ضمان أمن الكيان الغاصب في فلسطين المحتلة واستمرار حمايته، وضمان مصالح الشركات العالمية الكبرى العابرة للقارات والمتعددة الجنسية، وضمان مصالح لوبي السلاح ولوبي النفط واللوبي الصهيوني، بهذه المصالح كافة وغيرها أدير ويدار أبرز ملفين في المنطقة تحديدًا، هما ملف البرنامج النووي الإيراني، وملف إعادة رسم خريطة المنطقة عبر ما سمي “الربيع العربي”.
ومن ينظر إلى طبيعة التحرك الغربي بقيادة الرئيس الاميركي اوباما وطريقة إدارة ملفي الأزمتين لن يحتاج إلى عناء جهد لاستنتاج أن تلك الأهداف هي المحرك والدافع نحو إنجاز الملفين معا.
فلم تضف السياسة الإسرائيلية في شكلها ومضمونها جديدًا إلى الطبيعة العدوانية لكيان الاحتلال الغاصب، لكنها كشفت بكل وضوح أن الولايات المتحدة والغرب عامة، والأدوات والوكلاء من الانظمة الخليجية والتنظيمات الإرهابية يعملون من أجل تلك الأهداف الآنفة الذكر، وبخاصة ضمان أمن “اسرائيل”، بل إن العربدة الإسرائيلية لم تكشف مدى الابتزاز الإسرائيلي الممارس فحسب، وإنما تسلط الضوء على الأقل على ما كان مستترًا أو أريد ستره من علاقات حميمية مستجدة ، باستعراضات مفضوحة في عدد من المراحل يبدو أن الظروف استدعتها آنذاك.
ولذلك وأمام الحرص الاميركي – الاوروبي ، وحرص قوى ووكلاء خليجيين وأدوات ارهابية أفرزها “الربيع العربي” على خدمة سياسة كيان الاحتلال الإسرائيلي ومشروعه في المنطقة، لم يكن مثيرًا للدهشة إعلان المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس أن تطبيع العلاقات بين بلادها والجمهورية الاسلامية في ايران مرهون باعتراف القيادة الإيرانية بحق “اسرائيل” في الوجود، مؤكدة لنتنياهو في أعقاب المشاورات الألمانية ـ “الإسرائيلية”، في برلين: “دائمًا ما سيتم توضيح ذلك للغاية في كل المحادثات التي سيجريها وزراؤنا أو التي ربما أجريها أنا”.
وليس مستغربًا ايضا أن يتزامن هذا الإعلان مع ما صرح به احد المسؤولين الاتراك أن “تركيا و”إسرائيل” أصبحتا “قريبتين” من التوصل إلى اتفاق حول تطبيع علاقاتهما الدبلوماسية المتأزمة” منذ عدوان جنود “اسرائيليين” على أسطول الحرية التركي الذي كان متوجهًا إلى غزة في 2010.
تزامنا أفادت وسائل إعلام تركية أن وفدي البلدين باشرا في الأيام الأخيرة جولة جديدة من المفاوضات بعيدة عن الأضواء في جنيف.
واللافت أن هذين التطورين جاءا بعد مضي يومين على تسريب الاستخبارات الإسرائيلية مزاعم عن أن حزب الله نصب منصات رادارات صواريخ مضادة للطيران الحربي الإسرائيلي، ما يعني أن طياري سلاح الحرب الإسرائيلي لن يتمكنوا من التحليق فوق الأجواء اللبنانية، في الوقت الذي تحاول فيه إفرازات ما يسمى “الربيع العربي” من أدوات وتنظيمات تكفيرية و إرهابية وقوى وكيلة وتابعة انتهاك السيادة السورية وخرق القانون الدولي، وتشعر بالانكسار والخيبة بعد الهزة العنيفة التي احدثها السوخوي ومنظومة (أس 400) والطرادات القاذفة للصواريخ العابرة، في محاولة لتجميع القوة ورص الصفوف والمواقف للمضي قدمًا فيما بدأوه من تآمر ضد دول المنطقة وخاصة سوريا.
لكن في المقابل يبرز هذان التطوران اللافتان (الألماني والتركي) تخلي الانظمة الخليجية عن فلسطين القضية المركزية للعرب ومصداقية محور المقاومة في الدفاع عن هذه القضية، ودعم الشعب الفلسطيني ودعم مقاومته الوطنية ، بعد ان غدت القضية الفلسطينية بالنسبة لبعض قوى العربان عرضًا من عروض التجارة والسمسرة في سوق النخاسة والتبعية.
إنه أمر يثير الأسف لدى أي مواطن عربي كان يحسن الظن في مواقف القادة الأوروبيين والأميركيين والإقليميين وبعض العرب، ويأخذ تصريحاتهم بالتسوية السلمية لمشكلات المنطقة على محمل الجد، وحديثهم عن دعم شعوب المنطقة ومساندتها حتى تحقيق تطلعاتها.