يصعب محادثة رئيس “تيار التوحيد”الوزير اللبناني الاسبق وئام وهاب دون “تشويش”ومرات من المقاطعة، بين رنين هاتفيه النقال والارضي، وطرق الزوار على الباب دون مواعيد، وهو يصر ويرفض تغيير نمط حياته الذي اضحى مرهقاً، ولا ينسى بذلك الا ان يمرر الرسائل امام الجميع “يا شباب نحن نواجه الاقطاع والتقليد البالي فكيف نضع حواجز امام الاهل والاصدقاء والمراجعين”، وهو يتابع من الصباح الباكر على كل “الجبهات”، ولا ينسى مناقشة عدد كبير من مقالات الصحف يومياً مع كتابها او الاصدقاء، هذا عدا عن زياراته ونشاطاته خارج المكتب، فريق العمل الى جانبه دائم الشكوى والتذمر من الضغط والملاحقة والسهر والمتابعة، وهو لا يهدأ “يا اخي ما زلت في سن الشباب (45 عاماً) وعلي ان استغل كل لحظة لانجاز المشروع الحلم وهو الخروج من آتون الواقع الذي فرض علينا منذ قرون، وانا لم اولد وبفمي ملعقة من ذهب ولم ارث عن اهلي الا مشاعر الوطنية والانتماء والاخلاق الحميدة ولكن ذلك لا يمكن ترجمتها على ارض الواقع بالعمل الدؤوب والجاد لانجاز ما كان يعتقده كثيرون انها مستحيلة”.
منعنا انجراف طائفتنا وراء المشروع الاميركي الاسرائيلي
هكذا وبكل بساطة يدخل الى صلب القضايا السياسية والعناوين التي يطرحها دائماً ليتشارك بها مع الجميع “لقد نجح مشروعنا السياسي، الوطني والقومي، على مستوى كل المنطقة في مواجهة المشاريع الاستعمارية المتجددة دوماً، وبأوجه مختلفة وتحت عناوين تتناسب وكل عصر، انما مشروع نهب ثروات شعوب الارض عامةً واحتلال منطقتنا العربية والسيطرة عليها خاصةً وهي تحوي في باطنها عصب وشريان الحياة الصناعية الغربية، ونحن نعتبر انفسنا قد ساهمنا في جزء من هذه النهضة العربية والاسلامية العامة عندما منعنا انجراف طائفتنا بالكامل باتجاه المشروع الاميركي الاسرائيلي، اما اليوم فإن جميع القوى قد عادوا الى مواقعهم الطبيعية التي تعتبر بوصلتها هي في كل اتجاه مقاوم ورافض للمشاريع الاستعمارية الى جانب سوريا ودورها المحوري في المنطقة، وما يلي ذلك من صراع بين القيادات السياسية فإنها تبقى في اطارها المحلي غير الخطر استراتيجياً على الطائفة الدرزية في لبنان وسوريا وفلسطين والاردن”.
ماخص به الأسد الحريري، هو موجه للبنان .. كل لبنان
ونعود معه الى تقييم زيارة الرئيس سعد الحريري الى دمشق، والحفاوة اللافته التي لقيها من الرئيس بشار الاسد، يرد وهاب بإسهاب عن “جرأة الرئيس الحريري باتخاذه قرار الزيارة، وهي التي ستمثل تحولاً ونقطة فصل في تاريخ العلاقات بين الشعبين والبلدين وبداية مرحلة جديدة، خاصةً بعد ان مارست قوى محلية ودولية عديدة التحريض على الزيارة وبناء علاقات جيدة بين الفريقين. ان تعكير صفو العلاقات بين بلدينا تضر بالدرجة الاولى لبنان، ويكون المقصود بذلك ان يؤخذ لبنان الى العزل ومن ثم باتجاه الصلح المنفرد مع لبنان، ويصبح خنجراً في الخاصرة السورية والعربية”.ويؤكد ان “القوى اللبنانية الوطنية تعول على هذه الزيارة، ونعتبر ان ما خص به الرئيس الاسد الرئيس الحريري هو موجه الى لبنان، وسوريا تقف الى جانب اشقائها العرب من لبنان الى فلسطين والعراق وكل الاقطار العربية الشقيقة، ونحن سنعمل قدر امكانياتنا مساعدة الحريري على النجاح بخطواته، وقد فتحت القوى اللبنانية الاساسية صفحة جديدة.
نتائج التحقيق تشير الى جهات اسلامية وراء اغتيال الحريري
وقضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري يبدو أن نتائج التحقيق تؤكد أن سوريا خارج الاتهام والتحقيقات تشير إلى أن الأصوليين وراء الاغتيال”.
