قد يكون رئيس “تيار التوحيد اللبناني” الوزير وئام وهاب، من أكثر السياسيين حضوراً في الإعلام، الذي لا ينفك يطالبه بمقابلات تلفزيونية وإذاعية وصحافية، والسبب في كل ذلك صراحته وشفافيته في طرح المواقف بكل جرأة تبدو أحياناً للبعض جارحة، وانتقاداته قاسية، إلا أن ما يحاكم كلامه هو أنه لا يهادن مع الفاسدين والخونة والمتنكرين للمقاومة والطاعنين بسوريا والمبتعدين عن العروبة والملتزمين بالمشروع الأميركي والمروّجين للعدو الإسرائيلي، كل هذه الثوابت تدفع بوهاب الى أن يكون الأجرأ والأحدق والأعنف، بعيداً عن دبلوماسية الكلام الذي يعلنه مباشرة، دون مواربة، فيقول كلمته ولا يمشي.
ولأن “منبر التوحيد”، على خط رئيس التيار، تحمل الكلمة الحرة والرأي الشجاع، فإنها فتحت صفحاتها للوزير وهاب، ليعلن عبرها مواقف من كل الاستحقاقات والتطورات، فلم تعتمد في هذا الحوار إلا طرح السؤال من موقع الذي يريد أن يعرف الحقيقة وينقلها الى القراء.
فالأسئلة لم تكن محضّرة مسبقاً معه، بل كانت ضده، وأحياناً تستفزه صحافياً، لتأتي الأجوبة تحمل مضموناً سياسياً ومعلومات.
في هذا الحوار الذي تنقل في كل المواضيع والأحداث والعناوين، تحدّث وهاب بكل جرأته المعهودة، وهنا نصه:
الاستحقاق المقبل
هناك دائماً حديث عن أن الانتخابات لن تحصل، ما هي الأسباب التي تدفع الى إثارة هذا الحديث؟
في هذا الإطار هناك اتصالات حثيثة على الصعيدين السوري الأميركي والسوري السعودي في المنطقة لإجراء الانتخابات في موعدها المقرر في السابع من حزيران المقبل، وجزء كبير من هذه الاتصالات جرى في لبنان خلال السنوات الأربع الماضية، خلال الهجمة الأميركية السعودية على الساحة اللبنانية، أما اليوم فهناك وضع مستجد هو أن المشروع الأميركي الذي هاجم المنطقة منذ سنوات قد اندحر بالكامل، وأوباما يبدو أن لديه مشروعاً جديداً، وخطة انفتاح على كل الأطراف، والأمر واضح، إن كان في موضوع سوريا أو إيران أو الصين وروسيا والعالم أجمع، ما يدلّ على أنّه أصبح مقتنعاً بأن أميركا لن تستطيع أن تحكم العالم بمفردها كما في عهد جورج بوش، وبأن الشراكة مع العالم أجمع أصبحت ضرورية، وهذا الأمر ينعكس على المنطقة عامة وعلى لبنان خاصة، ما دفع بالبعض من الجهات السياسية الى الاعتقاد بأنّ الانتخابات لن تحصل قبل إتمام تسوية معينة حول الوضع اللبناني، وهذا ما يُبحث خلال الاتصالات الأميركة السورية من جهة والسعودية السورية من جهة أخرى، التي يبدو أنها ستشهد تطورات جديدة خلال الفترة المقبلة، من هنا الحديث عن تأخر الانتخابات على الرغم اقتناعي بأنها تجري في موعدها.
ما هو العائق من عدم حدوث الانتخابات غير الحرب الأهلية مثلاً؟
التوترات التي تحصل اليوم هي خير دليل على ذلك، اليوم في هذا الجو المشحون بالتجاذبات السياسية، والقوى الأمنية عاجزة على تأمين الحماية وحل مشكلة في مكان واحد، فكيف بمقدورها أن تضبط انتخابات على مستوى كل لبنان، وإجراءها بيوم واحد؟
لكن الأمن هو قرار سياسي والوزير بارود أكّد أنه إذا اتفقت الأطراف السياسية يمكن إجراء الانتخابات بيوم واحد.
