ما أشبه اليوم بالأمس، نستلهم الهمم من رفاق الدرب المعمّد بدماء الشهداء، من أبطال المقاومة الإسلامية، الأخوة المجاهدين في “حزب الله”، ومن مسار البطولة والفداء والوعد الصادق، رحلة كفاح طويل وملحمة بطولة وفداء ونهج مقاوم، وفي محصلة الإنتصارات، استطاعت المقاومة بكل ما تملكه من عزيمة وإيمان بعدالة القضية، أن تحقق ما عجز عنه آخرون من “عرب” الردّة الذين اكتفوا بالشعارات الرنانة في لعبة خداع وتزييف واضح هدفه الإبقاء على كراسي عروشهم والقيام بدور هدام من خلال عمالتهم وارتباطهم المباشر بدوائر الدول الاستعمارية المتصهينة.
في حرب تموز المجيدة عام 2006، استطاعت المقاومة الإسلامية التي يمثلها الأخوة المجاهدين في “حزب الله” أن تدخل التاريخ من بابه الواسع وضربت مثالاً أصبح نبراساً لكل التواقين الى مقاومة أعداء أمتنا من الصهاينة وداعميهم، وكان انتصاراً هاماً أثبت بأن جدارة الحياة تستلزم تقديم التضحيات وبأن القوة المدعومة بالحق وبعدالة القضية هي المنتصرة، هذه المعادلة أثبتها أبطال المقاومة في “حزب الله” الذين كسروا هيبة الجيش الصهيوني ومرّغوها في الوحل، وسقطت نظرية الردع التي طالما تشدّق العدو بها وبالتالي فشلت أهداف العدوان التي أريد منها خلق الشرق الأوسط الجديد، الذي أراد منه الأميركي الهيمنة على المنطقة الى أجل مسمى والقضاء على المقاومة الإسلامية التي يمثلها الأخوة المجاهدون في “حزب الله”، ومن ثم فشل العدو الصهيوني الذي أعطي وقته الكافي للقيام بمهمته من قبل الجانب الأميركي آنذاك.
لم تأتِ حرب تموز التي استمرت 33 يوماً من فراغ، هي من باب صراع الإرادات على مستوى المنطقة، وقفت المقاومة تدافع عن قضايا أمتها وعن كرامة الإنسان فيها، وسبق الحرب الإجتياح الأميركي للعراق عام 2003 والتهديدات الأميركية التي استهدفت سوريا بما تمثله آنذاك من دولة ممانعة والداعمة للمقاومة في لبنان وفلسطين.
لم تفلح التهديدات الأميركية أمام عظمة القيادة السورية وشجاعتها وحكمتها والتي أدركت مدى الهجمة التي تستهدف دول المقاومة والممانعة للمشروع الأميركي – الصهيوني وأدواته في المنطقة وبالتالي تصفية القضية الفلسطينية نهائياً، وإفساح المجال لدول التطبيع أن يعملوا بالعلن تحت مسمى المبادرات المشبوهة التي أريد منها دفع الجانب الفلسطيني لتقديم التنازلات المجانية للعدو دون مقابل بذريعة التسوية.
كان انتصار المقاومة الإسلامية في حرب تموز مدوياً وأثبت مدى الترابط العضوي الذي يجمع قوى المقاومة في أمتنا “من سوريا وإيران وفلسطين ولبنان”، وبعد مرور سنوات على حرب تموز 2006، مازالت حاضرة في وجدان كل غيور من أبناء أمتنا، وفي وعي جميع مَن يؤمن بخيار المقاومة وجدواها.
خرجت المقاومة من الحرب بمعادلة جديدة وهي بذلك ترسخ القيم الأصيلة وتؤسس للمراحل اللاحقة، وظهر “حزب الله” بمقاومته، قوة جديدة يعتز بها كل مناضل شريف، وهي التي أضافت قدرات جديدة كان لها ما بعدها، جعلت العدو وداعميه يعيدون حساباتهم من جديد ويتعلمون من دروس الحرب تلك.
بالتأكيد مازالت مفاعيل حرب تموز سارية المفعول وتزداد تأثيراتها وحصادها، لذلك ليس من باب الصدفة أن تستهدف سوريا بمؤامرة دولية أنتجتها القوى الإستعمارية المتصهينة وأدواتها في المنطقة العربية، وأن توجه التهديدات لإيران التي وقفت الى جانب المقاومة بكل السبل المتاحة وكان إلتزامها يوازي التكليف وبذلك غدت مواقفها بمثابة الداعم القوي لقوى المقاومة في أمتنا.
إنه إعتزاز وفخر ومثال أن تتوحّد قدرات المقاومة في أمتنا من خلال وقفة العز والكرامة والوفاء بالوفاء، وكان الوعد الصادق في كل مكان كما أعلنه سيد المقاومة سماحة أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله، أنه لشرف عظيم أن يتوحّد الدم والقبضة الواحدة في مواجهة الأعداء مهما اختلفت أشكالهم ومنابتهم، وفي أمتنا هناك مَن يستحق التضحية في سبيله.
هكذا تعلمنا المقاومة من لبنان الى فلسطين وصمود سوريا وبسالة جيشها في مقاومة الهجمة التي تستهدفها، وستبقى المقاومة سيفاً ورمحاً في وجه الأعداء، وهم وعدوا ولهم منا كل الوفاء.