مع اجراء الانتخابات البلدية في طرابلس الأحد المقبل تُطوى صفحة الإنتخابات البلدية والإختيارية في كل لبنان بعد اجراء الانتخابات البلدية في مختلف المحافظات بالاضافة الى الإنتخابات النيابية الفرعية في جزين وفوز مرشح التيار الوطني الحر امل ابو زيد لتثبت ان المواطن اللبناني متعلَّق بالديمقراطية أيا تكن الظروف والاعتبارات وأن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق نجح بشكل كبير في ادارة العملية الانتخابية بأعلى درجات الحياد والنزاهة.
مشاكل كثيرة بانتظار المجالس البلدية المنتخبة وفي طليعتها معضلة النفايات، إما على مستوى كل بلدة وحدها وإما من خلال اتحادات البلديات ، فقد اثبتت أزمة النفايات ومساوئها الصحية المنتشرة في كل مكان ان البلديات لم تكن جاهزة للمعالجة، وهي مازالت عاجزة عن مكافحة هذا الوباء المستشري في كافة المناطق اللبنانية وهذا الخطأ يجب الا يتكرر، خصوصا انه كان من نوع الأخطاء المميتةالتي جعلت من الدولة عاجزة وفاقدة للمصداقية امام مواطنيها. دون ان ننسى عملية الاهتمام بالبنى التحتية حيث ان البلدية يجب ان تكون عونا وليس عبئا على المواطن الذي مازال يعاني من كثرة الحفر على الطرقات واعمال الورش غير المنجزة التي تساهم الى حد كبير في تفاقم مشكلة الازدحام لا سيما في العاصمة بيروت ، ومعالجة مسألة السرقات في المولَّدات الكهربائية الخاصة، فالمطلوب تنظيمها وفق قدرة المواطن وليس وفق جشعع اصحاب هذه المولدات والتواطؤ مع عدد من رؤساء البلديات.
ومن البلديات الى الانتخابات النيابية الفرعية التي اثبتت مرة اخرى وبعد فوز مرشح التيار الوطني الحر امل ابو زيد في جزين عن عدم شرعية المجلس الحالي وعن الجدوى من بقاء نوابه الممددين لانفسهم وعجزهم عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟
يقود هذا السؤال الى الاستنتاج ان المعطيات تؤشر الى ان انتخابات الرئاسة ليست في القريب العاجل، على رغم كل محاولات التقارب والتقريب بين القوى والاحزاب السياسية لكن في نهاية المطاف تبقى القطبة المخفية لقضية الشغور الرئاسي ليست في الدهاليز اللبنانية بل هي في عواصم خليجية وغربية لم تُفرج عنه حتى الآن.
والى ان تتم عملية الافراج، فإن كرسي الرئاسة في قصر بعبدا ستبقى في قبضة الظروف الاقليمية والدولية التي لم تُفرج عنها بانتظار التسويات المرتقبة وفي طليعتها الازمة السورية،
مع ذلك فهناك مخاطر جمة تخيّم على المشهد اللبناني ، وهذه المخاطر يبدو انها تتخذ دائرة الاتساع والتمدد ومن هذه المخاطر تلك الأضرار التي لحقت بلبنان من جراء الكم الهائل من النازحين السوريين التي قدّرها البنك الدولي بنحو 17 مليار دولار.
وإذا ما أضيفت قيمة هذه الأضرار الى ما يعاني منه لبنان من ازمة المديونية العامة فإن لبنان يرزح تحت عبء حوالي مئة مليار دولار، فأيُّ حاضر يعيش به اللبنانيين وأي مستقبل بانتظارهم؟
لقد دخل اللبنانيون في صراع الوقت ، وربما لهذا السبب سارع رئيس الحكومة تمام سلام الى تركيا للمشاركة في القمة الإنسانية العالمية في اسطنبول، وسيطرح موقف لبنان من عبء النازحين، ولكن يا دولة الرئيس ما الجدوى من هذه المؤتمرات التي لا تدعو الى التفاؤل خصوصا ان ازمة النازحين تستفحل فيما القدرة اللبنانية تنحسر.
وبالعودة الى المعطيات غير المشجعة التي بدأت تتجمّع في أفق الازمة السورية،من مصير محادثات جنيف الغامض وعجز القوى الدولية عن اعادة طرفَيها الى الطاولة، الى أعلان وزير الدفاع الروسي ان موسكو اقترحت على الائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، البدء بشن غارات جوية مشتركة في سوريا ضد فصائل من الجماعات التكفيرية المسلحة التي لا تلتزم وقف النار ومنها “جبهة النصرة”، في حين نفت واشنطن وجود “اي تعاون أو تنسيق مع الروس في شأن أي عمليات في سوريا”، ما يثبت ان التصعيد سيكون سيد الساحة ، وبالتالي، فان “حزب الله” سيعدّ صفوفه للمشاركة في أي جولات قتالية مقبلة، وهذا ما اكد عليه سماحة السيد حسن نصرالله من خلال تهديده “لاسرائيل” في محاولته لارساء قواعد اشتباك جديدة بين الجانبين “خارج مزارع شبعا ايا تكن التبعات”.
في ظل هذا المشهد المعقد ،من المستبعد ان يخرج الستاتيكو اللبناني عن حالة الجمود التي تحكمه، والتي ستكون متسمة باضرار واسعة اضافية خلال اشهر الصيف المقبلة، حيث تبدأ الازمات الاجتماعية والاقتصادية تشكل نقطة الضعف الخطيرة المتصاعدة التي ستحاصر الجميع وسط عجز حكومة سلام عن كسر اي من حلقات الدائرة المفرغة الكبيرة التي تدور فيها البلاد.