيينات، وبعد خروج الجيش السوري دعمه تحالف رباعيّ ومن حلفاء لنا ومازالوا فسيطر أيضاً على المجلس المذهبي ومشيخة العقل والأوقاف، مضيفاً هذه الحالة الشاذة لا يمكن أن تستمر، ولا بدّ من تصحيح الوضع داخل الطائفة الدرزية وإأعادة التوازن إليها، والذي يبدأ من وجوب احترام التنوّع فيها وتكريس التعددية السياسية، وإسقاط الإستقواء بسلاح المال والتوظيف السياسي، كما في أعمال الترهيب والتكفير السياسي، لأننا لا نقبل في طائفتنا “داعش” سياسي جديد.
هذا الواقع لن يدوم، متى تضافرت الجهود بين قوى الخط السياسي الواحد، الملتزم بالمقاومة وبالتحالف مع سوريا، التي إنتصر نظامها مع حلفائه على المؤامرة عليها.
وختم بالقول متوجهاً بالتحية الى الشهيد محمد أبوذياب والمقاومة بعيدها في يوم التحرير، والى الجاهلية كل التقدير، وللأستاذ وئام ولأهلها نتوجّه بالشكر على إحياء هذا اليوم، لمَن يستحق”.
أبوذياب
ثمّ كان كلمة لأهالي الجاهلية ألقاها الدكتور الشيخ غسان أبوذياب ومما جاء فيها، بعد الترحيب:
” أيها الإخوة الأحرار، والمعروفيون الشرفاء الأبرار، الآتون من كل حدب وصوب، الحافظون للود، والأوفياء للوعد، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته، وأهلا وسهلاً بكم ضيوفاً أعزاء وإخوة وأخوات ومكلفين ومكلفات في بلدتكم وبين أهلكم، هذه البلدة التي تفتح ذراعيها لتستقبل الجار ولو جار، والغريب الأديب، وكل مّن ولج ترابها ضيفاً من بابها، أما مَن يحاول الدخول إليها عنوة ورغماً.. فهيهات هيهات…
وتابع: “أيها الإخوة الأحباء، المناسبة اليوم بأوجه عدة، لوقوعها في شهر رمضان المبارك، الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس، ولتزامنها مع ذكرى إستشهاد جدنا أمير المؤمنين علي عليه السلام، وهو قائم في صلاته في المسجد، ولوقوعها في الخامس والعشرين من أيار، عيد المقاومة والتحرير، ولوقوعها في الوقت العصيب في الإقتصاد، والزمن الرديء في السياسة.
أيها الأعزاء، لقد تعرضت بلدتنا العامرة لمحنة عظيمة، وخطر داهم، وتجاوزته بحكمة مرجعنا سماحة شيخ العقل الأسبق الشيخ أبو علي سليمان أبو ذياب، وحكمة مشايخنا الأجلاء، وبسواعد أبطال بلدة الجاهلية من مختلف الإنتماءات والمشارب والعائلات والخلفيات الفكرية والسياسية، فقد أخطأ بعض كتبة التقارير في توصيف المشهد في البلدة، ونقله إلى بعض ممتهني تجارة السياسة في الأجهزة الأمنية، ومحترفي تركيب الأفلام والإبتزاز السياسي، ولم يعلموا أن بلدتنا هي كما قال مرجعنا الشيخ، “نحن في بلدة الجاهلية عائلة واحدة، موقفنا واحد، وأي تعرض لأي شخص من البلدة عن غير وجه حق، هو تعرض لكل أهل البلدة”. فخاب المتآمرون ورب الكعبة… وللتاريخ أيضاً، إن كل أهل الجاهلية، من جميع الأطراف والأطياف والأحزاب والتيارات، كانوا على أتم الجهوزية للدفاع عن البلدة برموش الأعين إن تعذرت الأدوات….كان ما كان، واستشهد أبو طلال، تقبله الله شهيداً. وعن هذا المشهد قال الشاعر:
سألت رفاق العمر ماذا صنعتم وفي أي حال يا أحبة أنتم
جرى ما جرى من حال ضيق وعسرة غريب عجيب أنكم ما سألتم.
