اذا ما سمينا الاشياء بأسمائها ، يمكن القول أن «حزب الله» حسم كفاية موقفه ، في الموضوع الرئاسي، المستفحل شغوراً منذ أكثر من عام ونصف، بتأييد ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية .
حصل هذا الحسم في اطلالات الامين العام لحزب الله ، حتى وفي كلمته الأخيرة في ذكرى «القادة الشهداء» لم يتجاهل السيد حسن نصرالله الموضوع الرئاسي ، عندما واصل الهجوم على المملكة العربية السعودية، ووسعه إلى حد اتهام آل سعود بتخريب المنطقة ودعمها للجماعات المسلحة في سوريا والعراق واليمن .
بالنتيجة، نحن امام معضلة حقيقية تتعلق بظاهرة العائلة الحاكمة في السعودية نفسها، ومشكلة “الوهابية” في الداخل، ومصادرتها قرار شريحة واسعة من السعوديين ، وتدخلها العسكري في اليمن ، وتمويل الجماعات الارهابية في سوريا، وتخريبها لعلاقات العرب مع الجمهورية الاسلامية في ايران ، وتعطيل انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، من خلال الضغط على وكلائها من كتل نيابية بعدم السماح بجلسات الانتخاب طالما هناك خطر وصول رئيس لا يرضى عنه “آل سعود” ثم، مع حصر الترشيح بمن يرضى “آل سعود” عنهما،وبحجة اشتراط اجماع كل المرشحين على واحد دون آخر، ولا داعي للاستعجال!
ولكن سرعان ما انتقلت سياسة التعطيل السعودية الى مجلس الوزراء والتي عبر عنها باستقالة وزير العدل اشرف ريفي من حكومة الرئيس سلام زاعما بوجود «طرف مسلح يهيمن على قرار الحكومة»، في اتهام صريح لـ»حزب الله» “باستعماله الحكومة اللبنانية في سياق ترسيخ مشروع دويلته”!
الجهة المسؤولة عن الشغور الرئاسي وتعطيل الحكومة اضافة الى أغلب القضايا السياسية والعسكرية في لبنان هي بالطبع “آل سعود” الذين فرضوا وجودههم على الدولة والكيان اللبنانيين ووظفهما في مواقفهم، بدءاً من تدخّلهم العسكريّ المباشر في الحرب الدائرة في اليمن دعماً ل”داعشط ، مروراً بانخراطهم العضوي في تنفيذ خطط “اسرائيل” السياسية والعسكرية في سوريا والبحرين والعراق، وليس انتهاء بتجميدهم لانتخاب رئيس للبنان، وقيادتهم اليوميّة لتفاصيل الحراك السياسي والأمني هناك والتي شكلت عودة الحريري الى لبنان أحد المؤشرات الكبيرة عن سياسة التخريب “لآل سعود” لفي لبنان، ومنطقة المشرق العربي.
بالمحصلة النهائية لقد اصبحت السعودية أداة تنفيذية في لعبة اميركية – غربية – تركية – تكفيرية كبرى للسيطرة على المنطقة، تُهدر فيها أرواح العرب على أحلاف ملتبسة، تتآكل، فيها القضية المركزية التي كانت تحمل معنى رمزيّاً لا يمكن إنكاره، والتي كانت تحفظ “لآل سعود” بعضاً من المصداقية التي زعموا بها ، على مدار السنين، في الضمير الشعبي العربي الكاره، بدون تحفّظ، لإسرائيل.