بقلم عضو المكتب السياسي في حزب التوحيد العربي هشام الأعور
طالعنا السفير هشام حمدان، بمقالة رأي عن “الدروز في لبنان الى أين؟”، الصادر في صحيفة النهار (العدد ٢٦١٤٤ في ٨ كانون الأول ٢٠١٦)، أورد فيها جملة تساؤلات واقتراحات حول مستقبل دروز لبنان في ظل حالة الفوضى التي تجتاح دول عربية، وتخوف السفير حمدان من تحقيق حالة تقسيمية ينتج عنها “دويلة درزية” تشكل منطقة عازلة لـ “إسرايل” مع الدويلات “القادمة” في سوريا والمنطقة على حد قوله.
وحيث أننا نحترم تحليلات السفير حمدان ونظرياته في الحرب والسلام وشؤون المنطقة، لكن ما أورده من هواجس تتعلق بمستقبل دروز لبنان، وأسئلته التي توجه بها الى رئيس حزب التوحيد العربي الوزير وئام وهاب الذي يطالب اليوم بتصحيح التمثيل الدرزي في الحكومة المنتظر تشكيلها، وإعطاء حصة وازنة للدروز فيها، وغيرها من القضايا الأخرى التي طرحها السفير حمدان في مقالته الكريمة، هي التي دفعتنا ليس الى الرد عليه، وإنما للتأكيد على مشاركتنا معه بضرورة البحث حول مستقبل دروز لبنان والتحسس بهمومهم وتبديد هواجسهم، والرفع من معنوياتهم والرد عنهم كل أساليب الإقصاء والتهميش التي يتعرضون لها في قراهم وبيوتهم وأرزاقهم على أيدي المتزعمين عليهم والتخفيف من حالة الإحباط التي يعانون منها نتيجة السياسة الآحادية الخاطئة ورهاناتها الخاسرة.
نسارع لنقول إن مشروع المقاومة هو الذي يحمي الموحدين الدروز، كما بقية الطوائف في لبنان، فمشروع المقاومة هو الذي يمنع الحرب الأهلية في لبنان ويفوت الفرصة أمام الحالمين بالمشاريع الفيدرالية والتقسيمية وجر البلاد الى أتون الحروب الفتنوية.
لذلك فإن حديث السفير حمدان عن إمكانية قيام كيان واحد يشمل دروز لبنان وسوريا وفلسطين المحتلة، ويكون دوره الأساسي كحرس حدود لـ “إسرائيل”، هو في غير محله ولا يتناسب مع الدور التاريخي للموحدين الدروز في هذا “المثلث” المقاوم الذي يتمسك به الوزير وئام وهاب واعتباره منطلقاً للحفاظ على الهوية العربية للدروز، والتأكيد على دورهم القومي في الدفاع عن وجودهم وتاريخهم، لذلك نراهم اليوم يخوضون معركة العزة والكرامة ضد الجماعات التكفيرية المسلحة دفاعاً عن الأرض والعرض فيما وقف بعض المتشدقين يتفرجون على ما حل بأهلنا في جبل السماق من جرائم بشعة على أيدي التكفيريين طاولت المقامات الدينية ونبش القبور والإعتداء على الناس.
أما سؤالك سعادة السفير عن سرايا التوحيد “ولماذا الآن؟” فيبدو أن سؤالك بمحله لأننا تأخرنا كثيراً بالإعلان عن انطلاقتها كونها تشكل إطاراً مدنياً ورياضياً وكشفياً للشباب الراغبين بالإنخراط في العمل الاجتماعي والصحي والرياضي والبيئي التطوعي، وللرد على كافة المتغيرات التي قد تصيب قرانا وبيوتنا من كوارث طبيعية واندلاع الحرائق في الغابات والمساهمة في الحفاظ على بيئة نظيفة وغيرها من النشاطات التي تمت بصلة الى طباع أبناء الجبل الغيورين على قراهم وأهلهم، ودرء عنهم كل المحن والمصائب والأزمات، مع تأكيدنا لك، سعادة السفير بأن سرايا التوحيد سلاحها هو العزيمة التي لا تقهر، وأبناءها مستعدون لبذل الغالي والنفيس إذا ما طلبت منهم المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية ذلك دفاعاً عن الوطن ودرءًا للمخاطر المحدقة به.
أما سؤالك عن “الحمية” كما وصفتها والتي ذكرت بأنها استفاقت عند الوزير وهاب للمطالبة بمقعد وزاري سيادي، فإننا نسألك هل يعتبر هذا المطلب الوطني جريمة يحاسب عليها مَن يسعى لأبناء طائفته في بلد الطوائف والمحاصصات بمقعد وزاري أسوة ببقية الطوائف، وأنت العالم بالدور الكياني لدروز لبنان الذين يعتبرون أحد المؤسسين للكيان اللبناني الى جانب موارنة لبنان؟
هل تقبل يا سعادة السفير أن نكون مواطنين درجة ثانية في وطن نبحث فيه مع أمثالك من المثقفين والمنتورين والمتحررين من قيود الإقطاع والتقليد والرجعية الى بناء نظام سياسي على أساس المواطنة الحقيقية وخلق عدالة اجتماعية بعيداً عن كل أساليب الإقصاء والتهميش والحرمان مما يعيد “للبنان بريقه” الذي نحلم به.
سعادة السفير إن طائفة الموحدين الدروز أنجبت كمال جنبلاط الذي نقدره ونحترمه، ولكنها أيضاً أنجبت الكثيرين أمثال شكيب وهاب وغيره من الأحرار والشرفاء والمقاومين، ولكن العتب دائماً على التاريخ الذي يكتب أحيانا بأقلام مزورة.