بكافة الأحوال، يكفينا أننا نعتقد ونعتمد، أننا جميعاً وأياكم في قبضة المالك، وهو المنجي برحمته من جميع المهالك، وأننا جميعاً مسؤولون عن تقصيرنا في تأدية الحفظ والفرض، وواقفون عن قريب في حضرة الملك الديان للحساب والعرض”.
وأضاف: “في السياسة فليسمعونا جيداً، طائفة المسلمين الموحدين الدروز ليست طارئة على المشهد اللبناني، وليست شريكاً مضارباً، ولا تفصيلاً عددياً، بل إن العقد الإجتماعي الدرزي الماروني هو الذي أسس لدولة لبنان الكبير، ونجاح أبطال الطائفة المعروفية في التصدي لمشاريع إسقاط الدولة التعددية في لبنان هو ما جعل من لبنان هذه الرسالة الحضارية كما قيل عنه، ومختبراً للتنوع والعيش معاً. وعلى هذا الأساس، فليعلم الجميع، إننا لن نستجدي حقوقنا من خصم ولا من حليف، ولن نقبل منطق التمنين في إعطاء الحقوق، ولا منطق المونة على الشركاء التاريخيين، وبالتأكيد، فإن الذمية السياسية ليست من قاموسنا، ولا أحد يمتلك ترف التجارة والمساومة بإسم أهل التوحيد. واستطراداً، والكلام لصانعي السياسة من أميركا إلى روسيا إلى الصين إلى الهند، مروراً بفرنسا والدول العربية والخليجية، لا يستطعن أحد أن يذهب إلى هنا أو هناك ويبيع ويشتري على أمجادنا وأمجاد آبائنا وأجدادنا، ولا أحد يمتلك تفويضاً منا أن يفاوض وحده باسمنا في الصفقات القادمة والتسويات الجارية، فدماء محمد أبو ذياب، وحناجر وسواعد أبطال شعبنا المنتفضون في الحراكات المدنية والشعبية المطلبية ضد السياسات التجويعية لمافيات الفساد الحاكمة منذ عقود قد أسقطت ورقة التين عن زيف مزاعم حصريات التمثيل، وأثبتت أن شعبنا اللبناني هو شعب حي، وعشيرتنا المعروفية لم ولن تستقل من دورها الوطني ولا القومي ولا العروبي، وقد بلغت سن الرشد منذ أكثر من ألف عام، فليست بحاجة إلى أوصياء، واستطرادا، فالسماء التي تظللنا قد رفعها الحق جل جلاله فليست بحاجة إلى أعمدة.
وقال: “أتركوا شعبي يعيش، أتركوا شعبي يعيش، أتركوا شعبي يعيش. قالها الكبير الخالد والأستاذ العظيم غسان تويني في الأمم المتحدة، ونقولها معه اليوم، كفى إرهاباً، كفى تقتيلاً، كفى دماءً، كفى حقداً، ألا شبعنا، شبع شعبنا أن يكون جمعية دفن موتى، نريد أن نعيش بكرامة، نريد أن نحيا لأجل لبنان الدولة السيدة القوية القادرة، الحاضنة لأبنائها لا الطاردة والمهجرة لهم، نريد سريراُ لكل مريض، ومقعداً لكل طالب، ووظيفة لكل خريج، ورغيفاً لكل جائع، نريد دولة مسؤولة لا دولة صفقات، هاتوا حقوق المواطنين، وإلا فارحلوا عنا”.
وختم بالقول: “المجد والخلود لشهيدنا البطل ولشهدائنا الأبرار، النصر والصمود لشعبنا ووطننا، والعزة والبقاء لله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.
أبو ذياب
ثمّ ألقى نجل الشهيد طلال أبوذياب كلمة آل الشهيد، ومما جاء فيها بعد الترحيب:
“إشتقت إليك يا أبي… إشتقت إليك كثيراً… إشتقت إليك أكثر مما يتصوّر أحد…
أبي الشهيد، أيقونتي الغالية، مثالي الأعلى، حبيب قلبي، أسطورتي التي لا تُنسى، بطلي الشجاع، شهيد بني معروق، شهيد وحدة الجبلن شهيد السلم الأهلي، شهيد التوحيد وأهله وأبطاله وشجعانخ وحزبه”.
