ما تقوم به العصابات الإرهابية من تصعيد عسكري في مدينة حلب وريفها، يعطي دلالة واضحة بأن إدارة العدوان والأزمات في عالمنا العربي مازالت مصرة على إستمرار حالة الدمار والفوضى الى حين وصولاً الى إفشال مساعي التفاوض في جنيف برعاية روسية وأميركية ومظلة الأمم المتحدة عبر مبعوثها الى المنطقة.
والتصعيد الذي تقوم به قوى الإرهاب التكفيري لا يشمل ساحة واحدة وإنما يمتد من حلب الى اليمن والعراق، وهذا يشير الى أن رأس الفتنة واحد، ومؤشرات ما يجري تعطي دلالة واضحة، بأن العدوان المبرمج هذا لم يعطِ نتائجه المأمولة تلك التي راهن عليها حكام السعودية، لذلك يستمرون في تقديم المزيد من الدعم المالي والتسليح وتصعيد الصراع وتعميم الخراب والدمار في كل الإتجاهات، والعمل على تسويق الحقد والجهالة والعمالة والإرتزاق كي يصبح ذلك حالة صعبة ومدمرة، وهذا يقودنا الى نتيجة مفادها، أن مفاوضات جنيف لن تصل الى حل، وبالتالي هناك مَن يعطل أي إمكانية لتسوية ما وهذا دليل فشل وإنهزام في الميدان وفي السياسة، وفي المحصلة هذا المشروع التدميري الممول من نفط “العرب”، تمّ إلحاق الهزيمة به في سوريا والعراق واليمن، وفي قاع إنهزامهم يحاول أصحاب المشروع التدميري، تكريس إتصالاتهم بالعدو الإسرائيلي لمحاربة قوى المقاومة في أمتنا.
ويبدو أن أعداء سوريا من “عرب النفط والغاز” قد قامروا بكل مقدرات الأمة وثروات الأجيال، بدافع حقدهم وجهالتهم، وأضاعوا البوصلة تماماً، نسوا فلسطين قضية الأمة جمعاء، وهم بذلك لا يفقهون، دفعهم طيشهم الى الإعتقاد بأن مرتزقتهم قادرة على إستلام السلطة وحكم البلاد، فقدوا وعيهم وأصبحوا لا يدركون حقيقة أعمالهم والى أين ستقودهم!؟
والسؤال، ما موقع هؤلاء عند أسيادهم الأمريكان؟، يكفي هنا أن نسلط الضوء على حديث المرشح للرئاسة الأميركية الملياردير دونالد ترامب في حديث مع قناة “أن.بي.سي” الذي وصف السعودية “بالبقرة الحلوب، التي تدر ذهباً ودولارات بحسب الطلب الأميركي”، وطالب النظام السعودي “بدفع ثلاثة أرباع ثروته كبديل عن الحماية التي تقدمها القوات الأميركية لآل سعود داخلياً وخارجياً”، وقال ترامب “إن هذه البقرة الحلوب، متى جفّ ضرعها ولم تعد تعطي الدولارات والذهب، عند ذلك نأمر بذبحها أن نطلب من غيرنا بذبحها وهذه حقيقة يعرفها أصدقاء أميركا وأعدائها”، وخاطب ترامب النظام السعودي قائلاً: “لا تعتقدوا أن المجموعات الوهابية التي خلقتوها في بلدان العالم وطلبتم منها نشر الظلام والوحشية وذبح الإنسان وتدمير الحياة ستقف الى جانبكم وتحميكم فهؤلاء لا مكان لهم في الأرض إلا في حضنكم وتحت ظل حكمكم، لهذا سيأتون إليكم في كل مكان وسينقلبون عليكم ويومها يقومون بأكلكم”.
وعن حقيقة الدور السعودي في المنطقة وارتباطه بالعجلة الأميركية ومشاريعها قال ترامب: “السعودية لولانا لما وجدت وما كان لها أن تبقى”.
واجهت سوريا ومعها قوى المقاومة في أمتنا ما يُدبّر للمنطقة من مشاريع وفتن وحروب، وسوريا هذه حاضنة المقاومة في لبنان وفلسطين والداعم الأساسي لكل حركات المقاومة في مواجهة أعداء أمتنا وقوى الظلم والإستكبار العالمي، ومحور المقاومة لن يقبل بأقل من إنتصار كامل في الصراع الدائر.
لم تتحقق أهداف الأعداء من حربهم، أرادوا من معركة حلب أن تتحول الى قضية رأي عام دولي بعد أن أشعلوا النيران وخرقوا الهدنة المفترضة، وهذا دليل إفلاس، وفي هذا المجال سلّط وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف الضوء على حقيقة ما يجري في شأن الهدنة الأخيرة في حلب، وإنتقد واشنطن في مقابلة مع وكالة “أسبوتنيك” قال: “إن واشنطن سعت الى إدراج “جبهة النصرة” في الهدنة”، وهاجم لافروف “المعارضة التي تطلق على نفسها صفة المعتدلة”، وقال: “أن لديه “شعوراً بأنها تتعمد البقاء في المواقع التي تسيطر عليها “جبهة النصرة” لتغطيتها من الضربات أو لإفشال الهدنة”.
وفي الواقع تعترف “المعارضة” بأن خيارها العسكري قد سقط وأصبح معدوماً بعد أن ضاق هامشها السياسي منذ أن تغيّرت موازين القوى لمصلحة سوريا والقوى الحليفة لها، وأصبحت الحرب على الإرهاب محل إجماع عالمي.
بالتأكيد المواجهة الحقيقية قادمة كما وصفها سيد المقاومة سماحة أمين “حزب الله” السيد حسن نصرالله بقوله “المعركة الكبرى في حلب ومنطقتها قادمة لا محالة عن المواجهة”.
ودعا سماحته “الى المزيد من الحضور في الميادين والساحات العسكرية والأمنية والساحات السياسية، وهذا يعني أن الجبهات مترابطة من حلب الى اليمن والعراق”، ويستمر الصراع حتى تحقيق النصر النهائي على الأعداء.