ما مصير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد فوزه بولاية ثانية في مجتمع تركي بدأ يعيش حالة من التشرذم الداخلي بين أطيافه السياسية؟ وما مصير أردوغان في ظل ترتيبات دستورية تجعل من رئيس تركيا امبراطوراً أو سلطاناً عثمانياً بصلاحيات واسعة؟ هل ذلك يعني تعزيزاً لرئاسته أم تهيئة الساحة الداخلية لإزاحته عبر انقلاب عسكري قبل إنقضاء فترته الرئاسية؟ هل يتبنى أردوغان نظام العزلة وما يأتي معه من حصار غربي أم يوسع تحالف الحكم ليشمل المعارضة التركية ويصبح رئيساً لكل الشعب التركي كما قال في خطابه بعد الفوز؟ أم أن ما نراه في تركيا هي بداية لسقوط حكم “الأخوان المسلمين” في البلد بعد تحجيم دور “الإخوان” في سائر الأقطار العربية؟
فوز أردوغان بولاية ثانية يطرح المزيد من الأسئلة والهواجس عند الأتراك ولا يقدم إجابات عن مستقبل بلد مهدد بإستقراره وتداعياته الإقليمية وربما العالمية.
أولى مشاكل أردوغان تبدو داخلية في المقام الأول، وهي تتعلق بنسبة الأصوات المتدنية التي حاز عليها رئاسياً وبرلمانياً وهي نسبة لم تتجاوز الـ 52 في المئة، رغم أن نسبة المشاركة في الإنتخابات تجاوزت الـ 80 في المئة، وهذا يؤشر الى أننا أمام مجتمع بدأ يشهد نوعاً من الحراك الجماهيري ومعارضته لعدد من القضايا الداخلية وفي طليعتها حالة الطوارىء والتضييق على الإعلام وحرية الصحافة، والتشديد على المعارضين وقمعهم.
كل هذا يضع السلطان العثماني أمام تحديات كبرى داخلياً وإقليمياً وعالمياً، مطالب لا بد أن يستجيب لها إذا كان يريد أن يستمر بولايته الرئاسية وتحقيق قبول شعبي وشرعية دولية.
أما إذا استمر بممارسة الدكتاتورية في قمع حرية الرأي والتعبير والتدخل في شؤون دول عربية مثل سورية والعراق فضلاً عن تدخله في الأزمة الخليجية الأخيرة، ومحاولة الضغط على أوروبا من خلال انتهاج سياسة تشريع أبواب الهجرة فربما سيجد نفسه محاصراً غريباً، ويبقى رصيده الشعبي عالياً في أوساط المتشددين الإسلاميين، لكن هذا التأييد من الصعب أن يضمن استمراريته في الحكم بل سيصبح عبئاً ثقيلاً عليه.
يمكن لأردوغان أن يغير سياسته ويبدأ حقبة جديدة من تاريخ تركيا في ظل هذا النظام الرئاسي الجديد ويمكنه أن يظل غارقاً في آحاديته السلطانية، وبهذا يعطي للأتراك حجة لإزاحته عن الحكم بوسائل متعددة وقد يشكل الإنقلاب العسكري أحد السيناريوهات المحتملة.