وتابع: “أبي ماذا أقول لك، وأنت اليوم حيث تسمعني وتراني، ترى نجاحي وأخواتي، ترى أمي الحبيبة، تحفظ عهدك، تصدق وعدك، تكمل دربك، تراناً جميعاً، عائلتك، أحبتك، إرثك، مستمرين في النضال.
كما قلت لك وأعيد يا أبي، باسم عائلتك الصغيرة، وعائلتك الكبيرة، والجماهير المحتشدة الوفية، نحن على العهد، أعدك يا أبي، أن أكون كما أردتني قوياً، شجاعاً، ناجحاً، وأن أهتم بأخواتي، وبرًّا بأمي، وصديقاً لأعمامي وأخواتي، ووفياً لمَن قدّمت دماءك فداه، عنيت أبي الثاني، الأخ الحبيب، والصديق الوفي، الوزير وئام وهاب، وأخوتي وأخواتي أبناءه وبناته”.
وختم بالقول: “أبي، باسمك من عليائك، نحمد الله ربّ العالمين، ونحني رؤوسنا إمتثالاً لقضائه وقدره، ونشكر باسمك، كل مَن تعاطف مع قضيتنا، كل مَن ذرف عليك دمعة، كل مَن وقف معنا موقفاً، كل مَن تضامن بحضوره في تشييعك، أو أسبوعك، أو أربعينك، أو اليوم في وضع نصبك التذكاري، ونشكر أيضاً كل مَن حالت ظروفه دون الحضور، واكتفى بالدعاء لنا ولك، ولكا مَن تناولنا وتناولك بسوء، نقول: إذهب فإنا لك مسامحون.
أبي الحبيب، عهدنا الوفاء، وقد أذقتنا بدمائك طعم الحرية، فلم نعد نقبل طعم العبودية لغير الله.
رحمك الله يا أبي”.
ثم ألقى الشاعر سعيد ضو قصيدة من وحي المناسبة.
وهاب
وفي الختام كان كلمة لرئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب أكّد أننا “نقف الى جانب الجمهورية الإسلامية الإيرانية في وجه الحصار الجائر الذي تفرضه عليها الولايات المتحدة الأميركية، ونحن سنقف معها كما وقفت هي الى جانب المستضعفين في فلسطين والدول العربية وكل مكان فيه مظلوم،” مضيفاً أن “سوريا على طريق الخروج من أزمتها وستعود أقوى مما كانت وهذا ما ستشاهدونه في الأشهر المقبلة”، مؤكّداً وقوفه الى جانبها”، مشدداً على “أننا سنكون مع المقاومة كل وقت وعند أي مواجهة، لأنها هي التي حررت لبنان وفرضت التوازن والردع الإستراتيجي مع العدو،” موجهاً التحية الى الجيش اللبناني “شريك المقاومة في التحرير وحماية لبنان، هذا الجيش الذي يجب أن نستغل اليوم وجود الرئيس العماد ميشال عون ابن المؤسسة العسكرية، في سدة الرئاسة، لدعمه وتقويته فيصبح منيعاً وحامياً لكل شعبه”.
وفي الوضع الداخلي الدرزي شدد وهاب على أن “لقاء خلدة السياسي، يجمعنا على شعارات ومبادئ كبرى نتّفق عليها من المقاومة والتحالف مع سوريا ونتوحد حولها”، متمنياً أن “يكون الحزب السوري القومي الإجتماعي جزءًا من هذا اللقاء،” جازماً أن “الآحادية في الشارع الدرزي سقطت منذ زمن ودفناها وأصبحت من الماضي وحتما أي استحقاق قادم سيثبت ذلك والتعيينات الإدارية في الحكومة اليوم ستترجم هذا الموضوع وهذا أمر محسوم واتفقنا عليه مع حلفائنا”.
ومما جاء في كلمة وهاب:
“للخامس والعشرين من أيار صفحة مشرقة في عمر الوطن ….
