في تاريخها شواهد حية تروي حكاية البطولة والفداء والإلتزام بالقيم الوطنية والقومية، وهي على الدوام تعرف مسارها نحو المجد والرفعة وسبيلها صحة الرؤية ونبل الهدف والإقدام.
لذلك ما هانت سوريا وما لانت وهي الساعية بإرادة صلبة، لتبقى مثالاً في عهدها ووعدها، واختارت المقاومة أملاً لحفظ كرامة الأمة وكانت السباقة في ساحة المواجهة عندما عجز الآخرون ورضوا بالهوان سبيلاً، لذلك استحقت جدارة الحياة وهي تعمل من أجل بزوغ فجر جديد في تاريخ أمتنا.
سوريا قاومت وانتصرت في تصديها البطولي للهجمة الإرهابية وحققت إنجازات هامة على طريق قبر المشاريع المتأمركة التي راهنت على تغيير سريع في التوازنات الإقليمية والدولية وتصفية القضايا العربية في “بازار” تديره الدول التابعة والملحقة بالأجندة الأميركية.
وفي الوقائع الماثلة ومن قلب الحدث وفي عواصم القرار ومراكز الثقل الدولية، هناك جملة من المؤشرات بدأت تتضح، وفي الطريق ذاته ستضع الحرب أوزارها، وستكون سوريا ركيزة الأمن القومي العربي، وستتحول توازنات المنطقة والعالم منها إلى رعاية جديدة وبعيدة عن الرعاية الأميركية المتصهينة.
روسيا اليوم في قلب الحدث، موقفها المبدئي وصمود سوريا وفعلها المقاوم أوصلاها (روسيا) الى مركز الثقل العالمي والى توازنات جديدة، وهناك علاقات ورؤى جديدة يتم نسجها: فإعادة بناء علاقات مصرية – سورية على أسس جديدة هدفها محاربة الإرهاب ومواجهة الواقع الصعب من خلال رؤية واحدة، وهذه العلاقة من شأنها تعزيز استقرار العراق، وذلك بعد هزيمة لغة المذاهب والصراعات الطائفية الهدامة، وفي المحصلة هناك توازنات إقليمية تولد في المنطقة، حوّلها الصمود والنصر الى نقطة إرتكاز للأمن القومي العربي.
سوريا غيّرت العالم بانتصارها، وأثّرت في توازنات القوى الإقليمية والدولية، وهذا لم يأتِ صدفة، وفي وقت تواجه الحقبة النفطية حالة من الإنهيار بسبب هبوط أسعار النفط والغاز، وتعاني السعودية إنهيارات قتالية وأصعبها وأكثرها تأثيراً، العدوان على اليمن الذي فشل في تحقيق أهدافه المعلنة وغير المعلنة، وبذلك تدفع السعودية ثمن عدوانها أضعافاً مضاعفة وتداعيات ذلك بدأت بينما خارطة المنطقة يعاد تشكيلها من جديد وعلى ضوء نتائج الحرب على الإرهاب التي بدأت تأخذ منحى مختلفاً كلياً عما أراده المشروع الأميركي وأدواته من استثمار في الإرهاب واستغلاله لتحقيق أهداف رخيصة بأقل الأثمان ولكن على حساب أهل المنطقة مادياً ومعنوياً وبشرياً.
بدأت ساعة الحقيقة والدول التي تآمرت على سوريا بدأت تدفع الثمن، وسنوات التخريب الديني والمذهبي وتخريب غير مسبوق في السياسة والإقتصاد والإرتباط الأعمى بالعجلة الأميركية، قادت بعض الدول مثل السعودية الى الضياع.
لقد ثبت بالدليل القاطع، أن أميركا ليس في أجندتها ما يشير الى محاربة “داعش” وأمثالها، بل هناك عملية ضبط لإيقاعها وتوليفها لخدمة الأهداف الأميركية، ودليل ذلك، التصريحات الأميركية التي تشير الى أن الحرب على “داعش” تحتاج لسنوات وأميركا وتركيا لا تتعرضان لإرهاب “داعش” بل تبحثان في إمكانية التعاون والتقاطع معها وهذا ما حصل في الميدان، وبعيداً عن مسرحية “التحالف الدولي” لمحاربة الإرهاب.
وثبت أيضاً أن أميركا لا يهمها في المنطقة سوى مصالحها، وليس لها رؤية لقضايا المنطقة سوى ما تراه “إسرائيل” والمحافظين الجدد بضرورة تدمير المنطقة وتفكيكها عبر الحروب الأهلية التي تديرها نظم التبعية والإرتهان التي أصبحت تعاني من تراكم أزماتها وتداعيات حروبها التي بدأت تقودها الى الإنتحار الذاتي فيما لو استمرت على نفس المنوال، وهذا يقودنا الى النتيجة الواضحة، بأن أميركا هُزمت في منطقتنا على أيدي المقاومين وصمود سوريا يستكمل النصر ويبشر بمرحلة جديدة مختلفة بعد أن فشلت المؤامرة الكونية على العالم من خلال استهداف سوريا وما تمثله.
إنها مسألة وقت، ستشهد المنطقة تغييراً نوعياً، وسيعود مشروع التحرر الوحدوي كرافعة ستساهم في نهوض المنطقة العربية بغير ما يشتهي الأعداء وأدواتهم.