دخلت روسيا الإتحادية ساحة الصراع في منطقة الشرق الأوسط ومن البوابة السورية بالتحديد، وهدفها محاربة الإرهاب وتأمين الإستقرار في المنطقة ومنعها من الإنزلاق الى دوامة العنف والدمار، وهذا ينقل روسيا الى مرحلة متقدمة فاقت كل التوقعات.
والموقف الشجاع غيّر جميع الحسابات والرهانات التي عملت على الإستفراد في المنطقة وشن الهجمات البربرية بأدوات إرهابية بهدف الهيمنة على المنطقة بأسرها، وترسيخ سيطرة القطب الآحادي على العالم والمنطقة خصوصاً.
إن الدخول الروسي متقدماً الصفوف في محاربة الإرهاب “الداعشي” وأمثاله قلب الطاولة على الكثيرين من أولئك الذين حاولوا الإستثمار في الإرهاب لتحقيق أهداف سياسية، وكشف زيف الموقف الأميركي وإدّعاءاته بأنه يحارب الإرهاب.
إختار الجانب الروسي المكان والزمان والموقف الحكيم للإمساك بزمام المبادرة والتحكّم بسير الأحداث بغير ما تشتهي القوى التي تآمرت على سوريا، وبهذا تعود روسيا الى المنطقة بقوة وتستعيد دورها التاريخي في حفظ السلم العالمي والوقوف الى جانب قضايا الشعوب التواقة الى التخلص من الهيمنة الأميركية والغربية في المنطقة.
واليوم يقف العالم أمام محطة هامة وفاصلة تاريخية، استطاعت فيها موسكو من خلال زعامة الرئيس فلاديمير بوتين أن تفرض وجودها على نحو غير مسبوق في العقود الأخيرة، وبذلك تعود روسيا الى مسرح الأحداث الدولية بقوة وفي رسالة بالغة الى الولايات المتحدة ودول الغرب الإستعماري، بأن صفحة الأعوام الثلاثة المنصرمة طُويت مرة واحدة سواء في أوكرانيا أو في دول البلقان على الحدود الروسية مباشرة، واستطاع بوتين بذلك فرض وجود بلاده وحقق أهم أهدافها، وهو الحضور الفاعل في المشهد السياسي في أكثر أماكن العالم أهمية.
لقد شعرت روسيا بمدى الهجمة التي تستهدف سوريا طوال الأعوام الماضية، وظهر جلياً التورط التركي في دعم الجماعات الإرهابية أمثال “داعش” من خلال تقديم الخدمات اللوجستية والتدريبية والاستخباراتية، ومحاولة أنقرة السيطرة على المنطقة وتغيير المعادلات القائمة من خلال تدخلها في شؤون دول الجوار ومنها سوريا والعراق، تراودها في ذلك أحلامها العثمانية.
إلتقط الرئيس الروسي بوتين فرصته المناسبة عندما كان العالم كله يراقب ما يجري في المنطقة، لم يتردد في إقدامه ليوجه صفعة قوية للإدارة الأميركية التي سمحت لوكلائها في المنطقة بالعمل على إثارة حالة عدم الإستقرار والفوضى بما يخدم المركز الإمبريالي في واشنطن ويؤمن ظروف أفضل للكيان الصهيوني ليستمر في تهويده للأرض الفلسطينية وتصفية قضية الشعب الفلسطيني وقوى المقاومة في المنطقة مرة واحدة من خلال تغيير سلم الأولويات في المنطقة والعالم.
نحن اليوم أمام محطة تاريخية هامة ستترك آثارها وتداعياتها على المنطقة والعالم لعقود طويلة، وفي أوج الصراع، نقول، ستنتصر قضايا الحق والعدل وستنهزم قوى الظلم والظلام الى غير رجعة.