بعض الأطراف السياسية تعتبر تلك الانتخابات معركة حياة أو موت، ونحن نعرف أن هناك فريقين يتنافسان على الأكثرية، فأين يمكن أن يكمن الاتفاق؟
هل ستطالب المعارضة بإجراء الانتخابات في يومين، إذا شعرت بأن الانتخابات في يوم واحد قد تعطل الانتخابات لمرة ثانية؟
في كل الحالات هذا الأمر يتوقف على الدولة وأجهزتها، إذا كانت لديها المقدرة على إجراء الانتخابات في يوم واحد أم لا، فالدولة لا تستطيع أن تترك عشرات القرى بدون قوى أمنية وتقول إنها تجري انتخابات نزيهة، ونحن نعرف ما جرى الانتخابات السابقة حيث كانت بعض القرى تقفل في وجه المرشحين الآخرين وأخرى تقفل بوجه مندوبي المرشحين المنافسين، من هنا فالقوى الأمنية إذا لم تكن حاضرة وجاهزة للحماية، فكيف يمكن إجراء انتخابات نزيهة في يوم واحد؟ الانتخابات من الآن وفي كثير من المناطق سيشوبها التزوير، والمثل على ذلك أنه كيف يمكن ضبط أقلام الشوف الأعلى وعكار وغيرها من المناطق ومن سيحمي مندوبي المرشحين المنافسين للائحة الأساسية؟ إذا لم يكن هناك قوى أمنية منتشرة بكثافة وجدية؟
قانون انتخابات نسبي
ولكن إجراء الانتخابات في يوم واحد أتى وفق مطلب إصلاحي – سياسي؟
برأيي ان هذا الموضوع فيه مراوغة على الناس، وكل التفاصيل التي يعتبرونها إصلاحية هي مراوغة لا أكثر ولا أقل، ومحاولة رشوة سخيفة للناس بأن الإصلاح قد بدأ، فالإصلاح لا يتمّ إلا بقانون نسبي للانتخابات الذي بدونه تكون جميع الانتخابات في لبنان مزورة بشكل أو بآخر، إن كان بالقانون أو غيره، والدليل على ذلك أنه لا نجد أية دولة في العالم تجري فيها الانتخابات على الطريقة المعتمدة في لبنان.
هل سيترشح وهاب في الشوف؟
أنا غير مرشح في الشوف ولكن تيار التوحيد اللبناني هو الذي سيترشح.
ولكن هناك من يقول إن وئام وهاب الذي يمثّل رأس الحربة في وجه الإقطاع وفي وجه وليد جنبلاط يفر من المعركة الانتخابية؟
عدم ترشحي في الانتخابات لا يعني فراري من المعركة، والدليل على ذلك ترشح تيار التوحيد الذي يمثلني ويمثل شريحة كبيرة من المواطنين، ولكنّ هناك قراراً صدر من المكتب السياسي للتيار بأن يكون هناك رمز معين لاسمي في هذه المعركة وبأنه لا يجوز أن نفسح المجال في الشوف بعد السنوات الأربع التي مرّت والمعركة التي خضناها منفردين أحياناً أو مع حلفائنا أحياناً أخرى لبعض العصبيات المذهبية في ظل الجو المذهبي القائم في بعض المناطق لبعض القوى التي تعمل على إثارة هذا الجو المذهبي للانتقام من اسم وئام وهاب أو من النهج الذي مثلته خلال السنوات الماضية، إذ من المعروف أن الذي يحدّد النتائج في الشوف هو إقليم الخروب، وإقليم الخروب على وضعه اليوم نتيجة بعض الأجواء المذهبية ووجود الأكثرية الى جانب تيار المستقبل لا الى جانب جنبلاط، وهذا الأمر يجعلنا ندخل في معركة إثبات وجود في الشوف ولكن ليس باسمي، وبكل الأحوال كنت قد أبلغت المكتب السياسي في التيار منذ أكثر من سنة أنه إذا كان لدينا الحظ بنائب أو وزير يمكننا أن نسمي شخصاً آخر من التيار وليس من الضروري أن أُسمّى شخصياً.