إنه عيد الإنتصار والتحرير والمقاومة، عيد تأسيس حزبنا التوحيد العربي، يوم تجسيدنا لشهيد إفتدى الجبل والوطن من فتنة كادت أن تودي بهما للهلاك والخراب…
لذا، يتكامل التأسيس والإنتصار، بزرع شهدائنا على خارطة شقائق النعمان، من فلسطين الى سوريا الى لبنان المقاوم…
وأضاف: “في هذا اليوم المبارك، نوجّه التحية لكل أبناء شعبنا، لأنه المخاض الأخير لإنبلاج الفجر بعد ليل طويل، ومهما نعقت الغربان، وهدّد المستكبرون، واشتدّ عصب الإرهاب والمتعاملين، وأحاطوا بلادنا بالحصار والتهويل، ستعود هذه الأمة القادرة لتصرع التنين، وتنال حقها في كل مواردها وخيراتها وحدودها الطبيعية”.
ولخص وهاب الوضع اللبناني والإقليمي والوضع الداخلي الدرزي فقال: “نقف الى جانب الجمهورية الإسلامية الإيرانية في وجه الحصار الجائر الذي تفرضه عليها الولايات المتحدة الأميركية، ونحن سنقف معها كما وقفت هي الى جانب المستضعفين في فلسطين والدول العربية وكل مكان فيه مظلوم،” مضيفاً أن “سوريا على طريق الخروج من أزمتها وستعود أقوى مما كانت وهذا ما ستشاهدونه في الأشهر المقبلة”، مؤكّداً وقوفه الى جانبها”.
وشدّد وهاب مؤكّداً على “أننا سنكون مع المقاومة كل وقت وعند أي مواجهة، لأنها هي التي حررت لبنان وفرضت التوازن والردع الإستراتيجي مع العدو،” موجهاً التحية الى الجيش اللبناني “شريك المقاومة في التحرير وحماية لبنان، هذا الجيش الذي يجب أن نستغل اليوم وجود الرئيس العماد ميشال عون ابن المؤسسة العسكرية، في سدة الرئاسة، لدعمه وتقويته فيصبح منيعاً وحامياً لكل شعبه”.
وفي الوضع الداخلي الدرزي شدد وهاب على أن “لقاء خلدة السياسي، يجمعنا على شعارات ومبادئ كبرى نتّفق عليها من المقاومة والتحالف مع سوريا ونتوحد حولها”، متمنياً أن “يكون الحزب السوري القومي الإجتماعي جزءًا من هذا اللقاء،” جازماً أن “الآحادية في الشارع الدرزي سقطت منذ زمن ودفناها وأصبحت من الماضي وحتما أي استحقاق قادم سيثبت ذلك والتعيينات الإدارية في الحكومة اليوم ستترجم هذا الموضوع وهذا أمر محسوم واتفقنا عليه مع حلفائنا”.
وأضاف: “وبعد…
تعالى وامسك بيدي يا محمد…
ويدك ما تعوّدت إلا أن تبقى بيدي…
تعالى وأبلغني بأنك عدتَ للربوع،
فالدار معك تبقى أكثر إشراقاً وعطاء…
تعالى الى حيث يرتاح المدماك، وتنحني عتبة البيت فرحة للقياك…
تعالى للأشجار التي زَرعت، وللأزهار التي سقيت، فكلها تشكو الفراق، وتناجي صمت الروح، وسكون الليل…
تعالى أيها الحبيب، وأنت المتعالي عنا جميعاً…
تعاليت حتى جاورت القامات، وتعاليت حتى عبرت السماء وسكنت في صومعة البقاء والإرتقاء…
تعالى إليّ واستقبل الضيوف، فقد تعوّدوا عليك ضحكة وسلاماً واشتياقَ، وعلى عينيك بريق أمل ونجاة…
هنا كنت تنتظر، وهنا أمضيت شبابك في عهد الوفاء والخلود والبقاء…
هنا كنت الأمين والمؤتمن، وكنت الصديق والخليل، وتحت ناظريك كان الأولاد والعيال، فكنت درعاً لنا في كل الأوقات…
هنا غفوت في قيلولة، وقد طال الإنتظار، وها قد عدتَ مجدداً لتبقى، وستبقى بيننا، رسالة حياة، وقضية وطن، وصرخة اعتزاز وافتخار…”
وتابع “أمضينا السنوات والعقود، طفولة تعبث بالتراب، وشباباً يناضل في حلبة الصراع، ونضوجاً يغيّر المسارات، في جبل يعشق صناعة التاريخ والحياة…
غنّينا المواويل التي تجمع، والقصائد التي تبني، والموشحات التي تأخذنا لوحدة المجتمع والوطن، وتخترق كل الساحات…
إيماننا صلب، وعزيمتنا ثابتة، وبلدتنا كانت مهد الإنطلاق،
عمائمها بيضاء، مناديلها بيضاء، وعائلاتها، صخورها، ترابها، مياهها، وكل ما فيها نقلنا من زمن جميل الى زمن إزدادت جماليته على دروب الحق والصراع…
وتابع: “آهٍ يا محمد…
لقد ضاقت صدورهم بهذا الجمال، خافوا من شروق الشمس، فإذ بنا قوم ينهض من تحت الركام، ليلاقي الربيع، ويُزهر بعد خريف من الجهل والتعصب والتفرقة…
خافوا من أسمائنا، وصورنا وصوتنا، وها قد أدركوا بأن الزمن تغيّر، والعصر تبدّل، وباتت لعبة الوجود في قبضة الأحرار لا في هوان الذل والعبيد…”.
