دير الزور، لؤلؤة الفرات تزهو على وقع الإنتصارات، راياتها عالية خفاقة وهي تعود الى حضن الوطن. وفشل المشروع الأميركي – الصهيوني وأدواته الرجعية، وبدأ دحر الإرهاب عن المدن والقرى السورية، والمسألة مسألة وقت وعندها ستعود الأرض مطهرة بتضحيات الأبطال من الجيش العربي السوري والقوى الحليفة. وكما عادت حمص وحلب وتدمر، اليوم تُحرر دير الزور من رجس الإرهاب، وهذا يعني شطب الإنجازات التي حققها الأميركي والجهات المدعومة منه تحت مسميات كاذبة وخادعة من ربيع زائف و”ثورة”، وفشلت الأجندة الأميركية وبدأت تفرغ من محتواها في إنتاج التقسيم والفيدرالية وإقامة كيانات من صنع الخيال الأميركي.
وأصبح واضحاً، بأن المعركة في مواجهة الإرهاب وداعميه هي المعركة ذاتها في كل مدينة سورية وهي معركة الوطن بأسره ومعركة محور المقاومة، وهذا المحور لن يثنيه “خط أحمر” يرسمه العدو، وحدود المؤامرة الدنيئة إنكشفت، ودور ما يسمى التحالف الأميركي – الغربي – “العربي” في محاربة الإرهاب لا يتعدى حدود تأمين الغطاء لإبقاء حالة يستثمرون من خلالها وجود الإرهاب في المنطقة، وهدفهم جني المكاسب السياسية والاقتصادية وإعادة فرض الهيمنة على المنطقة.
وسوريا الصمود والمقاومة منعت العدوان من تحقيق أهدافه في إسقاطها ونقلها الى مواقع جديدة على الخريطة السياسية للمنطقة، وبتحرير دير الزور تعمل على إسقاط الهدف البديل (التقسيم)، ومسيرة الحسم العسكري التي بدأها الجيش العربي السوري والقوى الحليفة، هدفها تطهير دير الزور من الإرهاب وداعميه ومموليه، وقدر سوريا أن تدفع العدوان عن أرضها وتحمي شعبها وتتقدم الصفوف في معركة المصير، وهي الأمينة والوفية لدماء الشهداء ووعد الإنتصار.
ومن هنا تأتي أهمية الإنجاز وما تحقق من انتصار. وبدأت أواصر الوحدة والعيش المشترك تعود الى طبيعتها والهدف حماية النموذج الوطني المقاوم وببعده القومي وأهمية بناء الإنسان وتنمية وعيه وإلتزامه في مواجهة مشاريع التقسيم والتبعية والإرتهان.
ونحن أمام مفصل تاريخي حيوي ومهم وأساسي في سير الحرب على الدولة السورية، والأهمية الإستراتيجية لدير الزور وتطهير المدينة من أيدي الإرهابيين، “ومجرد هذا الإعلان يعني أن الهدف الأساسي من الحرب على سوريا قد أصبح وراء الظهر”، وبهذا “أصبح الكردور الإستراتيجي الممتد من الأردن الى تركيا مغلقاً بالمطلق”، كما حدث “وتمّ إغلاق الكردور الأول الممتد من البحر المتوسط الى القلمون الشرقي”، وذلك لتطهير الحدود السورية – اللبنانية، وهذان مدخلان كان يراهن عليهما العدو الصهيوني نظراً لطبيعتهما الإستراتيجية، وإغلاق المدخلان نهائياً يعني سقوط مشروع التقسيم، “وهذا الإنجاز حشر أميركا في الزاوية الضيقة” ويسلط الضوء على طبيعة الصراع الدائر في المنطقة ومدى تأثيره في الحسابات الإقليمية والموازين الدولية، وضمن هذه الحسابات أصبحت النهاية واضحة ومؤكدة وهي هزيمة ساحقة للإرهابيين وخاصة “الدواعش” منهم.
وتعلو أصوات الإنتصارات والميدان يتحدث عن صمود أسطوري تجاوز إعجازات تاريخية مكللة بعنفوان المقاومين لأي حصار، وفي الحسابات هناك عوامل هامة مهّدت للإنتصار وتلاها معطيات من أرض المعركة ساهمت في إنجازه وكسر الحصار عن دير الزور، ويأتي في المقدمة منها الجانب المعنوي حيث حجم الصمود والإرادة والقيادة الحكيمة والشجاعة التي أدارت الصراع بكل جدارة، وهناك تصاعد وتيرة الإنتصارات لدى الجيش العربي السوري والقوى الحليفة، وفي المقابل الآخر حجم الإنكسارات التي مُني بها الإرهابيون والذل أصابهم بعد نقلهم بالطريقة المهينة من الحدود السورية – اللبنانية وبعلبك الى دير الزور بعد تجرعهم كأس الهزيمة على يد المقاومين والجيشين السوري واللبناني، وهذه الهزيمة كان لها وقعها في أعماق الإرهابيين.
وتشير أيضا الى أهمية الخبرات العسكرية التي تراكمت لدى أطراف محور المقاومة وتجاوزت المألوف على مدار السنوات السبع الماضية، وهي قدرات مكتسبة مدعومة بإرادة ووعي تمّ ترجمته في الميدان.
وفي أبعاد معركة دير الزور، أصبح ممنوعاً على المسلحين من الإرهابيين الإنتقال الى الرقة وهذا يعني التدمير النهائي، والمساهمة الروسية باستخدام صواريخ بعيدة المدى، أطلقت من البحر وحققت إصاباتها بدقة بالغة، هي رسالة أخرى للإرهابيين القادمين من الخارج، وأيضاً حسم المعركة هو رسالة بالغة لأميركا والكيان الصهيوني ولكل الدول الضالعة في دعم الإرهاب ومفادها: “أن محور المقاومة منتصر وسيلجأون لروسيا بوتين لإنزالهم من أعلى الشجرة”، والرسالة الأهم للعدو الإسرائيلي “لإعداد نفسه لمرحلة ما بعد انتصار سوريا وأنها ليست كما كانت قبل دخول دير الزور”.
لقد أثبت أبطال الجيش العربي السوري أنهم على قدر المسؤولية، وسيسجل لهم التاريخ “بأنهم صانوا الأمانة وسطّروا البطولات، فأثمرت تضحياتهم نصراً مدوياً على الفكر التكفيري الإرهابي المدعوم إقليمياً ودولياً”، وهذا النصر كما وصفه رئيس الجمهورية العربية السورية بشار الأسد وموجهاً رسالته للأبطال المقاتلين “صنتم الأمانة وكنتم خير قدوة للأجيال القادمة”، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وصف النصر في دير الزور في رسالته للرئيس الأسد “بأنه إنجاز إستراتيجي”.
وعلى طريق النصر نمضي بكل إرادة الحياة، ونبارك لسوريا رئيساً وشعباً ودولة هذه الإنتصارات على أرض سوريا، والنصر النهائي بات قريباً جداً، وهو نصر يليق بشعب أحب الحياة وقدّم التضحيات، والطريق أصبحت معبدة للعودة الى كل حبة تراب من طهر الأرض في سوريا الشموخ والكرامة.