غيّرت سوريا الموازين الإقليمية في مقاومتها الإرهاب، وأسقطت الهجمة الشرسة التي رتّبت لها جهات إقليمية ودولية استخدمت الأدوات الإرهابية كوسيلة للوصول الى أهداف سياسية.
أراد الأعداء استثمار عدوانهم عن طريق إضعاف سوريا وتفتيتها تمهيداً للسيطرة على المنطقة وفرض الهيمنة الإستعمارية عليها وجعلها نموذجاً للشرق الأوسط الجديد الأميركي الذي جرى تسويقه منذ نحو عقدين من الزمن.
صمود سوريا ومقاومتها جعل منها قبلة الأحرار في أمتنا والعالم، ويساهم في فتح صفحة جديدة مشرقة في النضال ضد الهيمنة بكافة أشكالها، وسمح لها بإرساء معادلات جديدة في المنطقة بأسرها، ولم تعد الصراعات لعبة في يد قوى إقليمية خدمت الأجندات الإستعمارية والصهيونية، إذ أن انتصار سوريا ومعها محور المقاومة في أمتنا رسّخ البعد الدولي للصراع وهي نتيجة سياسية هامة في مضامينها سيتم البناء عليها لسنوات طويلة.
إن خروج سوريا من الأزمة الراهنة معافاة قوية، بدأت مؤشراته تتضح وهي تترافق مع النجاحات التي تحققت في الميدان، وهذا ما فاجأ الأعداء والأدوات الإرهابية، ودفع الجانب الأميركي والسعودي لإغلاق نافذة الفرص المتاحة لإيجاد مسار مقبول لحل سياسي سعت إليه روسيا الدولة الصديقة والحليفة لسوريا، لذلك تمّ دفع العامل التركي الى الواجهة في تموز الماضي من خلال صفقة سمحت للأميركي باستخدام قاعدة “أنجرليك” تحت ذريعة محاربة إرهاب “داعش”.
في هذا الوقت كانت العين الروسية تراقب وبدقة ما يجري في المنطقة، وبعد أن إنفضّ جمع العصابات والمجموعات الإرهابية التي فشلت في تحقيق أهداف العدوان.
قُرع جرس الإنذار في الكرملين بعد أن أعدّت الخطة لإستهداف سوريا بعدوان “تركي – أميركي” وكل الإحتمالات كانت واردة بعد مسلسل الفشل الذي رافق أعداء سوريا.
وكانت روسيا جاهزة وتحرّكت على المسرح الدولي وعلى قاعدة ثابتة رسّخها صمود سوريا، وأدركت بأن الوقت قد حان لإرساء توازنات دولية، وتأكيد صدقية تحالفاتها وحفاظها على مصالحها الإستراتيجية في الجوار الجغرافي وما بعده، وهي فرصة روسيا الثمينة لتحدي النظام الدولي آحادي القطبية، عبر خلق مواقع جيو- سياسية جديدة، واعتبرت أن تواجدها في المنطقة هو من أولويات الأمن القومي الروسي.
إن الوجود العسكري الروسي في المنطقة، هو رسالة لسوريا هدفها تعزيز صمود سوريا وانتصارها وهو موقف تاريخي يأتي في سياق دعم جهود سوريا في الحرب على الإرهاب، وتأكيد حرصها على عودة الإستقرار الى المنطقة وإيجاد مسار حل للأزمة السورية بما يعزز قدرات سوريا ودورها وإفشال المخطط التركي – الأميركي لإقامة منطقة عازلة تكون بمثابة إنجاز لأعداء سوريا ولصالح النفوذ الأميركي.
فشل الأعداء وفوتت روسيا الفرصة عليهم وأثبتت بذلك بأنها الصديقة الوفية لتحالفاتها وساهمت بشرف في إفشال الحرب الكونية ضد سوريا.