واليوم هناك مشاورات مع أركان المعارضة، التي اجتمعنا مع كل أركانها في الشوف والتقينا مسؤولين في حزب الله في بعض الاجتماعات وبحثنا في تفاصيل المعركة، من هنا معركة الشوف قائمة ولكن الأهم أن تتوافر لها الإمكانات اللازمة لإجرائها.
ولكن ترشيحكم الشخصي في الشوف يعطي للمعركة الانتخابية بعداً سياسياً أكثر؟
هذا صحيح، وسأكون جزءاً لا يتجزأ من معركة الشوف ولكن اسمي لن يدخل في المعركة على الأرجح، هذا من جهة، كما أن المعارضة من جهة أخرى لم تضع الخارطة الكاملة للبنان التي على ضوئها ستتحدّد جميع الترشيحات وسيتقرر كل شيء.
وترشيحكم في بعبدا؟
ترشيحي في بعبدا طُرح في بعض وسائل الإعلام دون أن أعلن عنه، ولكن مرشحنا في بعبدا هو الأستاذ هشام الأعور، وهو سيعلن ترشيحه في الثامن من شهر آذار في احتفال سيقيمه في منطقة المتن الأعلى، والجميع يعلم أن مقعد بعبدا عليه تهافت، ولكنني لست شريكاً فيه ويخطئ من يعتقد أن مقعد بعبدا مضمون للمعارضة، لأن معركة بعبدا هي أيضاً متكافئة وليست محسومة كما يعتقد البعض، والصوت الدرزي والسني هناك يوازي الصوت الشيعي، فتبقى المعركة على الصوت المسيحي، وأي اسم لا يستطيع أن يكسب من الشارع المسيحي يمكن أن يتعرض لنكسة في بعبدا. ليست الأمور كما يعتقد البعض أن معركة بعبدا ستكون نزهة، مع وجود الموالاة التي تضع كل ثقلها في منطقة بعبدا لإحداث خرق ما، لذلك فإن مقعد بعبدا سيكون من ضمن المقاعد التي ستُبحث مع المعارضة، ولكن هذه المرة الأمر سيكون واضحاً أكثر من تشكيل الحكومة السابقة التي حصلت خلالها تسوية ما بين المعارضة الدرزية عبر حزب الله الذي كان الوسيط حينها. أما اليوم فالأمر يختلف، فلن نقبل بأية تسوية لا تضمن حقوق الجميع، بمعنى أن يأتي أحد اليوم ويعتقد أن بقوة غيره سيتمكن من أخذ وزارة أو نيابة أو كتلة، هذا الأمر لم يعد له وجود، إذا كان لديه قوته فلن يقف أحد في وجهه أما أن يستقوي بالمعارضة علينا فهذا أمر صعب ولن يُكتَب له النجاح.
المعارضة الدرزية
هل هذا يدل على أن المعارضة الدرزية غير موحدة؟
مخطئ من يقول إن المعارضة الدرزية موحدة، وهناك جزء من المعارضة الدرزية أقرب الى وليد جنبلاط مما هو إلى المعارضة، فكيف تكون المعارضة الدرزية موحدة؟
هل المقصود بذلك الوزير أرسلان؟
لا أريد أن أسمي أحداً ولكن آن الأوان لوضع الإصبع على الجرح، وتسمية الأمور بأسمائها، وآن الأوان لنعلن أن هذا الأمر سيجرنا الى الكارثة على صعيد الجبل كمعارضة درزية، ولا يجوز أن يصبح هاجسنا الوحيد التفتيش على مقعد، فرأسمالي ليس مقعداً نيابياً ولا وزارياً، وأعتقد أن الذي فعلناه خلال السنوات الماضية هو أكثر من مقعد نيابي ووزاري، والأمر هذا تفصيلي بالنسبة لنا، طرحنا أكبر من هذا بكثير وعملنا أيضاً، ولن نقبل بأن تكون المعارضة الدرزية “مطية” للوصول الى مقاعد وزارية أو نيابية.