وعن دور سوريا في المرحلة المقبلة يقول “ان دورها كان دائماً الى جانب كل اللبنانيين دون تمييز، وضد سياسة عزل اي فئة او فريق، وذلك يبدو واضحاً من خلال دورها في الفترة الاخيرة وتوج دورها في المساهمة في تشكيل حكومة وحدة وطنية لبنانية”. ويرفض بشكل قاطع وعصبي الحديث عن “وصف مرحلة وجود الجيش السوري في لبنان بأنها مرحلة سوداء او سيئة، وكيف يمكن تقييم المرحلة من خلال تصرفات بعض العسكر او الاجهزة على مستوى فردي، في وقت ساهمت سوريا يومها في اعادة وحدة لبنان ومنعت التقسيم ووحدت الجيش والمؤسسات”.وان “مثل هذا الكلام فيه الكثير من الظلم والمغالطة التاريخية وهذه مرحلة مرت منذ بضع سنوات وما زلنا نذكرها جيداً. وبدلاً من ذلك علينا ان نعمل على اجراء قراءة متأنية وعلمية لكيفية تطوير وتعميق العلاقات الثنائية ونحن في عصر التكتلات الكبرى، والمثال الاوروبي خير دليل كيف تجاوز حروباً بين دوله كلفته ملايين الضحايا ونحن نصطنع الحدود الوهمية بيننا”.ويكرر بقلق هاجسه من “التسريبات التي تأتينا من اميركا، حول توجهات في الادارة ناحية العودة الى الهجوم على المنطقة، وربما لم يتعلموا مما اصاب مشروع المجنون جورج بوش، وما زال بعض الاغبياء لدينا هنا في لبنان يظن أن الأميركي ممكن أن يسلح الجيش اللبناني و”إسرائيل”على حدودنا، وان اميركا ممكن ان تساعدنا فعلاً، كما راهنت الأنظمة العربية على التسوية ودخلت منظمة التحرير في هذا الإطار اعتقاداً منها بأن باب المفاوضات هو السبيل لاستعادة الحقوق المشروعة، وها هو أبو مازن يصل إلى نفس النتيجة التي وصل إليها قبله ياسر عرفات.”أوسلو”لن يصل إلى الحل العادل للقضية، ولا بد لنا من طرح القضية بشكل موضوعي وبناء، إذ انه ومنذ بدء التفاوض بعد مؤتمر الخرطوم بدأ الانحدار في سقف نقاط التفاوض، وبات الوضع العربي في حالة تشرذم وانقسام، لكن فعل المقاومة كان الشعلة المضيئة، التي ساهمت في عودة الروح للامة. وما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة والصراع مع “إسرائيل” ليس صراع حدود وترسيم قطاعات وضفاف، بل هو صراع عقائدي يندرج من تعاليم واستنادات دينية لديهم تحدد دولتهم من الفرات إلى النيل، انه صراع بدأ يأخذ بعده بالإيمان والجهاد لاسترجاع الحقوق المغتصبة وها هي إسرائيل اليوم تقف عاجزةً عن خوض مغامرات تدرك سلفاً أنها ستؤدي بها إلى الهلاك سواء في الداخل الفلسطيني أو على لبنان، او على اي من الاقطار العربية”.
الأكثرية مصطلح لم يعد موجودا الا في مانشيتات النهار التي يكتبها موظف مأجور
وأشار إلى أن “مصطلح الأكثرية في مجلس النواب اللبناني لم يعد موجوداً الا في مصطلحات و”مانشيت”صحيفة “النهار”اللبنانية والذي يكتبها احد الموظفين المأجورين، ويتحدث بعضهم عن القرارات الدولية، وكأن القرارات الدولية نفذتها إسرائيل. نحن خارج التفكير بتنفيذ قرارات مثل 1559 لأننا خارج هذا الموضوع، والقرار 1559مات وانتهى وهو غير موجود ونحن غير معنيين به، والمطلوب من لبنان بعدما يصبح في مجلس الأمن العمل على تنفيذ كل القرارات لتحرير فلسطين واولها القرار 194الذي يتحدث عن عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ممتلكاتهم وقراهم، أما مسألة سلاح المقاومة فإنها خارج النقاش والمسألة طويلة جداً وتستمر ربما لمئة عام حتى تحل المسألة الفلسطينية قبل الحديث عن ما يسمى القرارات الدولية نريد حقنا العربي والقومي”.
ويعود للتأكيد في الختام ان “ازمة لبنان والعالم العربي تتمثل بالطائفية السياسية التي تستغلها قوى الغرب للتفرقة بين فئات شعبنا، ولن يكون هناك تقدم وترق الا عبر تجاوز هذه القضية الى رحاب المواطنية التي تحمي المواطن بكرامته وحقه في العيش الكريم”.
0