يوماً بعد يوم يتأكّد لكل ذي بصيرة، أن تركيا العثمانية بكل ما تمثّله من تخلف وهمجية، هي المصيبة الكبرى والداء الخطير الذي ساهم في إضعاف العرب لقرون عديدة، ورغم ذلك يحاول بعض “العرب” التمسك بضعفهم وهوانهم ولم يكتفوا بأكثر من 400 عام من الإنفصال عن التاريخ والحضارة، ونرى اليوم “دول عربية” تتحالف مع الشيطان التركي من أجل تحقيق مآرب ذاتية ستعود بالويل على قضايا الأمة جمعاء، ألم يتذكروا بعد أو أنهم فقدوا ذاكرتهم!؟.
تركيا العثمانية هذه تحتل أرضاً عربية وكردية وأرمنية ويونانية وتصادر هويتها القومية، فأين بعض العرب من حكام ارتبطوا بالعجلة الأميركية، وهم يرون الهوية القومية وهي تُهمّش وتُحارب خدمة للصهيونية والمشاريع المتأمركة والممولة بقدرات الأمة من نفط وغاز؟ ولماذا كل هذه الحروب التي تُشن على أمتنا وعلى سوريا والعراق ولبنان وأطراف محور المقاومة؟ أليس في هذا خدمة للكيان الصهيوني والمساهمة في تمييع الهوية القومية في الهويات الفرعية التي تساعد هيمنة أميركا ومَن معها على منطقتنا.
بكل تأكيد، سيبقى المشروع القومي مفتاح نهوض المنطقة بأسرها، أما تهميشه فهو مفتاح الإنحطاط، لذلك فالهدف الأسمى اليوم يتمثّل في تفكيك تركيا، عضو حلف “الناتو” والمتطبعة مع الكيان الصهيوني على حساب مصالح أمتنا.
وتركيا هذه التي تحتل أراضي الغير، ولا يمكن فصل تفجير الطائرة المدنية الروسية في سيناء عن المصلحة التركية بتعزيز السياحة التركية على حساب السياحة المصرية، ولا يمكن أن نفصل الغدر التركي باستهداف الطائرة الحربية الروسية في شمال سوريا وهي تقوم بمهام قصف العصابات المسلحة من “داعش” وأمثالها، ما يعني أن التصرف التركي يصب في مصلحة مشروع دعم “داعش”.
وعلى يقين، نقول، بأن روسيا لن تسكت عن تصرف تركيا الأهوج، وحانت ساعة الحقيقة للبدء بتفكيك هذا النموذج التركي “الداعشي” الذي يهدد مستقبل أمتنا ليعيده الى عصور الإنحطاط والظلام في إنفصال جديد عن تاريخ من شأنه أن ينهي تطلعات شعوب المنطقة نحو حياة أفضل بعيداً عن الهيمنة الأميركية والعثمانية الجديدة المتصهينة، والملايين من العرب وغيرهم ينتظرون مَن ينقذهم من الغيبوبة التركية التي ليست لبوس الإرهاب التكفيري الذي يهدد كل جميل في حاضرنا ومستقبل أجيالنا.
وتؤكّد الأحداث بما لا يدعُ مجالاً للشك، بأن منطقتنا العربية تشهد تفجراً ذاتياً له أسبابه الذاتية والموضوعية وله عوامله الإجتماعية والسياسية والاقتصادية والإيديولوجية، ويضاف الى ذلك موقع منطقتنا الهام في خريطة العالم ولهذا تأثيره الكبير والهام في السياسة الدولية، وهذا الموقع يؤخذ في حسابات اللاعبين الكبار واستراتيجياتهم، وأحداث المنطقة تثير حساسية الأطراف الدولية والإقليمية المختلفة ومن هنا سخونة الصراع الدائر.
لقد ساهمت فوائض النفط والغاز في محاولة بعض “العرب” للعب دور تابع وفي مجمله خدمة للكيان الصهيوني ولتركيا العثمانية وبما يخدم السياسة الأميركية وهيمنتها في المنطقة، لذلك ظل الموقف الأميركي غامضاً وملتبساً ومضللاً للبعض، وظهر هذا في محاربة الإرهاب حيث جعل من هذا الهدف مجرد مسرحية أميركية.
لذلك كان دخول روسيا الى ساحة الصراع لتؤكّد أن ساعة الصفر تقترب لتصفية الإرهاب وهزيمة جميع المشاريع الأميركية وأدواتها العثمانية، وليس غريباً محاولات تركيا لخلط الأوراق في المنطقة وتأجيج للنيران المسعورة في أكثر من مكان، وفي المؤامرة الإقليمية والدولية نرى التداخل والإرتباط والمصالح على تنوعها.
وفي الشرق الأوسط الجديد، تختلط المفاهيم ويتكاثر المستثمرون في الإرهاب، بعد أن فشل “مبدأ الفوضى الخلاقة” أو تخلّت عنه الإدارة الأميركية لصالح أدواتها في المنطقة، لتأتي حادثة إسقاط الطائرة الحربية الروسية وهي تعني بأن الحقيقة أصبحت واضحة كل الوضوح وتشير بأن الصراع ينتقل الى مستويات أعلى والمنطقة في ذروة الصراع والآتي أعظم.
بكل تأكيد إنها بداية النهاية للمشاريع الأميركية وأدواتها الصهيونية والعثمانية في المنطقة.