ما أسباب تشتت المعارضة الدرزية منذ قيام المعارضة الوطنية؟
أنا ليس لدي أي سبب يُذكر، وحتى كل الوسطاء لم يستطيعوا أن يأتوني بسبب وجيه لما يحصل.
إذاً لم يكن هناك أي خلاف سياسي، فهل الأمر يعود إلى خلاف شخصي؟
أكّن كل الاحترام والتقدير للوزير أرسلان، وقد أعلنت عن ذلك صراحة أكثر من مرة بأنه كان يمكن أن يكون هناك مشروع أساسي في المعارضة الدرزية يقوّي موقع الوزير أرسلان لا العكس، وتبيّن خلال الأسابيع الماضية أن الوزير أرسلان قد ذهب وحيداً للتفاوض مع وليد جنبلاط بالرغم من أننا أعلمناه أكثر من مرة بأن ذهابه منفرداً سيجعل النائب جنبلاط ينفرد به في لحظة مناسبة ويتركه، وهذا ما حصل.
هل هناك وساطات ما لجمع المعارضة الدرزية؟
هناك اتصالات مستمرة عبر أصدقاء مشتركين، ولكن أنا ليس لدي أي سبب وجيه أو مشكلة ما حتى تكون هناك وساطات، وحتى الآن لا أعرف أسباب الخلاف.
كيف يمكن أن تربح المعارضة الدرزية في الجبل إذا كان لديها أكثر من مرشح وبوجود هذا الخلاف؟
أولاً، نجاح المعارضة الدرزية سيحسم بحسب المناطق: في الشوف حتى الآن لا يبدو الوزير أرسلان طرفاً في المعركة، والأطراف الأساسية في الشوف متفقة في ما بينها، أما في عاليه فالأمر بحاجة للبحث ولدينا مرشحنا هو الشيخ سليمان الصايغ، والحزب القومي لديه مرشحه والوزير أرسلان أيضاً لديه تصور معيّن، وكذلك التيار الوطني الحر، من هنا يجب توحيد الجهود في عاليه.
أما في منطقة بعبدا، فالمعارضة الدرزية حجمها بسيط نسبة للآخرين: ففي انتخابات 2005 حصلت المعارضة الدرزية في بعبدا على 3000 صوت، وأنا أعتقد أن غالبية أصوات المعارضة الدرزية ستصب للمرشح الأساسي على لائحة المعارضة كائناً من كان، ولكن في السياسة المعارضة الدرزية بحاجة لأن تكون موحّدة على الرغم من اعتقاد البعض أن بعض فرقاء الأكثرية أقرب إليه من المعارضين الدروز، وهذا لا يعود الى أي سبب معيّن.
الوزير أرسلان أعلن أنه مع المعارضة وسيترشح مع المعارضة وسيعلن ترشحه في عاليه.
لا أستطيع البت في هذا الموضوع مع اقتناعي بأن الوزير أرسلان لن يترشّح في عاليه.
