أثبتت التجارب والأحداث طوال السنوات القليلة الماضية وما قبلها، أن سوريا هي بوابة النصر وعنوان كرامة الأمة وملتقى الأحرار في العالم في مواجهة الظلم الاستعماري وفي محاربة ظلام الجهل ووصفات التبعية والإرتهان، سوريا كانت واضحة في تاريخها المجيد وفي المرحلة المعاصرة من خلال رؤيتها وتشخيصها لطبيعة الصراع في المنطقة وامتداداته الدولية.
سوريا تستهدف لأنها امتلكت من القدرة والجرأة على توصيف ما يجري في المنطقة، وقدّمت له العلاج المناسب من خلال مواقفها الوطنية والقومية المشرفة وصدق تحالفاتها في مواجهة الرجعية، أداة الإستعمار في قديمه وحديثه.
إستطاعت سوريا بصمودها وحكمة وشجاعة قيادتها وبسالة جيشها وصدق تحالفاتها وتدشين قلعة الصمود والتصدي بمحور مقاوم، أثبتت أنه القادر على الوقوف في وجه القوى الرجعية المتصهينة وإفشال مخططاتها وعلى ردع العدو الصهيوني ومنعه من جعل المنطقة ملعباً لغطرسته وأحلامه.
وسوريا ليست وحدها، معها أحرار العالم ورواد الحضارة، وثبت هذا بالدليل القاطع بعد عاصفة العزم الروسية التي خلطت الأوراق في المنطقة وعلى كافة المستويات السياسية والعسكرية والإقتصادية، والمواقف الروسية بمشاركتها المباشرة في الصراع الدائر في المنطقة، غيّرت كل المفاهيم السابقة من خلال تصديها للإرهاب بجميع ألوانه ومسمياته، وهذا له تأثير مباشر في صناعة معادلات جديدة في المنطقة وصولاً الى التأثير الرادع على الولايات المتحدة وحلفائها.
أحد أهم نتائج العزم الروسي والصمود السوري هو إذعان الأطراف الدولية والإقليمية التي دعمت الإرهاب بشكل عملي وتظاهرت بمحاربته، واستعدادها للبحث في مخارج وحلول والتراجع عن الإستثمار في الإرهاب، وقدّمت تلك الأطراف ما تسميه “تنازلات” من خلال قبولها بالدور الروسي القيادي في سوريا والتواجد الفاعل في منطقة الشرق الأوسط، وأعربت عن استعدادها للتعاون والتكاتف العسكري والإستخباراتي في الحرب على “داعش”، وسحبت شروطها المسبقة المتعلقة بقراءاتها لأسس حل الأزمة في سوريا ودعم مؤسسات الدولة كجزء من الحل.
وعملياً استطاعت روسيا وسوريا وجميع أركان محور المقاومة، من فرض أجندتها وأولوياتها على مسرح الأحداث، من خلال التوافق على أن الصراع في المنطقة أصبحت أولويته محاربة الإرهاب وسحقه.
لكن الخطوات الروسية الواضحة في الميدان، تقابل بازدواجية أميركية يتمّ ترجمتها من خلال محاولتها تقديم أطنان من السلاح وإنزاله جوياً في مناطق تواجد المسلحين من “داعش” و”النصرة” وغيرها، هذا يعني أن الدعم الأميركي هدفه الإستمرار في الحالة الراهنة ومدها بالوقود اللازم.
وفي المقابل كانت هناك مباحثات “فيينا” الأخيرة، وحضور روسيا وأميركا والسعودية وتركيا، التي جاءت بعد التواجد الروسي القوي في المنطقة وتحت تأثير مفاعيله المباشرة، والإتفاق على أولوية محاربة الإرهاب، يعني أن روسيا وسوريا يربحان الحرب، حيث يستمر الجيش السوري في تطهير سوريا من الإرهاب.
إن الوجود الروسي الفاعل في المنطقة يمثّل نقطة فاصلة في مشاريع أنابيب الغاز “القطرية – التركية” عبر سوريا، وهذه المشاريع تمّ دفنها مرة واحدة، وبدأ العد العكسي لنهاية المسرحية الهزلية بعد أن انكشفت الأوراق.
ويربح بالنقاط مَن يعمل لهزيمة الإرهاب وسحقه، وهذا يعني أن المشروع العدواني الذي استهدف المنطقة قد بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة.