القى رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير السابق وئام وهاب محاضرة في مدينة “حارم” في محافظة “ادلب” السورية، اكد فيها على ما قاله بعد حرب تموز بأن المقاومة العربية ستعمم، وبأن هناك عصر جديد في هذه الامة. وها هي اليوم غزة ثبتت ذلك. مشيراً الى الدور الاساسي الذي لعبته سوريا في نقطة التحول الاساسية في هذه المنطقة، بوقوف شعبها الى جانب رئيسهم الذي حمى المقاومات العربية في اصعب الاوقات. واعتبر ان غزة اليوم تثبت بأن الهزيمة التي زرعوها في رؤوسنا على مدى ستين عاماً ليست قدرا عربيا، بل يمكن ان تكون قدرا اسرائيليا .
واضاف وهاب: “منذ خمس سنوات، عندما اجتاح هذا المجنون الذاهب بعد ايام الى مزبلة التاريخ، العراق وارسل يومها وزير خارجيته كولن باول الى سوريا ليطلب من الرئيس بشار الاسد ثلاثة امور: الاولى تغيير سلوك النظام السوري – الثانية وقف الدعم للمقاومة اللبنانية وتحديدا حزب الله – الثالثة هو طرد قادة حماس والجهاد من دمشق. فيومها كان جواب الرئيس بشار الاسد بأنه ابن حافظ الاسد وليس هو من يخضع لشروطهم. وسلوك سوريا يحدده شعبها وليس هم، وان المقاومة اللبنانية ستبقى تحظى بدعم سوريا على كل الصعد.
وتابع وهاب: ولا افشي سرا اذا قلت بأن المقاومة في لبنان حاربت وانتصرت، وان الدبابات الاسرائيلية التي كانت تحترق في وادي الحجير وسهل مرجعيون وفي كل قرى الجنوب، كانت تحترق بصواريخ تطلقها سواعد المقاومين اللبنانيين ولكنها صواريخ سورية . وبالنسبة لقادة حماس والجهاد، قال الاسد يومها “لباول” ان هؤلاء الناس ارضهم محتلة والمكان الوحيد الذي سيخرجون اليه من سوريا هو فلسطين وليس اي مكان آخر. وتحمل الرئيس بشار الاسد خمس سنوات من الضغط والتهديد نتيجة هذه الجلسة. وما حصل في لبنان أتى كردّ على ذلك ايضا
اضاف وهاب: في الوقت الذي كان المطلوب من سوريا ان توافق وتنظّر لاحتلال العراق، لم يبق الا سيف عربيّ واحد في مواجهة كل هذه الحملة هو سيف بشار الاسد، فيما استسلم كل الوطن العربي وكانت السيوف الاخرى تهدى لجورج بوش وتستعمل للترحيب به، هذا الذي لم يكتف بقتل مليون عراقي ومسلم ويكمل في ايامه الاخيرة تغطيه عملية القتل اليومية في غزة، مؤكدأ على اهمية صمود سوريا في تحقيق كل ما وصلنا اليه، ومعتبراً ان وراء هذا الصمود عوامل عدة اهمها مسألة الامن الغذائي الذي حققه الرئيس المرحوم حافظ الاسد في سوريا، وهو ما اشارت اليه كونداليزا رايس في اجتماع احدى اللجان في الكونغرس الاميركي (لجنة الشؤون الخارجية)بعدم قدرة اميركا على تركيع هذه الدولة الصغيرة سوريا، حيث ردت السبب في ذلك الى ان “سوريا لا تأكل القمح من الولايات المتحدة الاميركية”. وهذه كانت السياسة العبقرية للمرحوم الرئيس حافظ الاسد الذي حسب الحساب حتى خمسين سنة الى الامام.
بدات الحملة على سوريا، وكان الاستهداف الحقيقي في كل هذه الحملة هو عروبتنا وقوميتنا كفكر. فكان المطلوب ان تغير سلوك نظامها وان توقف دعم المقاومة العربية، وان تقطع رأس المقاومة في لبنان. وقد حاولوا مقايضة الرئيس الاسد يومها بأن يبقى في لبنان ما شاء، بشرط واحد ان يقطع رأس المقاومة اللبنانية ورأس السيد حسن نصرالله. هذه هي المعادلة التي رفضها يومها الرئيس الاسد وحاولوا تدفيعه ثمن كبير لرفضها، فآتخذ القرار الاميركي – الفرنسي، ايام شيراك في لقاء “النورموندي” بإخراج سوريا من لبنان بطريقة “مهينة” ، فكانت عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري التي اعتبر، وبغض النظر عما ستقوله لجنة التحقيق الدولية التي تتلقى اوامر سياسية، بأن الولايات المتحدة الاميركية والمشروع الاميركي في الشرق الاوسط هو من اغتال رفيق الحريري. اما من نفّذ، فهذه تفاضيل. عندما صدر القرار الاميركي باغتيال الملك فيصل رداً يومها على قطع البترول عن الغرب نتيجة حرب 1973 ، نفذه ابن شقيقه. وعندما صدر القرار الاسرائيلي بقتل ياسر عرفات، حتما هناك احد من المحيط دسّ السم له وقتله. اذاً قرار اغتيال الرئيس رفيق الحريري كان اميركيا بامتياز، وكان المطلوب ان تدفع سوريا ثمن هذا القرار وهذه العملية، فحاولوا تركيب الملفات ولكنهم لم تصلوا الى نتيجة. في النهاية خرجت سوريا من لبنان وحاولوا اهانة جيشها بخروجه، حين تحدث بعض الاعلام اللبناني السيء الذي كانت تحركه السعودية والسفارة الاميركية في لبنان، عن بعض الممارسات الصغيرة في لبنان امام كل ما فعله الرئيس حافظ الاسد من اعادة بناء الدولة في لبنان ووقف الحرب الاهلية وحل الميليشيات وتوحيد الجيش، واعادة هيبة الدولة اللبنانية.
واضاف وهاب: كان المطلوب من كل ذلك ان تعاقب سوريا عن ذنب لم تقترفه في اغتيال الرئيس رفيق الحريري. واغتياله كان في سياق المشروع الاميركي للمنطقة. فعندما فشلت اميركا في العراق وعندما انطلقت المقاومة العراقية البطلة التي نوجه الف تحية لان لها الفضل في اطلاق الرصاصة الاولى على المشروع الاميركي في المنطقة منذ خمس سنوات ومنذ اليوم الاول للاحتلال الاميركي للعراق. عندما انطلقت هذه المقاومة العراقية بدأ المشروع الاميركي يترنح في كل المنطقة. ولكن كان هناك عقبة اساسية امام هذا المشروع حيث كان هناك ثلاث مقاومات في الوطن العربي توجه ضرباتها للمشروع، المقاومة العراقية واللبنانية والفلسطينية. وكانت سوريا هي عقدة الحل والربط بين هذه المقاومات الثلاث في الوطن العربي.
وتابع: هذا كان هو المشروع، وما حصل في العراق كان سيحصل في سوريا. فبفضل قرار القيادة السورية ووعي شعبها، وامام كل هذه الفوضى في المنطقة بقيت سوريا هي الدولة الوحيدة المستقرة. وبين خيار الفوضى العراقية والممانعة والاستقرار السوري، اتخذ الشعب السوري خيار الممانعة والاستقرار الى جانب قيادته. كما اخذوا قرار دعم المقاومات العربية من العراق الى لبنان الى فلسطين. وسيقول لنا خالد مشعل ماذا فعلت سوريا لغزة بعد ان تنهي الحرب عليها، كما قال لنا سماحة السيد حسن نصرالله بعد حرب تموز كيف دعمت سوريا المقاومة اللبنانية!!
واعتبر وهاب ان سوريا هي شريك في المقاومة التي تجري في غزة وليست داعم لها فقط. وهي شريك كامل لكل المقاومات العربية. وان سوريا راهنت على هذا الموقف منذ خمس سنوات ودفعت الثمن الكبير منذ ذاك الوقت، وحتما لن تترك هذا الرهان، والمقاومات على مستوى الوطن العربي بدأت بالانتصار. واكد وهاب على ان “لا الخيانة لها دين ولا القومية الوطنية لها دين”. والشهداء الذين يسقطون في غزة انما يحررون ارضا فلسطينية ولا يحررون “اصفهان”! ويقاتلون دفاعا عن اولى القبلتين وليس عن ايران وسوريا!! مستهجناً وهاب الحجج التي يطلقها البعض في لبنان بأن المقاومة الللبنانية “شيعية” وتعمل بأجندة ايرانية وما الى ذلك.
وتوجه وهاب للملك السعودي قائلاً: انت “ايها الملك” عندما تمثل امام يدي الله، ماذا ستقول له، اذا سألك ماذا فعلت للمسلمين ولامتك وللقدس؟! ستقول له ان خيرات الامة كانت تذهب الى مراكزالقمار في لاس فيغاس وكان وكل عواصم اوروبا؟! ماذا ستقول له عندما يسألك عما فعلته لاطفال فلسطين الجائعين ولنسائها وشيوخها؟! اين اهدرت اموال هذه الامة؟! هل ستقول له بأن دولتك خسرت ألفي مليار دولار في لعبة البورصة؟!
للرئيس المصري مبارك قال: أنت يا رئيس 70 مليون عربي، يا “كافور الاخشيدي” الذي تحاصر غزة اليوم، ماذا ستقول بين يدي ربك؟! هل ستقول انك حاصرت حجاج بيت الله الحرام على معبر رفح ومنعتهم من الذهاب لاعداد مناسك الحج؟! هل ستقول له ان رئيس حكومة منتخب، هو مسلم سني مؤمن، أذليته تسعة اعوام على معبر رفح، لان الضابط الاسرائيلي يمنعك من ادخاله؟!
ألم تشعر بالخجل انت يا صاحب المليارات، عندما خرج اسماعيل هنية ليقول: “سنأكل الخبز والزيتون ولن نستسلم”؟! فلسطين يكفيها خلال شهر مصاريف ليلة قمار واحدة! وانت غائب عن كل ذلك. وانا لا اعلم حتى الان ما اذا كان قد علم بأن هناك هجوماً اسرائيلياً على غزة، او ان وقته قد سمح له بأن يعرف بأن هجوما اسرائيليا بدأ منذ اكثر من اسبوعين على غزة!!
وتابع وهاب: اليوم، الكل قلق على غزة ويسأل ماذا سيحصل هناك؟ اقول لكم وقد التقيت منذ بضعة ايام بالاخوة في حركة حماس وطمأنوني. واطمئنكم بأن غزة تستطيع ان تستمر في المقاومة وقصف الصواريخ لاسابيع طويلة. نعم حجم الضحايا المدنيين كبير، ولكن بنية المقاومة لم تصب حتى اليوم بأي أذى. والمعارك الكبيرة سنشهدها عندما يبدأ الالتحام. فالاسرائيلي الجبان يتحاشى الالتحام مع المقاومة، لقد انتشر في بعض الاماكن التي كان يسيطر اصلا عليها عبر الطيران والبارجات الحربية ولكن حتى الان لم يستطع ان يدخل الى الاماكن التي توجد فيها المقاومة. استطيع ان اطمئنكم بأن صواريخ المقاومة ستبقى تطلق الى المدن الفلسطينية المحتلة حتى آخر يوم من المواجهة. وفي غزة هناك اكثر من 25 الف مقاتل بينهم مئات الانتحاريين الذين ينتظرون الاسرائيليين لدخول بعض الشوارع والاحياء، كي يؤكدوا لهم بأن حرب تموزكانت نزهة بالنسبة اليهم. فالمقاومة الفلسطينية استفادت من كل الثغرات في حرب تموز، والمقاومة اللبنانية كان لها الدور الكبير في مساعدة المقاومة الفلسطينية لسد هذه الثغرات والاستعداد ليوم مواجهة الذي كنا نعتبر جميعنا بأنه قادم.
هناك بعض المشاكل عند المقاومة وهي تتعلق بالمدنيين وبوضع المستشفيات وبعض الجرحى. وطبعا هذا القابض على السلطة في مصر ضميره ميت لا يتحرك . وهو بدأ يتحرك ويجب ان يلاحظ الجميع ذلك ولكن عندما بدأ الهجوم الاسرائيلي يراوح مكانه ووصل الى الطريق المسدود وبدأ العرب يتحركون ليس لانقاذ غزة ولكن للجهاز بالسياسة على ما لم يستطع ان يفعله الاسرائيلي في الحرب. بدأوا يحاولون استصدار قرارات بالمجيء بقوات دولية وما الى ذلك. ولكن قرار المقاومة واضح، لا قوات دولية لا ضبط للمعابر.
واضاف: نشهد اليوم بداية النهاية لاسرائيل. نعم، ستجدون في كلامي بعض المبالغة، ولكن من يعش سيرى ذلك. منذ خمسة وعشرين عاما المعركة كانت تجري في عواصمها وكانت كل النظرية الاسرائيلية تقول: “ارضك يا اسرائيل من الفرات الى النيل”. الان المعركة في قلب فلسطين. وعندما تصبح المعركة على ابواب المدن الفلسطينية، ستشهدون ما نقوله بأن اسرائيل اصبحت كياناً زائلاً. وحتما سيشاهد الكثيرون منا بداية زوال هذا الكيان الذي نعتبره غزواً جديداً يضاف الى غزوات الرومان والصليبيين والعثمانيين والفرنسيين وغيرهم على المنطقة، وفي النهاية جميعهم رحلوا ونحن بقينا. وهذا الوجود الصهيوني في المنطقة سينتهي حتماً بعد سنوات، والمنطقة ستعود لأصحابها. والكثيرون منكم سيصلّون في يوم قريب في المسجد الاقصى وكنيسة القيامة.