أين تكمن نقاط ضعف المعارضة الدرزية وقوتها في الانتخابات المقبلة؟
في الشوف وعاليه ليس للمعارضة أية نقاط قوة، ولكن في الشوف لديها معركة قوة أساسية هي معركة إثبات الوجود من خلال محاولة بناء مشروع سياسي بين أطراف المعارضة، وكان لنا لقاء مع التيار الوطني الحر في الجاهلية وصرحنا خلاله بأن ما يجمعنا بالعماد عون هو مشروع تغييري لا مشروع انتخابي، وهذا شيء إيجابي أن نحقّق هذا المشروع التغييري على الأرض، واتفقنا على الكثير من الخطوات المشتركة من خلال نشاطات ومخيمات مشتركة وأنشطة سياسية وثقافية واجتماعية وفنية وغيرها تشمل المنطقة ككل، وهذا أمر يؤسس لعمل ممتاز بعيد عن مسألة الانتخابات التي كانت موضوعا تفصيليا في هذا المشروع، بما أن الانتخابات موضوع استحقاق دائم والمعارضة في الشوف ستخوض هذه الانتخابات، ونقطة قوتها الأساسية أن تقود معركتها الى النهاية.
أما في المناطق الأخرى، وبالأخص في عاليه، فهناك مشكلة لا نعرف سببها حتى الآن كما سبق وذكرت، أما المعارضة فلم تتقدم منذ العام 1992 حتى الآن، فنسبة الأصوات هي ذاتها، وفي تناقص، وهذا ما يدعونا الى بحث ونقاش جدي في الموضوع لمعرفة أسباب ذلك.
عن البرنامج الانتخابي لتيار التوحيد اللبناني، تحت أي عنوان سيخوض تيار التوحيد الانتخابات؟
بعد إعلان أسماء المرشحين، وأعتقد أن ذلك سيكون قريباً جداً، سيكون لدينا برنامج سياسي انتخابي، ولن نخوض المعركة على أساس برنامج انتخابي محض، بل أيضاً على أساس برنامج تغييري، ونحن نحث المعارضة ككل على هذا الأمر، وذلك لوضع مفارقة ما بيننا نحن كمعارضة وبين تيار المستقبل الذي لا يربطنا شيء به ولا برئيسه النائب سعد الحريري الذي يمثل “مشروع الفساد والإفساد” في لبنان وأرفض إشراكه في الحكم، من هنا يجب أن تكون لدينا كل الجرأة لنعلن أننا سنحكم وسنعطي نموذجاً في هذه السلطة.
ولكن الدستور هو الذي يفرض هذه الديموقراطية التوافقية أو العيش المشترك؟
لا أعتقد اليوم أن النائب سعد الحريري هو فقط الذي سيعطي “ورقة مرور” للرئيس عمر كرامي والوزير عبد الرحيم مراد أو للرئيس سليم الحص في الطائفة السنية أو الوزيرة ليلى الصلح أو الرئيس نجيب ميقاتي، فالطائفة السنية هناك من يمثلها وهم كثر ولديهم أسماؤهم ومواقعهم في تاريخ لبنان إذا ما أرادوا الحديث عن الأسماء التاريخية، وإلا فما الفرق بيننا وبين تيار المستقبل، بحيث لا يعود هناك أي مشكلة في أن يربح أي كان في الانتخابات.
في هذ الإطار لماذا أصرت المعارضة على حكومة وحدة وطنية في وقت ما زال هناك جزء من المعارضة ضمن لعبة الطوائف؟
طبعاً، هذا الأمر موجود وهو محور نقاشنا اليوم، من هنا يجب أن تكون لدينا الجرأة لإعلان مشروع تغيير وطني شامل تخوض على أساسه المعارضة الانتخابات.
المعارضة كان لها أسباب خلال السنوات الماضية وعند وقوع عدوان تموز، وعندما تآمرت السلطة على المقاومة في تموز 2006 وعندما حصل التآمر لنزع سلاح حزب الله، وعندما حصلت كل محاولات تجيير السلطة وتسليمها للأميركيين، كل هذه الأمور دفعت المعارضة لأن تدخل في الشراكة في حكومة الثلث الضامن حتى تضمن عدم انحراف السلطة، ونحن نشاهد ما يقوم به السنيورة من محاولات لإلغاء هذه المعادلة التي منعته من تحقيق مآربه خلال الفترة السابقة.