وتابع: “هالهم أن نخرج من النكبات، ونولج زمن الإنتصارات، ونعبر لرحاب أمة إستفاقت على تراثها من جديد…
واجهونا بكل التهديدات والتحديات، حاولوا إسكاتنا، وعملوا بكل الوسائل لإلغائنا، فجاء حصادنا كبيراً وغلالنا وفيراً، وكنت حبة الحنطة التي سقطت وأينعت بسنابل الخير والعز والبقاء…
إعتقدوا أن غزوتهم البربرية ستنال منا، فأعدّوا الآليات، والمصفحات، ومن عديدهم المئات، قالوا إنه تبليغ، لكنه كان قراراً بالقتل والإعدام، فكنت أنت على بوابة الدار، بل على بوابة البلدة والجبل، أميناً لأبيك أمين، وأهلك ورفاقك”.
وقال: “إفتديتنا بصدرك، فأطلقوا رصاصات حقدهم، ودمك طاردهم، فولّوْا هاربين كالفئران، وعلى محمولاتهم فارين كاللصوص والغربان، فانكسرت غزوتهم، وبقيت أنتَ شهيداً حياً في صناعة الموت وإنبعاث الولادة…”.
وتابع: “يا ويلهم…
أخذوك منا ومن أولادك وأهلك وبلدتك، سلبوا منك الحياة الدنيا، لكنهم منحوك حياة الخلود وخلاص الآخرة…
لن يطمئنّ بالهم، ولن تغمض عيونهم، سنلاحقهم حيثما وجدوا، بكل الوسائل المشروعة، سندخلهم السجون، ليقبعوا خلف القضبان الموحشة، ينتظرون عتمة المقابر”.
وختم قائلاً: “ستبقى أنت أيها الحبيب، منتصباً، شامخاً في فضاء الكون، ورسم الألوان، معنا في كل صباح ومساء، في كل ليل ونهار، في كل شهر وسنة، في كل أنشودة وإطلالة وموقف وساحات، معنا في أفراحنا وأتراحنا، في ألعاب أطفالنا، وزغردات شبابنا…
ستبقى قلعة للتوحيد والوطن، جداراً للسهل والبحر والجبل، وبريق عينيك، يحملنا في سفر دائم لتحقيق ما تعاهدنا عليه، ونذرنا أرواحنا ونفوسنا وكل ما نملك من أجل إنتصاره،
ستبقى يا حبيبي، شاهداً وشهيداً، على منزلي وعائلتي، في إقامتي وترحالي، في فرحي ووجعي، في أنفاسي التي تطيب بذكراك، وقلبي الذي يعشق رسمك ومحياك…
ستبقى زوجتك وبناتك وشبلك أمانة في عنقي، وسيعلم الأمين أنك، رجل الرجال، وقدوة الأبرار، وتبدّل الأجيال،
فهاك قميصي، واعطني قميصك،
هاك بندقيتي واعطني بندقيتك،
هاك جبيني، قبّلني جبينك،
وهاك يدي، يدك وهبتها لكل الناس، يا أحب الناس، وأخلص الناس، وأصدق الناس،
محمد..
عهداً ووعداً، لن نهدأ قبل أن ينال الظالمون جزاءهم،
أنت الحيّ فينا باقٍ ما بقيت، وهم الأموات الذين لا يستحقون شرف البقاء.
وإنّا لله وإنّا إليه راجعون”.