بعد زيارته الرياض وحضوره إجتماع قمة مجلس التعاون الخليجي، أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما في حديث صحفي الى محطة تلفزيون (BBC) البريطانية: “إنه سيكون من الخطأ إرسال قوات برية الى سوريا أو كل ما تستطيع بلاده أن تفعله، هو ممارسة ضغوط على المستوى الدولي على الأطراف في الساحة السورية، للجلوس الى مائدة المفاوضات”.
واللافت هو تأكيد أوباما “أن الحل العسكري وحده لن يسمح بحل المشكلات على المدى البعيد في سوريا”، هذا الكلام لم يأتِ من فراغ فهو رسالة واضحة لكل مَن راهن على حسم الصراع باستخدام القدرات العسكرية الأميركية وهو موجه أساساً الى حكام مجلس التعاون الخليجي.
ما قاله الرئيس أوباما يأتي منسجماً، مع تصريحات سابقة وهو كان واضحاً منذ بداية ولايته الأولى، وتأكيده “على عدم التورط عسكرياً في الشرق الأوسط والإنجرار الى حرب فيها”، وهذا أيضاً ما أشار إليه في مقابلته لمجلة “أتلانتيك” الأميركية وأكد: “أن دولاً خليجية تريد “ركوباً” مجانياً على ظهر أميركا”، ونصح تلك الدول بالتوصل الى سلام بارد مع إيران.
أما وزير الخارجية الأميركية جون كيري وفي معرض ردّه على “معارض” سوري في إجتماع في لندن عندما طالب الأخير بضرورة التدخل الأميركي وحسم الحرب في سوريا لصالح ما يسمى معارضة عسكرية، رد كيري بكل قوة وعفوية وردة فعل واضحة: “هل تريدني أن أدخل في حرب عالمية مع روسيا من أجلكم؟”.
ويسألون عن أهداف الأميركي في المنطقة وكأنهم لا يعرفون الحقيقة: تتطلب المصالح الأميركية في الشرق الأوسط وجود دول تابعة بحيث تكون مجرد أداة تخدم المصالح الأميركية والغربية في المنطقة، الكيان الصهيوني الأداة الكبرى ورأس الحربة في المنطقة وهي ثكنة إستعمارية متقدمة في المنطقة وهي مصلحة إستعمارية، ويهم الساسة الأميركيون في المنطقة أولاً تعظيم الأرباح وتقليل الخسائر وتاركين لغيرهم دفع الأثمان، لذلك أشعلوا الحرائق في المنطقة وتركوا للوكلاء وللأدوات دفع الأثمان وبقي رهانهم على عامل الوقت لإستنزاف قدرات الدولة السورية ومعها قوى المقاومة وهم ينتظرون.
الأسئلة كثيرة، والسؤال الملح على ماذا يراهن حكام الخليج في مرحلة ما بعد الرئيس أوباما؟! وهل سيتغيّر الوضع في حال فوز رئيس أميركي جمهوري بالرئاسة من بعده؟ من أمثال “دونالد ترامب” الذي قال: “يجب أن تدفع السعودية لأميركا ثمن حمايتها”.
وما يسمى “معارضة” على شاكلة “الهيئة العليا للمفاوضات” ومقرها الرياض، لم يكن مفاجئاً إنسحاب وفدها من مفاوضات جنيف، مثل هذه مازالت تحلم بأن تقوم الطائرات الأميركية بقصف دمشق على غرار ما فعلته في العراق وليبيا وأفغانستان وهي لم تتعلّم الدرس بعد، لكن أسيادهم في واشنطن تعلموا الدرس جيداً، ولم يستفد الأميركي من لعبة الوقت بعد أن إعتقد أن الجيش العربي السوري سيستنزف خلال فترة من الزمن.
هذا لم ولن يحدث، بل زاد التدخل العسكري الروسي ورفع أوباما الراية البيضاء وطالباً السلامة وهو يُعلن صراحة أنه يتجنب خوض حروب الآخرين، ويعترف صراحة أنه إرتكب أكبر خطأ في حياته عندما تتدخل في ليبيا.