التدخل الخارجي
هل سيتمكن لبنان من إتمام الاستحقاق المقبل بنجاح بعيداً عن التدخلات الخارجية؟
لمَ لا! فمن يربح الانتخابات يجب عليه أن ينشئ حكومة، ولكن قبل ذلك عليه أن يقدّم نموذجاً للحكم لا أن يحكم بحسب رغباته ومآربه الشخصية، ونحن في لبنان بحاجة لأن نصل الى مكان ما نؤسس فيه لدولة بمعزل عمّن يربح في الانتخابات، فالإدارة والقضاء والأمن هذه أمور يجب أن تكون محايدة عمّن سيربح في الانتخابات، ويجب أن تخدم المواطن كمواطن بمعزل عن ولائه السياسي، وهنا ينعدم وجود أي مشكلة يمكن أن تحصل في من يريد أن يحكم، ولكن المشكلة تكمن عندما تُستَعمل تلك الأجهزة ضد الآخر، هذا ما حصل في السنوات الماضية خلال تولي العصابة التي حكمت البلد واستعملت كل الأجهزة ضد المعارضة، ما دفعنا لوضع حد لها وأوصلتنا الى السابع من أيار.
من هنا يجب القيام بعملية إصلاح شامل تبدأ بقانون الانتخاب، هذا النظام السياسي هو السبب في المشاكل التي نعانيها اليوم، وما دام هذا النظام قائماً، فهناك مشكلة قائمة في لبنان، وأتحدى أن تتمكن السلطات المتعاقبة من إدارة لبنان أو حكمه مع وجود هذا النظام، من دون تغيير فيه لن يتمكن أحد من حكم لبنان.
ويتكلمون اليوم عن الطائف، فالطائف نشأ أصلاً بهدف استمرار إدارة البلد من الخارج، فالطائف الذي هو وليد شراكة أميركية سورية انتهى.
هناك من يتحدث أنه بعد الانتخابات النيابية أو قبلها سيحصل اتفاق سوري سعودي على إدارة مشتركة للبنان من خلال الحوار السوري ـ السعودي، ما رأيكم في ذلك؟
لا أستبعد ذلك، فلبنان استقر لمدة 15 سنة بعد الطائف عندما حصل هناك تفاهم أميركي سوري سعودي أوروبي الى حد ما على رعاية الوضع اللبناني، وبدون تفاهم إقليمي دولي يمثّل إرادة ما تلزم اللبنانيين جميعاً بحد أدنى من التفاهم لا يمكن تحقيق إدارة مشتركة للبنان.
في موضوع التدخل الخارجي، رأينا جون كيري في السفارة الأميركية يتحدث عن تخوفه من سقوط قوى 14 آذار، هل إذا حكمت المعارضة سيكون الوضع مشابهاً لحكم حماس في غزة؟
الوضع مختلف تماماً، أولاً من حيث الأجواء السياسية، كما أن الوضع في لبنان لا ينطبق أبداً على الوضع في غزة، فهو مختلف تماماً، إضافة الى أن بعض المعارضين الخائفين من محاصرة لبنان إذا حكمت المعارضة ولكن ليس هناك أي مبرر لذلك. فلبنان لديه حدوده المفتوحة، الأمر الآخر يجب أن نقدّم نموذجاً للسلطة.
فهذا الأميركي الذي يحدّثك بالقيم وتراه في اليوم الثاني يدعم القتلة، فما هي هذه القيم التي تحدّث بها، ما يدفعنا الى فضحه والإعلان على الملأ عن الصيغة التي يجب اعتمادها في الحكم من خلال نموذج مغاير لمغارة علي بابا في الحكم، يتمتع بشفافية تغنيك عن المساعدات إذا ضُبطت مشكلة الإنفاق في لبنان، وقد مارسنا هذه التجربة أثناء الستة أشهر التي قضيناها خلال مشاركتنا في السلطة، حيث توصل الرئيس كرامي ووزير المالية الى خفض الإنفاق الى نسبة 40%، فلبنان بلد غني ولكن تنقصه الدولة.