واعتبر وهاب ان المقاومة انتصرت سياسياً لأنها اليوم تحرك معها الشارع في كل العالم، لقد اعادت اسم فلسطين بعد ان نسيناه طويلاً، وبعد محاولات الغاء فلسطين من ذاكرتنا، وادخالنا في الشوارع والزواريب، والمذاهب والطوائف. الآن فلسطين والقدس توحداننا جميعاً. ولا احد بعد اليوم يملك قرار التنازل عنهما، وعادت غزة اليوم لتحيي فينا اياماً نسيناها عندما كنا نتحدث عن كل فلسطين، فأصبحنا نتيجة هذا النضال الرسمي العربي نتحدث عن طلب مناطق عدة داخل فلسطين، وهي مناطق حاولوا ان يعطونها للفلسطينيين مقابل اثمان كبيرة. ودفع يومها ياسر عرفات ثمن رفضه الاستمرار في مسلسل التنازلات التي لم تكن لتعيد ان لا القدس واللاجئين الى ارضهم، فما كان لاسرائيل الا ان اغتالته عبر بعض العملاء، فرحل عرفات دون ان يوقع بشكل نهائي على مسلسل التنازلات الذي كان قد بدأ مع “اوسلو”.
وختم وهاب حول وضع الشرق الاوسط بعد غزة ، وما ستفعله الادارة الامريكية الجديدة. فقال: كما كان وضع الشرق الاوسط بعد انتصار المقاومة في حرب تموز غيره قبل تموز، سيكون الوطن العربي بعد غزة غير ما كان عليه قبل غزة. وانا اكيد من هذه المعادلة وبأن كثيراً من النظم ستسقط نتيجة ارتدادات الزلزال السياسي الذي يحصل اليوم في غزة. مؤكداً على ان الافضل لكل الدول العربية وحتى لاسرائيل بأن تنتصر حماس في غزة، لأن انتصارها هو افضل الخيارات لهؤلاء العرب المتخاذلين، وللاسرائيليين وللاوروبيين ايضاً. فخسارة حماس في غزة ( لا قدر الله وهي شبه مستحيلة كخيار) ستطلق خيار المقاومة في كل العالم وخاصة في الوطن العربي. واعتبر بأنه، كما انهارت مدن ودفعت ثمناً كبيراً بعد حربي 1956 و 1967، حتماً بعد حرب غزة، كثيرون سيدفعون الثمن، وسيكون خياري المقاومة والممانعة هما المنتصرين على مستوى كل الامة.
اماعما سيفعله اوباما والادارة الامريكية الجديدة، اعتبر وهاب ان اياً يكن من يأتى بعد بوش لن يكون اسوأ منه! ودون ان نعرف شيئاً عن اوباما. ثم ان الولايات المتحدة تعرف بأن جورج بوش دفّعها ثمن سياسته، خراباً اقتصادياً وسياسياً، والاهم من كل ذلك خراباً اخلاقياً حيث ضرب كل القيم الاخلاقية للشعب الامريكي.
واضاف: بالنسبة لنا جورج بوش جعل من امريكا القاتل والظالم والسجّان، في غوانتانامو وافغانستان والعراق وغيرهم. وقد عجل في نهاية الامبراطورية الامريكية، وحتماً سيعجل في نهاية اسرائيل، مما يعني بأنه ودون ان يدري وفر علينا الكثير من السنوات. والادارة الاميريكية الجديدة، ايا يكن رجالاتها، ستكون امام واقع معين وستضطر للتعاطي معه. وهذا الواقع يقول بأنه كما ان للولايات المتحدة مصالح في المنطقة وتريد الحفاظ عليها، ايضاً لغيرها مصالح ولا احد يستطيع ان يسير بسياسة العصا، لا سوريا ولا ايران ولا لبنان ولا كل قوى الممانعة في المنطقة. ولا يمكن للادارة الامريكية ان تستبيح كل شيء كما فعلت في العراق. لذلك ستكون مضطرة، وخلال السنة الاولى من ولايتها، لمعالجة الوضع الاقتصادي وطبعاً عبر نهب المزيد من اموال وثروات الامة العربية.
ثم قام الوزير وهاب بزيارة الى بلدة كفتين في محافظة ادلب، حيث تحدث امام الحاضرين على الدور الريادي المقاوم لطائفة الموحدين الدروز، واكد على دعمهم الدائم لشعب غزة والقضية الفلسطينية وكل القضايا العربية المحقة، ووقوفهم الى جانب المقاومات العربية أكان في العراق ام في فلسطين او لبنان