بدأت الأصوات ترتفع من قوى 14 آذار مدعومة من الإدارة الأميركية التي أعلنت صراحة أنها لن تعيد الرئيس نبيه بري رئيساً لمجلس النواب، وهذا ما شهدناه في العام 2005، ما رأيكم في ذلك؟
هذه الصيغة الهجينة اليوم ليس لديها أي معنى. ومن يربح فعليه التحمل وليُحَوّل ما بقّي إلى المعارضة.
لكن النائب وليد جنبلاظ أعلن أنه سيرشح الرئيس بري لرئاسة مجلس النواب..
إذا كان النائب جنبلاط مع ترشيح الرئيس بري لرئاسة المجلس فأعتقد أنهم سيؤمنون الأكثرية للرئيس بري.
ألا يتناقض النائب جنبلاط مع تيار المستقبل في هذا الموضوع؟
في النهاية تجد نفسك أنك مضطر، مع عدم وجود ربما أي نائب شيعي، فمن سيترأس المجلس؟ أو قد تجد نائباً شيعياً واحداً في بيروت، فهل يمكنك أن تأتي بنائب واحد ضد إرادة 32 نائبا شيعيا، وأنا أجد أن هذا الأمر قد طرح في إطار التهويل وفي إطار الصدى للموقف الأميركي.
في هذا الإطار كلام الرئيس الأسد جاء واضحاً مع جون كيري بشأن التخلي عن سياسة الإملاءات، وفي النهاية الرئيس جورج بوش قد خرج مهزوماً من هذه المنطقة التي أدت بالتالي الى هزيمة داخلية للحزب الجمهوري في أميركا، اليوم بعد حرب تموز وحرب غزة العقل العربي عموماً والعربي المقاوم خصوصاً تغيّر، فلم يعد ينصاع للأميركي أو يخاف من وصول نتنياهو أو غيره الى السلطة في إسرائيل، في السابق كانوا يعتقدون أن هناك أناساً تخاف على عروشها فتنصاع لهم، ولكن الوضع مع لبنان مختلف تماماً، من هنا فإنهم عاجزون عن انتخاب أي رئيس مجلس نواب آخر غير الرئيس نبيه بري.
هل يشير الغزل القائم بين النائب جنبلاط والرئيس بري الى تحالفات انتخابية رباعية سواء في البقاع الغربي أو في بعبدا؟
الرئيس بري ملتزم بمواقف المعارضة، وهذا الكلام أبلغني إياه أخيراً، ولكن النائب جنبلاط جاء وأعلن عن عدم خوض معركة في حاصبيا ضد الرئيس بري، وهذا موقف جيد منه، ولكن إن قام بهذه المعركة فإلى أين سيصل مع 2000 صوت مقابل 80 ألف صوت للمعارضة، والرئيس بري على معرفة تامة بذلك، ولكن الوزير أرسلان أخطأ بالمسارعة في الهجوم على هذا الموضوع الذي ليس له وجود أصلاً.
هناك من يتحدث عن أن سوريا تحاول بطريقة ما أن تتدخل في الانتخابات النيابية عبر التنسيق مع حلفائها؟!
سوريا ترغب في أن يربح حلفاؤها بالتأكيد كما يرغب الأميركي في أن تربح قوى 14 آذار، وعلى سوريا أن تدعم حلفاءها الذين يتمتعون بهذا الحق لمواجهة الهجمة العالمية التي تشن ضدّهم، وقد صدق العماد عون عندما تحدّث عن حرب كونية حيث يتدخل العالم أجمع ومعه المال العربي في هذه المعركة، فأين المشكلة في دعم سوريا لحلفائها؟ بالرغم من أنها الأقل تدخلاً في الانتخابات، فحتى الآن لم يتمكن أحد من نقل موقف سوريا أو أي مسؤول سوري في الانتخابات.